اشارت صحيفة “السياسة” الكويتية الى ان كل المعطيات والدلائل تشير إلى أن المعركة مفتوحة بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، ولم تعد مرتبطة بما سُمي “أزمة مرسوم الأقدمية” الذي أضحى تفصيلاً صغيراً في حرب الصلاحيات التي بدأت بين الرئاستين الأولى والثانية، بعدما بدا للجميع أن الرئيس عون يريد أن يتخلص من القيود التي كان الرئيس بري يفرضها على رؤساء الجمهورية السابقين، من الياس الهراوي، إلى أميل لحود، إلى ميشال سليمان، وهذا ما يحصل الآن، من خلال إصرار رئيس الجمهورية على الاستغناء عن توقيع وزير المال علي حسن خليل على هذا المرسوم، أي أنه لا يريد أن يكون هذا التوقيع إلزامياً في كل المراسيم، باعتبار أن هناك حالات سابقة لم يحتج الأمر إلى توقيع وزير المالية.
وأشارت المعلومات المتوافرة لـ”السياسة”، إلى أن انكشاف الأمور على حقيقتها وتجاوزها قضية المرسوم المذكور، يضع لبنان أمام مواجهة سياسية بالغة الخطورة، بين رئاستي الجمهورية ومجلس النواب، عنوانها الصلاحيات وإدارة حكم البلد في المرحلة المقبلة، إلى موضوع الانتخابات النيابية وتشكيل الحكومة بعدها وما يتصل بتوزيع الحقائب الوزارية، وهو ما كان يخشاه الرئيس بري جيداً، في حال جاء عون رئيساً للجمهورية، ولذلك لم ينتخبه وكتلته النيابية ونواب آخرون، ولم يكن متحمساً أبداً لمجيئه رئيساً للجمهورية، وبالتالي فإن الأزمة القائمة مرشحة للتصاعد وإدخال البلد في صراع سياسي مرشح للتفاعل مع ما قد يأخذه من أبعاد طائفية، سيما وأن رئيس المجلس النيابي، يحمِّل رئيس الحكومة سعد الحريري مسؤولية في وصول الأمور إلى ما وصلت إليه، من خلال توقيعه إلى جانب توقيع رئيس الجمهورية على مرسوم الأقدمية، متجاهلين حق وزير المال في التوقيع أيضاً، الأمر الذي ترجمه بري، بعدم تجاوبه مع مساعي الحريري للحل وتحديد موعد لاستقباله، إلا إذا كان المرسوم بحوزته ليوقّعه وزير المال.
ولذلك، واستناداً إلى هذه المعلومات، فإن الحريري يدرك أن نجاحه في مهمته، دونها صعوبات كبيرة بعدما بدأت الأمور تأخذ منحىً مغايراً، وفي ضوء ارتفاع وتيرة التصعيد بين الرئيسين عون وبري، ولهذا فإنه لا تظهر في الأفق بوادر التوصل إلى حل، في ظل تمسك كل طرف بموقفه ورفضه التنازل، متسلحاً بتفسيره الخاص للدستور، ولو كان الأمر على حساب المؤسسات ودورها.
ولم تستبعد مصادر وزارية، كما أبلغت “السياسة”، وفي حال استمرت الأزمة دون حل في الأسابيع القليلة المقبلة، أن ينعكس الخلاف القائم، إلى شلل في عمل الحكومة ويحولها إلى حكومة تصريف أعمال، فيما الناس تنتظر منها الكثير على صعيد إيجاد الحلول لباقي الملفات، وأبرزها معالجة زيادة الرواتب لمعلمي القطاع الخاص وفق الجداول المدرجة في سلسلة الرتب والرواتب التي تم دفعها للقطاع العام منذ بداية أكتوبر الماضي، بالإضافة إلى حل مشكلة العمال والمستخدمين في البلديات، إضافة إلى أزمة قطاع الكهرباء المتفاقمة، بسبب الإضراب المستمر الذي دعا إليه عمال الشركة، ما تسبب بإغراق مناطق عدة من لبنان في العتمة.
ورأت المصادر في حل ملف الضباط، مدخلاً لحل جميع الملفات العالقة، وإلا سيدخل البلد في أزمة قد تستمر إلى ما بعد الانتخابات النيابية.