IMLebanon

تحذيرات في لبنان من تداعيات تقليص تمويل “أونروا”

كتبت بولا أسطيح في صحيفة “الشرق الأوسط”:

أثار الإعلان الأميركي الأخير عن نية واشنطن تقليص وحتى وقف مساعداتها لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) استياءً كبيراً في لبنان، سواء في الأوساط الرسمية اللبنانية، أو تلك الرسمية والشعبية الفلسطينية، وفيما حذّر البعض من مسار وخطة قد تؤدي إلى التوطين، نبّه آخرون من انفجار أزمة اجتماعية كبيرة في المخيمات الفلسطينية التي يعيش معظم سكانها أصلاً تحت خط الفقر.

وتحدث القيادي في حركة «فتح» اللواء منير المقدح عن معلومات مسبقة وصلتهم حول تحضيرات لتقليص «أونروا» خدماتها مباشرة بعد القرار الأميركي إعلان القدس عاصمة لإسرائيل، لافتاً إلى أن «التدهور في تقديمات الوكالة الأممية بدأ منذ اتفاق أوسلو حين تقلصت الخدمات بنسبة 40 في المائة، وقد استمر هذا المسار الانحداري حتى وصل إلى نسبة 90 في المائة». وقال المقدح لـ«الشرق الأوسط»: «حالياً (أونروا) لا تغطي إلا ما بين 30 أو 40 في المائة من فاتورة الاستشفاء، كما أنها تقدم الدراسة المجانية وبعض المساعدات الشهرية لجزء من اللاجئين الأشد فقراً». ونبّه المقدح من «عمل دؤوب لتذويب القضية الفلسطينية، وبخاصة ضرب حق العودة ما يمهد للتوطين، كما لفتح الطرق لمغادرة اللاجئين في دول الجوار».

وتزامنت التطورات التي شهدتها القضية الفلسطينية مؤخراً مع قيام الحكومة اللبنانية بتعداد عام للسكان والمساكن في المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان، أشرفت عليه لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني، وأنجزته إدارة الإحصاء المركزي اللبناني والجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني. وقد خلص إلى وجود 174 ألف لاجئ فلسطيني في لبنان يعيشون في 12 مخيماً و156 تجمعاً فلسطينياً في المحافظات الخمس في لبنان، علماً بأن «الأونروا» وفي إحصاء أجرته قبل نحو 9 سنوات، أكدت وجود أكثر من 483 ألف لاجئ فلسطيني في لبنان، 449 ألفاً منهم مسجلون لديها. وهي لا تزال تؤكد على ذلك من خلال موقعها الرسمي على شبكة الإنترنت.

وقد طرح التفاوت الكبير في الأعداد علامات استفهام، وفاقم مخاوف البعض من «خطة لفرض التوطين». وهو ما عبّر عنه صراحة النائب في تكتل «التغيير والإصلاح» نعمة الله أبي نصر، الذي اعتبر أن «توقيف المساعدات الأميركية لـ(أونروا) سيلقي عبئاً ثقيلاً على لبنان»، لافتا إلى أن «التفاوت في الأعداد بالنسبة للاجئين الفلسطينيين خلفياته رمزية بهدف التوطين، أي التخلي عن العودة، ما يعني خرق الدستور بكل معانيه».

ورد المقدح التفاوت الحاصل في الأرقام ما بين الإحصاء الأخير الذي أجرته الدولة اللبنانية والعدد المسجل لدى «أونروا» لـ«رفض قطاعات كاملة إن كان داخل المخيمات أو في التجمعات الفلسطينية خارج هذه المخيمات المشاركة في التعداد الأخير لاقتناعها بأنّها لن تستفيد بشيء من التعاون من جديد مع لجان الإحصاء، خصوصاً أنها شاركت في أكثر من عملية في هذا المجال، ولم تستفد بشيء». وأشار المقدح إلى أن عدد اللاجئين الفلسطينيين الذين يعيشون حالياً في لبنان لا يتجاوز الـ230 ألفاً، لافتاً إلى أن أعداداً أخرى منهم تدخل وتخرج باعتبار أنها تعمل خارج لبنان، كما تحمل جوازات سفر أجنبية.

من جهته، دان رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني حسن منيمنة، ما تم تداوله عن نية الولايات المتحدة الأميركية تجميد مبلغ 125 مليون دولار أميركي من مساهمتها السنوية في ميزانية وكالة «الأونروا» البالغة 368 مليون دولار سنوياً، وقال إن «ربط الإدارة الأميركية مساعدة الوكالة بعودة الفلسطينيين إلى طاولة المفاوضات، هو ابتزاز فاضح ينم عن توجه هذه الإدارة لمحاولة تصفية (الأونروا)، وينهي الاعتراف الدولي بوجود لاجئين فلسطينيين نتيجة الاحتلال الإسرائيلي لأرضهم فلسطين، ويضرب بعرض الحائط القرارات الدولية التي تعترف بحقهم بالعودة والتعويض». وأكد منيمنة أن «الدعم المالي للوكالة هو التزام دولي وليس منة من أحد»، وحذر من «التداعيات الإنسانية للقرار الأميركي بحجب ما يمثل ثلث موازنة الوكالة من وقف للخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية، ما يشكل دعامة إضافية للحصار الإسرائيلي على الفلسطينيين، بل هو إعلان حرب معيشية على جميع اللاجئين الفلسطينيين، ويدخلهم في أزمات حياتية». واعتبر «أن قرار الإدارة الأميركية الجديد يؤكد انحيازها الفاضح لإسرائيل، ويقضي نهائياً على دورها المزعوم كوسيط في عملية السلام، ويعلن تخليها عن مسؤولية أخلاقية، وانسحابها من قضية تمس حقوق الإنسان الذي تدعي أنها راعيها الأول في العالم».

وكان موقع «أكسيوس» الإخباري الإلكتروني أفاد الجمعة بأن الولايات المتحدة جمدت 125 مليون دولار من التمويل الذي تقدمه لـ«أونروا»، لكن مسؤولاً بوزارة الخارجية الأميركية قال إنه لم يتم اتخاذ قرار بشأن هذا التمويل. وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب هدد الأسبوع الماضي بوقف تقديم الأموال للفلسطينيين، واتهمهم بأنهم «لم يعودوا مستعدين للمشاركة في محادثات سلام» مع إسرائيل. وقال ترمب على حسابه على موقع «تويتر»: «ندفع مئات الملايين من الدولارات سنوياً، ولا نحصل على أي تقدير أو احترام. هم لا يريدون حتى التفاوض على اتفاقية سلام طال تأخرها مع إسرائيل». وأضاف: «في ضوء أن الفلسطينيين لم يعودوا مستعدين للمشاركة في محادثات سلام، فلماذا نقدم أياً من تلك المدفوعات الكبيرة لهم في المستقبل؟».