Site icon IMLebanon

“الوطني الحر” يفتح معركة إبطال مرسوم التجنيس

كتب يوسف دياب في صحيفة “الشرق الأوسط”:

فتح «التيار الوطني الحر» معركة إبطال مرسوم التجنيس الذي صدر في عام 1994، وطالب الحكومة ووزارة الداخلية بـ«نزع الجنسية اللبنانية ممن اكتسبها بغير وجه حق، وتطبيق قرار مجلس شورى الدولة القاضي بوقف العمل بالمرسوم، وإعادة دراسته مجدداً»؛ لكن معنيين بالأمر استبعدوا أي تعديل على مرسوم التجنيس لما لإبطاله من تداعيات اجتماعية، في حين رأى البعض أن إثارة القضية في هذا التوقيت «تحمل أبعاداً انتخابية، وتستعمل للتحريض والتعبئة الشعبية».

معركة «التيار الحر» ضد ملف التجنيس، افتتحت بمؤتمر صحافي مشترك لعضوي تكتل «التغيير والإصلاح» النائبين حكمت ديب ونعمة الله أبي نصر، حيث اعتبر ديب أن «إعطاء الجنسية لآلاف الفلسطينيين أمر مخالف للدستور، وجرى بطريقة مزورة»، مؤكداً أنه «لن يبقى ملف غير دستوري عالق أمامنا، ونحن بصدد معالجة الموضوع، ولن يثنينا أي تذرع بالأمر الواقع».

أما النائب أبي نصر، فقال: «بدأنا اليوم نشهد أضرار وتداعيات كارثة التجنيس على المجتمع اللبناني». وشدد على عدم القبول بهذه الكارثة في ظل وجود النازحين». وأضاف: «لن نقبل بضرب الصيغة اللبنانية والنسيج المجتمعي اللبناني»، لافتاً إلى أن «قرار مجلس شورى الدولة ملزم لكافة إدارات الدولة ومؤسساتها، ويقتضي تنفيذه تحت طائلة إلزام الإدارات بالغرامة الإكراهية، عند تقاعسها عن التنفيذ».

أبي نصر الذي تقدّم في عام 2001 بطعن أمام مجلس الشورى لإبطال مرسوم التجنيس، رأى أن «المرسوم الذي صدر قبل نحو 24 سنة، منح الجنسية لنحو 300 ألف شخص، بينهم مئات الآلاف اقترفوا أفعالا جرمية بعد حصولهم على الجنسية، كجرائم القتل والسرقة والاحتيال والتزوير، ومنهم من اعتدى على الجيش وعلى أمن الدولة، وانتمى إلى جمعيات سياسية غير مرخصة مثل تنظيم داعش». وسأل: «لماذا لم تسحب الجنسية من هؤلاء عملا بالقوانين المرعية الإجراء؟». وذكّر بأن المرسوم المطعون فيه «منح الجنسية خلافا لما نص عليه الدستور لـ71747 فلسطينيا، أسماؤهم واردة بوضوح في المرسوم، تحت عنوان «مكتومي القيد» أو «جنسيات قيد الدرس».

ورغم القوة القانونية التي يرتكز إليها «التيار الوطني الحر»، وهي قرار مجلس الشورى، فإن إبطال هذا المرسوم دونه معوقات سياسية وقانونية واجتماعية ولوجستية، وحتى ديموغرافية كبيرة، وفق ما أوضح وزير الداخلية السابق مروان شربل، الذي أكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «وزارة الداخلية لا تتحمّل مسؤولية هذه المشكلة». ورأى أن «قرار مجلس شورى الدولة الذي ألقي الكرة في ملعب الوزارة، يخلق مشكلة إضافية». وقال: «قرار الشورى صدر بعد عشر سنوات على صدور مرسوم التجنيس، وقضى بتجميد المرسوم، وطلب من وزارة الداخلية إعادة درس كل قرار تجنيس على حده». وسأل: «ماذا نفعل بمئات الأشخاص المجنسين الذين باتوا موظفين في الدولة، ومنهم في المؤسسات العسكرية الأمنية، ومنهم من اشترى منازل وأراضي ومؤسسات تجارية؟ هل ننزع منهم وظائفهم وممتلكاتهم؟».

وتتضارب المعلومات حول أعداد الفلسطينيين المشمولين بمرسوم التجنيس، إذ اعتبر رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، الوزير السابق حسن منيمنة، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «إثارة هذا الموضوع الآن، مرتبط بأبعاد انتخابية من أجل التعبئة الشعبية». وأن «لا أحد يملك أرقاماً حول تجنيس فلسطينيين سوى وزارة الداخلية، وهناك أرقام متضاربة». ولفت إلى أن «سكان القرى السبع (في جنوب لبنان) هم لبنانيون لم تدرج أسماؤهم ضمن الإحصائيات التي حصلت في عام 1932. حتى أن المئات منهم ذهب للعمل داخل فلسطين، ولذلك اختلط على البعض إذا كانوا لبنانيين أو فلسطينيين». وشدد على ضرورة أن «تحسم الحكومة اللغط القائم حيال مرسوم التجنيس، وتتخذ القرار بشأنه حتى يطوى بشكل نهائي».

وإذا كان قرار مجلس الشورى ذريعة لدى «التيار الوطني الحر» للمطالبة بسحب الجنسية عمّن اكتسبها، فإن ثمة قرارات للمجلس نفسه تناقض مسألة تجميد المرسوم. ورأى الوزير السابق مروان شربل أنه «لو كان مجلس الشورى جدّياً في قراره، لكان أبطل مرسوم التجنيس برمته، وألزم الدولة بأن تستقبل طلبات التجنيس من جديد، وتعطيها لمستحقيها بقانون يصدر عن مجلس النواب». وذكّر بأن وزارة الداخلية «نزعت الجنسية عن عدد من الأشخاص، عندما كان الوزير زياد بارود على رأس الوزارة؛ لكن هؤلاء طعنوا بقرار الداخلية أمام مجلس الشورى الذي أبطل قرار الوزارة، وأعاد الجنسية لهم، وهذا قمة التناقض»، واعتبر شربل، أن «إعادة النظر بالمرسوم الآن هو من سابع المستحيلات؛ لأن دراسة نحو 120 ألف ملف تجنيس يحتاج إلى أكثر من عقدين من الزمن، وهذا أمر غير واقعي».