كتب محمد بلوط في صحيفة “الديار”:
بقي مصير ازمة مرسوم الضباط معلقا بانتظار بلورة حل يرتكز الى الاصول الدستورية التي تشكل الحكم الاول والاخير لمثل هذه العقدة.
ووفقا للمعلومات التي توافرت خلال الساعات الماضية فإن اجواء كل من بعبدا وعين التينة لم تحمل اي معطيات جديدة ملموسة، لكن الثابت هو ان المرسوم المذكور مرشح لأن يبقى في دائرة التجميد الى حين ولادة المخرج المقبول.
وبعد تشديد الرئيس بري اكثر من مرة على وجوب الاحتكام الى الدستور والقوانين. اكد الرئىس عون امس «ان هناك مرجعين للمؤسسات هما الدستور والقوانين، وعلى الرغم من حصول بعض المشاكل الا اننا نحتكم الى المرجعين المذكورين، ولا يمكن تجاوز المؤسسات وعند حصول اي خلاف يجب الاحتكام اليها والى القضاء».
وبدا من موقف رئىسي الجمهورية والمجلس النيابي ان هناك توافقا على الرجوع الى الدستور والقانون، لكن اضافة الرئيس عون لكلمة القضاء تعطي انطباعا ان هذا التلاقي غير مكتمل ويحتاج الى جهد اضافي من اجل استيلاد المخرج الذي يأخذ بعين الاعتبار وجهة نظر الجانبين على طريقة لا غالب ولا مغلوب.
ووفقا للمعلومات المتوافرة فإنه بعد ان استهلكت الازمة سجالا واجتهادا، يبدو ان الرئىس الحريري، الذي نأى بنفسه عنها منذ ولادتها رغم انه كان شريكا في التوقيع على المرسوم، قد عدّل موقفه وابلغ اكثر من طرف انه بصدد التحرك والسعي من اجل معالجة هذه المشكلة وعدم استمرارها، نظرا للتداعيات التي قد تنجم عنها على غير صعيد وقال «بدّي اشتغل للحل».
وقد يكون هذا المخرج غدا او ان يبقى محجوبا الى ما شاء الله.
والحل يمكن ان يحصل بخمس دقائق كما عبّر الرئيس بري امس، مؤكدا امام زواره ان هذه المسألة «قابلة للمعالجة طالما ان الامر يخضع لمواد الدستور والميثاق الوطني».
وجدد القول ان الحل هو بتوقيع وزير المال عليه، وانه لن يتراجع عن موقفه هذا الذي يستند الى القانون والدستور.
وعما اذا كان هناك احتمال بأن يبقى الوضع على ما هو عليه حتى الانتخابات النيابية قال «انا لا اتمنى ذلك على الاطلاق» لكنه اشار الى ان هناك 37 قانونا تتناول مختلف القضايا الحيوية والحياتية لم تنفذ حتى الآن، وقد شكلنا لجنة وتحركت من اجل تطبيق هذه القوانين وما زال الوضع على ما هو عليه.
وعما اذا كان الرئىس الحريري سيزوره قريبا جدد بري القول «اسألوه، وعندما يكون لديه الحل يأتي».
وقال مصدر وزاري مطلع في هذا المجال «ان لا شيء جديداً على صعيد المرسوم المذكور، وان الحل هو في الالتزام بالدستور، وما زلنا في الدائرة نفسها».
وعن الكلام حول رغبة الرئىس الحريري القيام بمسعى في هذا المجال قال «لقد سمعت انه يرغب في ان يعمل بهذا الاتجاه، ولكن لم يتضح حتى الان ما هو الحل الذي يعمل عليه».
وهل الازمة ستطول اجاب المصدر «حتى الان لا يمكن التكهن بفترة استمرارها، ولكننا نأمل ان تنتهي اليوم قبل الغد».
وهل يشارك البعض بأن الازمة قد وضعت بالثلاجة، اجاب: «لا اتمنى ذلك ابدا، فهناك مصالح حرام ان تبقى في الانتظار».
وبغض النظر عما ستؤول اليه الامور في اطار السعي لمعالجة ازمة مرسوم الضباط فإن ما حصل في الايام الماضية كشف عن ازمة سياسية تتجاوز حدود هذا المرسوم بكثير، وتدق ابواب تفسير او التعاطي مع الدستور واتفاق الطائف ومسألة الصلاحيات الدستورية.
ووفقا لمصدر سياسي مطلع فإن ما جرى ويجري من شأنه ان يؤثر على اجواء الانتخابات النيابية المقبلة ومما لا شك فيه ان هذه الازمة ساهمت في زيادة اهتزاز الثقة بين بعض الاطراف السياسية الامر الذي فرمل الاندفاع باتجاه عقد تحالفات انتخابية مبكرة.
ويضيف المصدر ان هذا المناخ من الاجواء الملبّدة يضيف عاملا جديدا في تعقيد مسألة التحالفات التي تواجه تحديات اخرى ايضا في بعض الدوائر الحساسة.
وفي هذا الإطار علم ان «حزب الله» بصدد السعي الى تفادي مواجهة بين التيار الوطني الحر وتيار المردة في دائرة الشمال (البترون – الكورة – زغرتا – بشري). ويقول مصدر شمالي مطلع في هذا المجال ان التحالف بين التيارين يبدو صعبا للغاية لكن كل شيء يمكن ان يحصل بمشيئة الله (في اشارة الى مسعى الحزب).
ويضيف المصدر ان لدى الرئيس الحريري ايضا رغبة في تحالف التيارين باعتبار انه اتخذ القرار بالتحالف مع «الوطني الحر» في كل لبنان، ويحرص في الوقت نفسه على عدم الابتعاد عن النائب سليمان فرنجية.
ويصف المصدر هذه الدائرة بدائرة الرؤساء مشيرا الى ان هناك ثلاثة او اربعة مرشحين للرئاسة فيها هم: جبران باسيل، سليمان فرنجية، سمير جعجع، وبطرس حرب.
يواجه الحريري صعوبة في اقناع جمهوره وانصاره في دعم لائحة باسيل، خصوصا ان ابرز المقربين منه فريد مكاري كان ابدى سابقا مواقف متباعدة جدا مع مثل هذا التحالف.
اما «القوات اللبنانية» التي كانت اعدت نفسها في هذه الدائرة على اساس التحالف مع «الوطني الحر» كما في العديد من الدوائر، فهي في صدد خوض المعركة بلائحة منافسة لم تتبلور معالمها بعد.
ووفقا للاجواء السائدة حتى الآن فإن هناك احتمالا بأن تتنافس ثلاث لوائح في هذه الدائرة الا اذا نجحت جهود حزب الله وتشكلت اللائحة التحالفية بين فرنجية وباسيل والمستقبل وتشكيلات اخرى.
الموازنة
على صعيد اخر قال وزير المال علي حسن خليل لـ«الديار» امس ان موازنة العام 2018 جاهزة، وانه ينتظر ان يحدد رئيس الحكومة في نهاية الاسبوع المقبل مواعيد مناقشتها في مجلس الوزراء.
واكد ان هناك رغبة بل تصحيحا على انجاز واقرار هذه الموازنة التي من شأنها ان تشكل خطوة مهمة واساسية على الصعيد الاقتصادي والمالي والخدماتي وتزيد الثقة بلبنان.