رأى متابعون في حديث لصحيفة “العرب” اللندنية إن التململ السعودي تجاه السلطة اللبنانية ازداد على خلفية أزمة استقالة رئيس الوزراء سعد الحريري، حينما عمدت الرئاسة اللبنانية ووزارة الخارجية إلى تحريف الأنظار عن الأسباب الرئيسة للاستقالة وهي تدخلات إيران في الشأن اللبناني ورفض حزب الله الالتزام بمبدأ النأي بالنفس الذي نصّت عليه التسوية الأولى التي أنتجت تولي ميشال عون رئاسة الجمهورية وسعد الحريري رئاسة مجلس الوزراء، والتسويق إلى أن تلك الاستقالة فرضت فرضا من قبل السعودية لا لشيء سوى لأن الحريري أعلنها من الرياض لدواعي أمنية.
وتقول أوساط سياسية إن عودة العلاقات الدبلوماسية السعودية – اللبنانية إلى طبيعتها يشكّل خطوة مهمة بالنسبة للبنان على وجه الخصوص، خاصة وأنّ الرياض أحد أبرز الداعمين لهذا البلد، سواء من خلال الاستثمارات التي تقدر بحوالي خمسة مليارات دولار، أو من خلال تحويلات المغتربين في السعودية والتي تتجاوز 2 مليار دولار، هذا فضلا عن المنح والدعم الذي تغدقه على الأجهزة الأمنية والعسكرية.
وتشير هذه الأوساط إلى أن السعودية ستركّز في الفترة المقبلة على تفعيل تحالفاتها على الساحة السياسية في لبنان وخاصة مع تيار المستقبل، بعد التشويش الذي مورس الفترة الماضية من قبل حزب الله والحلقة السياسية والإعلامية المحيطة به، ومن المرجّح أن يلعب السفير وليد اليعقوبي دورا رئيسيا في هذا الإطار بالنظر إلى العلاقات القوية التي تربطه بأقطاب التيار الأزرق باعتبار أنه سبق وعمل في السفارة السعودية ببيروت.
ومن المرجّح أن تتولّى الدبلوماسية السعودية العمل على إعادة ترميم العلاقات بين حلفائها اللبنانيين التي تأثرت هي الأخرى بالتشويش الذي حصل والمقصود هنا بين المستقبل وحزب القوات اللبنانية وحزب الكتائب وشخصيات من تحالف 14 آذار.
في مقابل ذلك يرى البعض أنه لن تكون هناك استدارة سعودية كبيرة في التعاطي مع لبنان الرسمي، الذي يسيطر حزب الله وحلفائه على دائرة القرار فيه، وأن المملكة ستسلك في الظرف الحالي سياسة “الصبر الاستراتيجي” مع بيروت، وخاصة وأن هناك ملفات حارقة تشكل محور اهتمامها في الفترة الحالية وعلى رأسها الملف اليمني.
ويرى مراقبون أن عودة العلاقات بين البلدين بالتأكيد سيكون لها أثر إيجابي لجهة إعادة إحياء تحالف 14 آذار خاصة وأن البلاد مقبلة على انتخابات نيابية مصيرية، حيث ستفرز نتائجها من يقود المشهد اللبناني في السنوات القادمة.