كتبت بولا أسطيح في صحيفة “الشرق الأوسط”:
لا يزال الخلاف بين رئيسي الجمهورية العماد ميشال عون ومجلس النواب نبيه بري حول ملف مرسوم ترقية ضباط من دورة 1994 يكبّل المشهد السياسي في لبنان ويهدد العمل الحكومي؛ نظرا لإصرار الرئيسين على مواقفهما، وفشل الوساطات الخجولة التي نشأت خلال فرصة العيد بتحقيق أي خرق يُذكر في جدار الأزمة، وإن كان السجال الذي اندلع الأسبوع الماضي انحسر إلى حد كبير في الأيام المنصرمة.
وتقتصر المساعي التي تُبذل حاليا لرأب الصدع على رئيس الحكومة سعد الحريري الذي فعّل حركته أمس بمحاولة لتقريب وجهات النظر بين عون وبري، تمهيدا لاحتواء الأزمة قبل جلسة الحكومة المرتقبة غدا الخميس. وفيما أكدت مصادر رئاسة الجمهورية أن الأزمة لا تزال قائمة بخصوص المرسوم، نافية لـ«الشرق الأوسط»، أن يكون أي طرف فاتح الرئيس عون بصيغة ما للحل، قالت مصادر مطلعة على الحراك الحاصل على خط بعبدا – عين التينة (مقرّي الرئاسة الأولى والثانية): «إننا لا نزال في مرحلة احتواء الأزمة ولم ننتقل إلى مرحلة المعالجة»، لافتة إلى أن «وقف عملية التصعيد الإعلامي بين الرئاستين من شأنه أن يسرّع باحتواء هذه الأزمة تمهيدا لحلها». وأشارت المصادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «البحث حاليا يتركز على نقطتين، إيجاد المخرج المناسب للمأزق الحالي وترتيب نظام مستقبلي للتعامل مع أوضاع مماثلة».
وأضافت: «الجهود المبذولة حاليا تقتصر على الرئيس الحريري، من منطلق أن (حزب الله) في وضع حرج، وهو لا يريد أن يقف في صف أحد حلفائه ما سيؤدي لاستياء الآخر، لذلك يترك الأمور تسلك مسارها الرسمي والدستوري ويتابع عن كثب حراك الرئاسة الثالثة».
وتعتبر المصادر أن «أي حل للأزمة لا يمكن أن يقفز فوق المرسوم الذي وقعه رئيسا الجمهورية والحكومة والذي يطالب الرئيس بري بأن يوقعه وزير المالية»، مشيرة إلى أن «وضعه الحالي يُعتبر نهائيا وإن كان لم ينشر بعد في الجريدة الرسمية». وقالت: «الرئيس عون ليس على الإطلاق بصدد التراجع عن موقفه أو عن المرسوم، لأن في ذلك ضربا لهيبة الرئاسة الأولى».
ويُقابل تمسك عون بموقفه، قرار في «عين التينة»، مقر بري، برفض أي مخرج للأزمة لا يشمل إحالة المرسوم إلى وزير المالية لتوقيعه. وهو ما عبّر عنه النائب في كتلة «التنمية والتحرير» التي يرأسها بري، علي خريس، مشددا على أن لا حل بعيدا عن مضمون الدستور والمادة 54 التي تؤكد وجوب توقيع الوزير المعني على المراسيم. وقال خريس في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «المشكلة ليست لدينا على الإطلاق وإنما في رفض البعض تطبيق الدستور، وإذا سكتنا اليوم فقد يمعنون غدا بخرق الدستور وهو ما لا يمكن التهاون معه».
وإذ شدد خريس على أن «الاحتمالات مفتوحة للتعامل مع الأزمة»، خاصة أن مقربين من الرئيس بري كانوا قد لوحوا بمقاطعة الوزراء المحسوبين عليه جلسات مجلس الوزراء، اعتبر أن «حزب الله» كان قد عبّر بوقت سابق عن موقفه من الأزمة حين شدد على لسان أحد نوابه على وجوب تطبيق الدستور.
من جهته، قال القيادي في تيار «المستقبل» مصطفى علوش، إن «الرئيس الحريري يحاول ابتكار طريقة لتقريب وجهات النظر بين الرئاستين الأولى والثانية، لكن شكل الوساطة التي يقوم بها ونتائجها لا تزال غير واضحة حتى الساعة». واعتبر علوش في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «ما يهم الحريري هو إنتاجية الحكومة خاصة بعد تلويح وزراء (أمل) في وقت سابق، بتعليق عملهم في مجلس الوزراء». وأضاف: «التسوية تبقى أفضل الحلول، ونتوقع حلا على الطريقة اللبنانية».