كتب مايز عبيد في صحيفة “الجمهورية”:
قف محمد وهو أحد أصحاب المحلات متكئاً على باب محله، ممعناً النظر إلى كل سيارة مارّة على الطريق الدولي المقابل وكل بائع قهوة متجول، متمنياً لو أن هذه الحركة والضوضاء الكبيرة للسيارات على الطريق الدولي لبنان – سوريا، تنقل عدواها إلى السوق والمحلات على جانبها فتدور محركات السوق التي انطفأت وملت من الوقوف.
افتتح محمد محله لبيع الألبسة والأحذية على خط البحر قبل 9 أشهر على أمل التجارة والبيع وتوديع البطالة. لم يكن يدرك محمد وقتها أن هذا الخط التجاري، لم يعد كما كان في السابق وأن الحركة هناك بلا بركة.
لا بيع
ولم تشفع أعياد الأضحى، والفطر، والميلاد ورأس السنة، في إعطاء هذا السوق حركته التجارية التي يفتقدها. وتعاني المحلات التجارية على خط البحر في عكار باتجاه مفرق حمص من قلة البيع وتفتقر إلى زبائنها وروادها.
ويؤكد أصحاب المحلات «أن الحركة سابقاً كانت أفضل من الآن بكثير غير أن الأمور تغيرت هذه الأيام وتحول الزبائن عنها إلى أماكن أخرى ومحلات أخرى خصوصاً مع غياب كل أشكال التنمية والتحسين عن هذه النقطة البحرية من عكار.
سوق جامد
المحلات على خط البحر أشبه بسوق كامل متكامل قائم بذاته، من وجود عشرات المحلات والبسطات والتي تبيع كل شيء من الملابس إلى المأكولات والمشروبات والخضار وكل ما يحتاجه الناس. وبالتالي فهي تشكل سوقاً حقيقية تؤمن للزبون العكاري كل ما يحتاجه إضافة إلى قرب هذا السوق من دوار العبدة مدخل عكار من جهة، وطريق لبنان سوريا من جهة ثانية.
.. قد هجرها الزبائن
ومع ذلك يشتكي أصحاب المحلات من هجر الزبون العكاري لهذا السوق الحيوي باستثناء حركة خجولة من بعض اللاجئين السوريين خصوصاً المتوجهين منهم من لبنان إلى سوريا عبر الحدود، يتوقفون عند هذا السوق لشراء بعض حاجياتهم، وحركة بعض اللبنانيين على محلات تصليح السيارات الموجودة في هذه المنطقة أيضاً بالقرب من السوق التجاري.
منطقة حيوية ولكن!
يقول محمد وهو (صاحب محل ألبسة) في السوق البحري في حديثه إلى «الجمهورية»: «للأسف الحركة هنا في سوق خط البحر جامدة لا بل ميّتة والحالة هكذا على الجميع وليست على محلي وحده. حركة اللبنانيين على هذا الخط خفيفة جداً إن لم أقل أنها معدومة، باستثناء حركة خجولة بعض الشيء للاجئين السوريين وهي ليست كما يجب أيضاً”.
ويضيف «أحياناً تفتح محلك من الصباح حتى المساء ولا تبيع قطعة واحدة، مع العلم أن هذه المنطقة حيوية للغاية، فهي المنطقة المجاورة لسهل عكار، وبحرها ومطارها في نفس الوقت.
“حركة ما فيها بركة”
ويمتد السوق التجاري البحري على مسافة بين 2 إلى 3 كيلومترات تقريباً مواجهاً للواجهة البحرية لعكار من ساحة العبدة حتى مفرق حمص. في الآونة الأخيرة ارتفعت أصوات أصحاب المحلات التجارية والمواد التموينية هناك، حتى أصحاب محلات التصليح وبيع الدواليب والأدوات الكهربائية، وصلت الصرخة إليهم أيضاً وارتفعت شكواهم من الركود الذي بدأ يصيب السوق والمنطقة بأكملها في مقتل. هذا الأمر في النهار فكيف في الليل؟.
في الليل
الحركة معدومة تماماً ليلاً على الخط البحري لعكار. فغياب الإنارة عن الخط البحري وغياب الدولة والبلديات عن الاهتمام بالشاطئ البحري المجاور للسوق على المقلب الآخر من الطريق يجعل الناس تخاف العبور ليلاً إلى هذه المنطقة فتتحول الى منطقة خالية تماماً من الناس باستثناء بعض السيارات المارّة على الطريق الدولي بشكل عابر.
الأحداث السورية
قبل بداية الأحداث في سوريا واندلاع المعارك هناك، كانت الحركة أفضل بكثير كما يؤكد أصحاب المحلات، «فحركة اللبنانيين كانت أفضل وكذلك السوريين، خصوصاً أن حركة دخول اللبنانيين الى سوريا وخروجهم منها كانت أفضل من هذه الأيام بكثير، وكان كثيرون يتوقفون على هذا الخط الواقع على الطريق باتجاه الحدود السورية فيشتروا العديد من البضائع والمستلزمات التي يحتاجونها».
الأحداث السورية أثرت على هذا الخط التجاري بشكل كبير فتراجع نشاطه بشكل دراماتيكي حتى أن العديد من المحلات الموجودة عليه «تفتح أبوابها لمجرد أن تفتح وأصحابها ينزلون الى محلاتهم للتسلية وتقطيع الوقت ليس إلا”.
ويطالب أصحاب المحلات على الخط البحري “الدولة اللبنانية بإنعاش السنسول البحري لعكار وبثّ الحياة في الشاطئ العكاري عبر إنارته وتجميله وتحويله إلى شاطئ سياحي أسوة بباقي المناطق، كما يطالبون البلديات بالاهتمام بهذه الواجهة البحرية التي تعد من أهم البقاع العكارية جمالاً” مؤكدين “أن تنشيط المنطقة البحرية في عكار سيؤدي حتماً إلى تنشيط حركة السوق البحري المقابل للشاطئ فتعود الحياة إليه من جديد”.