كتب يوسف دياب في صحيفة “الشرق الأوسط”:
مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المقررة في السادس من (أيار) المقبل، بدأت الأحزاب اللبنانية ترتيب أوراقها وتنظيم تحالفاتها، تحضيرا للاستحقاق الذي يتوقع كثيرون أن يحمل مفاجآت، بالاستناد إلى القانون الجديد الذي يعتمد النظام النسبي للمرّة الأولى في تاريخ لبنان.
وأمام الغموض الذي يحجب الصورة الحقيقية لما ستكون عليه نتائج الانتخابات المقبلة، تتهيّب قوى سياسية مما ستحمله صناديق الاقتراع، ولذا تعكف هذه القوى على دراسة تحالفاتها على قواعد جديدة تخدم مشروعها الهادف إلى تأمين أكثرية نيابية في البرلمان، سواء على ضفتي قوى «14 آذار» و«الثامن من آذار»، التي ستخوض غمار الانتخابات بشعارات مختلفة عن تلك التي طرحتها في دورتي 2005 و2009 بسبب تبدّل الظروف والتفاهمات واختلاف الخطاب، عدا أن التحالفات لم تعد على حالها، خصوصا بعد التسوية التي أوصلت العماد ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية.
ولا تقلل القوى المتمثّلة في الحكومة، من تأثير القوى المعارضة لخياراتها السياسية والوطنية، وقدرتها على خوض الانتخابات بعناوين سياسية قادرة على استمالة الناخب، لذلك فإن حساباتها ستكون دقيقة جداً، وفق تعبير قيادي بارز في تيار «المستقبل»، الذي أكد لـ«الشرق الأوسط»، أن هناك «نقاشات ومشاورات تدور على مستوى القيادات العليا لدى كلّ القوى السياسية لبلورة صورة التحالفات المقبلة». وأوضح أن «البحث في هذه التحالفات يجري بناء على مصلحة هذه القوى، لأن المنطق السياسي غير موائم هذه الأيام، بل منطق ماذا يكسب كل حزب من نواب».
وشدد القيادي في تيار «المستقبل» على أن «التحالفات ستجري في كلّ منطقة على حدة، بحيث إن كلّ منطقة لها حيثياتها ونكهتها». وأضاف: «حتى الآن لم تتضح بعد خريطة التحالفات، وطريقة تشكيل اللوائح وتوزيع المقاعد»، لافتا إلى أن «النقاشات تدور وفق دراسة دقيقة لقوة وحجم ومدى تأثير كل حزب في هذه المنطقة أو تلك، وعلى مبدأ الربح والخسارة»، مشيرا إلى أن «القوى السياسية ستعيد قراءة ظروفها الانتخابية قبل موعد الانتخابات بشهر أو شهرين كحدّ أقصى».
وتتفاوت الاندفاعة الانتخابية بين حزب وآخر، وفق ظروفه وقوته التمثيلية، حيث أعلن رئيس جهاز الإعلام والتواصل في حزب القوات اللبنانية، شارل جبور، أن «العد العكسي للانتخابات بدأ اعتبارا من اليوم (أمس)، عبر البحث الجدي في التحالفات وخوض الاستحقاق من ضمن الاستراتيجية السياسية التي نؤمن بها، سواء بالترشيحات أو التحالفات». وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن حزب القوات اللبنانية «سيخوض الانتخابات بمشروع سياسي واضح المعالم، ونعتبر أن قانون الانتخابات الجديد أعطى لكل صوت مكانته، وألغى المحادل والبوسطات، وننظر إلى الانتخابات باعتبارها محطة للتغيير وتشكيل مشروع وطني ركيزته الأساسية السيادة وقيام الدولة الفعلية ومحاربة الفساد».
وشدد جبور على أن القوات «منفتحة على معظم القوى السياسية التي تتقاسم معنا الأفكار والمشروع السياسي». ورأى أنه «من الصعب الآن تأكيد أو نفي التحالف الانتخابي مع تيار المستقبل والتيار الوطني الحرّ، وهذا الطرف أو ذاك، لكننا منفتحون على حلفائنا الثابتين، الذين نتلاقى معهم على قواعد السيادة، والاتصالات مفتوحة لبلورة هذه القناعات».
من جهته، كشف القيادي في التيار الوطني الحرّ، النائب السابق سليم عون، أن «الاجتماعات بدأت ضمن المرحلة الأخيرة من الورشة الانتخابية، للبحث في التحالفات وإعداد اللوائح الانتخابية». ورجّح أن «تتضح الصورة خلال 10 أيام». واستبعد أن يكون هناك «تحالف انتخابي عريض يشمل كل المناطق، إذ إن لكل منطقة خصوصيتها، وبالتالي التحالفات ستخضع لاعتبارات مناطقية؛ الخطوط العريضة والخيارات العامة». وشدد على أن تحالفات التيار الحرّ لن «تخرج عن ثوابت ورقة التفاهم مع (حزب الله)، كما أن الاتفاق العميق مع تيار المستقبل والمستمر منذ عامين، يتم تمتينه في إطار مشروع موحد لبناء دولة حقيقية».
وأشار عون إلى أنه ورغم الاهتزاز الذي أصاب العلاقة مع «القوات» مؤخرا، فإن الفريقين يحرصان على المحافظة على ورقة «إعلان النوايا»، ولن يقبلا بالعودة إلى الوراء، وبالتالي سيتم تذليل العديد من العقبات في مناطق كثيرة، وإن كانت ستبقى هناك عقبات تحول دون إتمام تحالفات معينة في مناطق محددة. وأضاف: «علينا ألا ننسى أن بين الفرقاء الثلاثة المذكورين هناك مشكلات متعلقة فيهم، ما يجعل قيام تحالف عريض بينهم صعبا ومستبعدا».