هدية رئيس مجلس النواب إلى اللبنانيين مع مطلع العام الجديد كانت الإفراج عن منطقة ساحة النجمة في وسط بيروت، بعد 11 عاماً من اعتقالها وأسرها لأكثر من سبب.
المفارقة أن الإفراج عن المنطقة التي لطالما كانت الأكثر حيوية سياحياً في وسط بيروت، يبدو أشبه بمحاولة إنعاش لميت من دون أي جدوى. فمنذ “اعتقال” هذه المنطقة التي كانت تعج بالمطاعم والمقاهي والمحلات التجارية الفخمة اعتباراً من 1 كانون الأول 2006، أقفلت كل المطاعم والمؤسسة السياحية والتجارية في المنطقة تباعاً بعدما استحالت إمكانية التعايش مع الإجراءات الأمنية التي شكلت محاولة لمعاقبة الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل تحديداً في تلك المرحلة التي كانا يشكلان فيها رأس حربة في القوى السيادية.
اليوم، بعد التسوية الرئاسية والحكومية، وبعد مرحلة الاستقالة وملابساتها واتضاح انتقال الرئيس الحريري إلى تموضع جديد يدافع عنه الرئيس ميشال عون والسيد حسن نصرالله، بات ممكناً الإفراج عن قلب وسط بيروت، الأحب إلى قلب الرئيس الشهيد رفيق الحريري!
وإذا كانت هذه الخطوة مشكورة بحد ذاتها، تبقى مجموعة من الأسئلة حول إمكانية عودة الحياة إلى تلك المنطقة اقتصاديا وسياحيا وتجاريا، ومن هذه الأسئلة:
ـ أي عاقل أو “انتحاري” يمكن أن يفكر بالعودة الى الاستثمار في هذه المنطقة، وخصوصا بعد التجربة السابقة التي تكبّد فيها جميع التجار خسائر لا تعوّض، ومن دون أن يلتفت أحد إلى معاناتهم؟
ـ أي ضمانات يُمكن أن تُعطى للتجار والمستثمرين بعدم إقفال المنطقة مجدداً وتكبيدهم خسائر مضاعفة من جديد؟ وهل يثق المستثمرون بأي ضمانات قد تُعطى لهم؟
ـ أي إجراءات تحفيزية ممكنة لتشجيع التجار وأصحاب المطاعم للعودة مجدداً إلى هذه المنطقة التي كانت تعجّ بالحياة؟
ـ هل الوضع الاقتصادي في لبنان حالياً يسمح لأصحاب رؤوس الأموال بالتفكير جدياً بالمزيد من الاستثمارات في ظل الركود غير المسبوق الذي نعيشه، وفي ظل التخوّف العام الذي تمر به المنطقة وسط التهديدات المتكررة للسيد حسن نصرالله باستقدام مقاتلين أجانب والزيارتين اللتين شهدهما الجنوب لقيس الخزعلي وأبو العباس، وتراجع الثقة بالحكومة الحالية، بالإضافة إلى أن لبنان مقبل على انتخابات نيابية؟!
ـ أليس ثمة تضارب فعلي بين محاولة إحياء منطقة ساحة النجمة وبين الحياة الاقتصادية القائمة في منطقة “الزيتونة باي”؟ وبالتالي هل إحياء منطقة يعني حكماً الإضرار بالأخرى تماما كما تحولت “مصيبة” ساحة النجمة فائدة لإطلاق “الزيتونة باي”؟ أم أن منطقة الوسط التجاري يمكن أن تستوعب نشاط المنطقتين؟
أيا تكن الأجوبة المحتملة على الأسئلة أعلاه، فإن الجواب الحقيقي يبدأ من السياسة وانعدام الثقة بالحكومة وبالسلطة كسلطة، في ظل استباحة “حزب الله” للدولة والسيادة والقرارات السيادية. وبالتالي فإن عامل الاستقرار بات مجددا تحت رحمة “حزب الله” المنخرط بالكامل في الحروب الإقليمية، بعد اتضاح هشاشة “النأي بالنفس” الذي تحدثت عنه الحكومة الحالية كباب لعودة الرئيس الحريري عن استقالته.
ويبقى السؤال: هل تشكل خطوة فتح منطقة ساحة النجمة أمام المشاة والحركة التجارية والسياحية مؤشراً جدياً إلى مرحلة من الاستقرار، أم تبقى في إطار الأمنيات عشية الانتخابات في محاولة لكسب أصوات إضافية ليس أكثر؟!