كتبت صونيا رزق في صحيفة “الديار”:
فكرة الاستقالة من الحياة السياسية رافقت زعيم المختارة النائب وليد جنبلاط منذ سنوات، لكنه تريث في انتظار بروز نجله تيمور سياسياً والذي يرّدد دائماً انه لا يحب هذا المجال، لكنه يستعد لدخول المعترك لان من غير المسموح ان يترّشح احد ضده، فالمقعد الشوفي كان ولا يزال لآل جنبلاط بحسب التقاليد والاعراف .
اما جنبلاط الاب فكان ولا يزال يتلقى نصائح بعدم الاستقالة من السياسة لان التوقيت غير مناسب، فصرف النظر لفترة ثم عاد ليردّد عبارات لطالما رافقته « بأننا أفلسنا كطبقة سياسية وأنا أقوم بمراجعة ذاتية وأنتظر كي أخرج من المسرح السياسي رسمياً وبعدها يأتي تيمور بجيل جديد ربما»، ومنذ ذلك الحين بدأ جنبلاط بزيارات عدة داخلية وخارجية رافقه خلالها تيمور، فوضعه ضمن الاحتكاك المباشر مع الجمهور الجنبلاطي من خلال إستقبال المراجعين كل يوم سبت في قصر المختارة. ومنذ اشهر يقوم تيمور بحركة مكوكية لإبراز نفسه بقوة على الساحة السياسية تحت إشراف الحرس الاشتراكي القديم الذي رافق والده.
الى ذلك ينقل مقرّبون من المختارة بأن جنبلاط الاب يعلن دائماً خلال لقائهم بأنه «قرف» من الوضع السياسي، ويريد ان يرتاح لمصلحة القراءة والكتابة والسفر الى الخارج، لكن في هذه المرحلة الدقيقة يريد البقاء الى جانب طائفته لانها محتاجة له، وبالتالي عليه ان يقول كلمته في ما يخص الانتخابات النيابية التي يطمح دائماً بأن تصّب في مصلحة الدروز اولاً واخيراً. وهو بدأ بالتنحيّ رسمياً لمصلحة نجله قبل فترة وتحديداً في شهر آذار خلال ذكرى إغتيال والده كمال جنبلاط، فكانت مناسبة لإطلاق مسيرة تيمور السياسية ووضع الكوفية حول عنقه تحت عنوان» كوفية المصالحة والحوار في الجبل والالتزام بقضية فلسطين» تحت إشراف اركان الحزب الاشتراكي والرفاق في النيابة، أي مروان حماده واكرم شهيب ووائل ابو فاعور كي يدرّبوه على السياسة لكن بعيداً عن التنقلات من ضفة الى اخرى، لان الوسطية افضل في هذه المرحلة مع مراعاة الظروف والمتغيرات الداخلية والاقليمية وحتى الدولية.
وعلى الخط الانتخابي تنقل مصادر المختارة بأن تيمور يعمل انتخابياً اليوم على نار حامية بعد اكثر من سنتين من التحضيرات والزيارات والعمل الاجتماعي، على ان يترأس لائحة تحوي خليطاً من الحزبيين الاشتراكيين القدامى والوجوه الجديدة الشابة، ويهدف عملها الى وضع الدروز ضمن سياسة جديدة منفتحة بعيدة عن التقلبات التي رافقتهم على مدى سنوات، وبالتالي خلق طرق جديدة سلمية لهم من خلال الابتعاد عن الزواريب السياسية الضيقة. مشيرة الى ان الخط الجنبلاطي منفتح على الجميع لان تموضعه السياسي اليوم لا يجعله خصماً مع احد، والماكينة الجنبلاطية ناشطة جداً بإشراف النائب وليد جنبلاط الذي يضع الخطوط العريضة السياسية والانتخابية، اما القيادة فهي لتيمور مع مشاركة نواب ووزراء الحزب مع شخصيات اشتراكية رافقت الانتخابات النيابية الماضية، أي تحمل خبرة كبيرة في هذا الاطار، ناقلة بأن لا خوف بتاتاً على تيمور لانه اثبت اليوم بأنه ابن ابيه، خصوصاً انه تلقى توصيات سياسية من والده وهي الانفتاح اولاً واخيراً، والمحافظة على مصالحة الجبل والتحالفات السياسية القائمة خصوصاً مع تيار المستقبل واركان مصالحة الجبل، وعدم عداوة الرئيس السوري بشار الاسد لان مرحلة الخصام مع سوريا لم تعد تنفع، والمناخ الاقليمي الجديد يتطلب ذلك والخيارات اليوم مختلفة عن السابق، بمعنى ان زمن الخيارات المفروضة قد ولّى، وهو لا يريد لنجله ان يمّر بكل تلك الدروب الوعرة التي سار عليها.
وعن صورة التحالفات الانتخابية، تلفت المصادر المذكورة الى ان قانون الانتخاب الجديد يجمع دائرة الشوف مع دائرة عاليه وهذا مكسب، مؤكدة بأن بعض التحالفات ثابتة معنا وابرزها التحالف مع تيار المستقبل، على ان تتبلور خلال الاسابيع المقبلة صورة التحالفات لان المباحثاث قائمة على قدم وساق، على ان يعلن نتائحها النائب جنبلاط في وقت ليس ببعيد.
وحول إمكانية إعلان الاسماء المرشحة اليوم، اشارت الى ان لائحة الشوف ستضّم إضافة الى تيمور جنبلاط النائب مروان حماده، وبلال عبدالله عن المقعد السنيّ بديلاً عن النائب الحالي علاء الدين ترو، والوزير السابق ناجي البستاني عن المقعد الماروني، ونعمة طعمة عن المقعد الكاثوليكي، إضافة الى اسماء اخرى حين تحسم نهائياً سنعلنها لان المفاوضات قائمة بشأنها، وفي بعبدا الوزير ايمن شقير عن المقعد الدرزي، وفي بيروت من الوارد ان يكون الوزير السابق غازي العريضي او شخصية اخرى، إضافة الى الوزير السابق وائل ابو فاعور في راشيا، لافتة الى ان الوضع يبدو صعباً في منطقة عاليه في اطار المقعد الارثوذكسي بين الكتائب والقوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، أي ان المعركة ستكون على المقاعد المسيحية في منطقة الجبل.
وعن علاقتهم اليوم مع التيار الوطني الحر، ختمت المصادر عينها: «لا ننفي وجود شوائب في بعض المحطات، لكننا نحرص دائماً على التعاون والشراكة لإيجاد قواسم مشتركة مع التيار، وكل شيء وارد في السياسة».
في غضون ذلك تعلّق مصادر سياسية محايدة بأن استحقاق توريث تيمور جنبلاط يحتاج الى تفاهمات وتحالفات قوية وهذا مطلب والده، وترى بأن سقف مطالب الاحزاب المسيحية لن تكون عالية، لان المعركة في الشوف ليست سهلة خصوصاً في ظل القانون الانتخابي الجديد، وعلى كل الافرقاء ان يطمئنوا بعضهم من كل النواحي في ظل استطلاعات الرأي التي تؤكد بأن اللبنانيين سئموا من كل القوى السياسية، وبالتالي فمناخ الشوف العام بصورة خاصة لا يطمئن كثيراً.