كتب فراس الشوفي في صحيفة “الأخبار”:
تعير المملكة العربية السعودية اهتماماً كبيراً للانتخابات النيابية المقبلة، على اعتبار أن الاستحقاق يشكّل مفصلاً في الحياة السياسية بما ينعكس مباشرةً على النفوذ السعودي وعلى قوة فريق المقاومة وحلفائها. إلّا أن هذا الاهتمام يتركّز، من الوجهة السعودية، على محاولة إلحاق الهزيمة الانتخابية بحزب الله وحلفائه، ومنع فريق قوى 8 آذار التقليدي من تحقيق رصيد انتخابي مرتفع، يضمن نفوذه في مجلس النوّاب وفي النظام السياسي.
وبحسب ما وصل إلى مسامع مسؤولين في بيروت، بينهم مراجع رفيعة المستوى، تخطّط السعودية للتدخل في الانتخابات على النحو الذي يسهم في إضعاف حزب الله، وإعادة تحصين قوى 14 آذار، استعداداً لاستمرار المواجهة مستقبلاً، وتالياً إعادة التأثير السعودي بعد الضربات التي تعرّض لها في السنوات الماضية، وبعد أزمة الرئيس سعد الحريري.
وبلا شكّ، فإن أزمة اختطاف الحريري وإجباره على تقديم استقالته وما تلاها من موقف لبناني موحّد، تضع الطموحات السعودية أمام المحكّ، خصوصاً لجهة نيّة الحريري الابتعاد عن تحالفاته التقليدية مع بقايا قوى 14 آذار، والالتصاق بالتيار الوطني الحرّ الذي يتحالف مع حزب الله.
غير أن العلاقة المتأزّمة للحريري مع السعودية لم تصلّ حدّ انفكاك رئيس الحكومة عن سياسة المملكة، ولا يعني اتساع هامش المناورة لديه أنه قادر على مواجهة الخيارات السعودية في «الانتخابات المصيرية» المقبلة.
وبحسب معلومات أحد المراجع اللبنانية، فإن السعودية تضع شروطاً على تحالفات الحريري، في حال أراد الأخير أن يضمن الحصول على الدعم السعودي، خصوصاً المالي. وتؤكّد مصادر وزارية لبنانية بارزة أن «السعودية تربط مساعدة الحريري وإعادة تحسين العلاقة معه بتحالفاته خلال الانتخابات، وضرورة التزامه بالتحالف مع حلفاء السعودية في لبنان، ورفضه التحالف مع حزب الله أو الجهات القريبة منه في أي دائرة». وتؤكّد المصادر أن السعودية طلبت من الحريري أن يتحالف مع حزب القوات اللبنانية بشكل أساسي ومع عدد من المستقلين المسيحيين من المقربين للسعودية، وبعض الشخصيات السنيّة، لا سيّما الرئيس نجيب ميقاتي في طرابلس. وتؤكّد المصادر أن السعودية تعارض تحالف تيار المستقبل مع التيار الوطني الحر وحده، بل تحبّذ تحالفاً عريضاً يجمع تيار المستقبل والقوات والتيار الوطني الحرّ فضلاً عن الشخصيات الأخرى المقرّبة من المملكة.
وفيما يقول المصدر إن «الحريري في مأزق بسبب حاجته إلى الحصول على الدعم المالي السعودي وعدم رغبته في التحالف مع القوات اللبنانية»، تقول مصادر وزارية بارزة في تيار المستقبل لـ«الأخبار» إن «النقاش بين السعودية والحريري حول التحالفات الانتخابية لم يصل بعد إلى التفاصيل».
ويصرّ المصدر الوزاري المستقبلي على أن «البحث مع السعودية لم يتطرّق حتى الآن إلى التحالفات، والأمور ما زالت في بداياتها بعد الأزمة الأخيرة، إلّا أنه نرجّح أن السعودية تريد من الحريري أن يتحالف مع حلفائها، خصوصاً حزب القوات اللبنانية».
ويرجّح المصدر أيضاً أن «يربط السعوديون الدعم المالي بالتحالفات»، مستبعداً أن تقوم السعودية بدعم الحريري طالما أنه قد يتحالف مع حلفاء حزب الله دون سواهم. إلّا أن مصادر تيار المستقبل تنفي نفياً قاطعاً أن تكون السعودية طلبت أو ترغب في تحالف الحريري مع ميقاتي، وتؤكّد أن «الموقف السعودي تجاه ميقاتي متشدّد للغاية، والسعودية لديها ملاحظات كثيرة على أدائه خلال السنوات الماضية».