كتبت دوللي بشعلاني في صحيفة “الديار”:
بات واضحاً أنّ الخلاف بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النوّاب نبيه برّي لا يتوقّف عند توقيع مراسيم منح الأقدمية والترقيات للضبّاط بقدر ما هو سياسي وأكبر من ذلك بكثير يهدف الى تثبيت موقع كلّ من الرجلين.
غير ان اوساطا بارزة تجد ان الصراع بين الرئيسين عون وبري لا يصل الى حدّ كسر ايّ منهما للآخر، الا ان المشكلة التي انفجرت بينهما مرجحة للاستمرار في العام المقبل، واشارت الاوساط الى ان هذه المشكلة لن تشكل ازمة مستمرة بل سوف تحلّ ولا يبقى لها ايّ ذيول سيئة على الوضع الداخلي في البلاد.
واكد ان مرسوم منح سنة اقدمية لضباط دورة العام 1994 او ما يُسمى بـ«دورة عون» يحتاج الى توقيع وزير المال، لان اعطاء السنة الاقدمية يعني ترقية عقيد الى عميد، وهناك 19 ضابطاً من دورة 1994 سيرقون من رتبة عقيد الى رتبة عميد، وهذا سيرتب اعباء مالية، والقول ان ترقيتهم لا ترتب أعباء مالية قول مردود لان ما قام به وزير المالية دستوري وفق المراجع الدستورية، وبالتالي فان الوزير خليل يقوم بواجباته وهو مؤتمن على المالية العامة وفق ما ينصّ عليه الدستور اللبناني.
وتقول الاوساط انه اذا استمر الوزير خليل على موقفه من رفض توقيع مراسيم الترقية بحجة انه لم يطلع على مرسوم منح سنة اقدمية، فان العمل بالمرسوم سوف يتوقف لانه لا يمكن صرف المبالغ المالية المترتبة عليه من دون توقيع وزير المال، حيث حصلت مخالفة دستورية لعدم احالته المرسوم الى الوزير الخليل ليوقعه، كون اي مرسوم يرتب اعباء مالية يجب ان يوقعه، لذلك هو على حق من حيث موقعه من الناحية الدستورية واكدت الاوساط ان الذي يتحمّل تأخير اعلان الترقيات هي الجهات التي وقعت على المرسوم.
وبعد ان رفضت قيادة الجيش تسلّم المراسيم التي ردها الوزير خليل الى وزارة الدفاع بعدما رفض توقيعها، وطلبت اليه عبر الوزير يعقوب الصراف تقديم اجوبة مكتوبة عن الاسباب والظروف التي تبرّر هذا القرار، تؤكد مصادر دستورية ان الوزير الصراف ارتكب خطيئة مميتة عندما طلب اجوبة مكتوبة، لانه لا يحق لوزير الدفاع دستورياً ان يطلب اجوبة خطية من وزير المال، فلا سلطة عليه دستورياً، بل السلطة تعود الى مجلس الوزراء مجتمعاً، حيث يعرض المرسوم على المجلس الدستوري لتفسيره وهو الجهة الوحيدة التي تفصل في القضية.
واكدت المصادر الدستورية ان وزير المال ليس مرؤوساً من وزير الدفاع، ومن حق وزير المال ان لا يوقع، واعتبرت المصادر ان الصراف ارتكب الخطأ الاكبر والمميت عندما وجّه كتاباً خطياً الى وزير المال يطلب منه شرح اسباب عدم توقيعه على المرسوم.
وعن كيفية حلّ هذه المشكلة بين الرئيس عون وبرّي، أوضحت أنّه بإمكان الحريري ممارسة الصلاحيات المنوطة به في هذا السياق. وتشير المعطيات الى أنّه سيتدخّل قريباً للتقريب في وجهات النظر بين وزيري الدفاع يعقوب الصرّاف والمال علي حسن خليل انطلاقاً من صلاحياته التي وردت في «اتفاق الطائف» لا سيما ما نصّت عليه الفقرة 7 من المادة 64 التي تقول بأنّ رئيس الحكومة «يُتابع إعمال الإدارات والمؤسسات العامة ويُنسّق بين الوزراء ويعطي التوجيهات العامة لضمان حسن سير العمل». وفي حال لم ينجح بذلك إذا ما أصرّ الطرفان على موقفهما، بإمكانه طرح المسألة على طاولة مجلس الوزراء بهدف التوصّل الى حلّ قانوني لها.
أمّا العلاقة بين عون وبرّي التي غالباً ما تتأرجح بين المتوتّرة والجيدة، فتشير المعلومات الى أنّها ستكون أفضل في المرحلة المقبلة، انطلاقاً من أنّ الرجلين يحرصان على دولة المؤسسات والقوانين. كما أنّهما لا يقبلان بأن تؤدّي المناكفات السياسية الى وقف استفادة الناس من حقوقها.