كتبت صحيفة “الراي” الكويتية: شكّل الموقف الذي أطلقه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أمس وأكد فيه ان «الانتخابات النيابية ستَجري في موعدها ووفق نظام انتخابي جديد يعكس الإرادة الحقيقية للمواطنين» إشارةً مُطَمْئنة إلى أن «قطار» هذا الاستحقاق «يسير على السكة» وصولاً الى 6 ايار موعد فتْح صناديق الاقتراع وذلك بالرغم من «الهبّة الساخنة» التي باغتت المشهد السياسي مع السجال الذي انفجر حول قانون الانتخاب ودعوة البعض الى وجوب العودة به الى البرلمان لإدخال تعديل عليه إما لتبرير الرجوع عن بعض الإصلاحات التي لحظها (مثل البطاقة الممغنطة) وإما لإدخال أخرى مثل «الميغاسنتر» أي الاقتراع في مراكز كبيرة بأماكن إقامة الناخبين.
وإذا كان الطرفان الرئيسيان في السجال المستجدّ حول قانون الانتخاب هما «التيار الوطني الحر» (حزب عون) ورئيس البرلمان نبيه بري الذي ما زالت «المعركة» بينه وبين رئيس الجمهورية مفتوحة حول ما بات يُعرف بـ «أزمة المرسوم» (منْح سنة أقدمية لضباط دورة 1994 في الجيش)، إلا ان موقف عون أمس جاء ليتقاطع مع تأكيد بري أيضاً انه «بغضّ النظر عن كل ما يشاع إلا أن الانتخابات ستجري في مواعيدها» مع الغمز في الوقت نفسه من قناة «التيار الحر» بكلامه عن «محاولات لطرْح بعض الإشكالات والخلافات لتطييرها».
وترى أوساط سياسية تبعاً لذلك، انه وبالرغم مما نُقل عن وزير الخارجية رئيس «التيار الحر» جبران باسيل من أن الانقلاب على الاتفاق المسبق حول الاصلاحات بقانون الانتخاب لناحية البطاقة الممغنطة و«الميغاسنتر» قد يُنتِج أزمة سياسية كبيرة، فإن أحداً لن يكون في وارد السماح بأن يعرّض «الكباش» حول هذه البنود الانتخابات النيابية لخطر التطيير، متوقّعة أن يستمرّ «اللعب على حافة الوقت» الفاصل عن دعوة الهيئات الناخبة في السادس من فبراير المقبل في محاولة لتحقيق خرْقٍ في قضية «الميغاسنتر» التي عاد «التيار الحر» للموافقة في سياقها على «التسجيل المسبق» للناخبين الراغبين بالاقتراع خارج مكان قيْدهم، مع الإصرار على الحاجة الى إدخال تعديل داخل البرلمان على قانون الانتخاب الذي نصّ على البطاقة الممغنطة وسقطتْ وذلك تفادياً للطعن بنتائج الانتخابات.
على أن هذه الأوساط تعتبر ان «التيار الحرّ» لن يكون قادراً على خرْق «البطاقة الحمراء» التي رفَعها بري بوجه أي تعديل على قانون الانتخاب «لأن ذلك سيجرّ الى تعديلات أخرى والخشية ان تكون الغاية تطيير الانتخابات»، مؤكداً «لن نَدخل بقانون الانتخاب مجدداً الى مجلس النواب»، وموضحاً انّ بطاقة الهوية وجواز السفر يحلّان محل البطاقة البيومترية في عملية الاقتراع.
كما تعتبر أن «التيار» يصعب أن ينجح بتوفير الموافقة على إقامة «الميغاسنتر» بعدما برز خلال اجتماع اللجنة المكلفة البحث بتطبيق قانون الانتخاب (اول من امس) انقسام حولها في ظل حسْم جهاتٍ سياسية ان الوقت الفاصل عن الانتخابات لم يعد يسمح بإقامتها (وبينهم بري و«حزب الله»).
ولم يكن ممكناً فصْل «الاشتباك» الجديد حول قانون الانتخاب عن «حرب المرسوم» وهو ما عبّرتْ عنه مصادر قريبة من بري تحدثت عن «أن هناك مَن يحاول نقْل المعركة من ملف المرسوم الى الانتخابات»، مقابل اعتبار الأوساط السياسية ان التشدّد في قضية رفْض «الميغاسنتر» وجزْم بري بقفْل باب البرلمان أمام تعديل «ولو فاصلةٍ» في قانون الانتخاب هو بمثابة «أول غيث الردّ» على تَمسُّك عون بعدم التراجُع في قضيّة المرسوم وبأن توقيع وزير المال (الشيعي) غير ضروري عليه (لأنه لا يرتّب أعباء مالية فورية)، معتبرة أن الفصول المقبلة في الفترة الفاصلة عن الانتخابات ستشهد المزيد من تبلور ترجماتٍ لـ «منازلة الرئاستيْن» في الاستحقاق النيابي على أكثر من صعيد.
وتؤكد الأوساط السياسية عيْنها ان عون الذي كان اعتبر قانون الانتخاب الجديد إنجازاً لعهده ويراهن على الانتخابات لتشكّل الانطلاقة الفعلية لهذا العهد، يَصعب أن يسمح بأن يصاب بانتكاسةٍ كبرى بحال طار هذا الاستحقاق الذي كان يفترض ان يجرى منذ العام 2013، متوقّفة عند تأكيد رئيس الجمهورية ان الانتخابات ستجري بموعدها جاء خلال استقباله وفداً من مجلس الشيوخ الفرنسي شدّد (عون) امامه على «ان انعقاد ثلاثة مؤتمرات دولية خلال الاسابيع القليلة المقبلة، هدفها مساعدة لبنان في مختلف المجالات، هو دليل آخر على أهمية الدور الذي يلعبه لبنان بمحيطه والعالم وما يتميز به من خصائص».
وكان عون يقصد بكلامه مؤتمر «روما 2» المخصص لتعزيز قدرات الجيش اللبناني، ومؤتمر «باريس 4» لدعم الاستثمار، ومؤتمر «بروكسيل 2» لمساعدة لبنان على تحمل عبء النزوح السوري، وهي المؤتمرات التي يستحيل فصْل مسارات التئامها وما ستخصّصه للبنان عن وجوب إجراء الانتخابات بموعدها، ناهيك عن النتائج التي ستفضي إليها وتحديداً اذا كانت ستؤدي لإمساك «حزب الله» وحلفائه بالغالبية، علماً ان المجتمع الدولي كرّر أكثر من مرة أهمية معاودة انتظام الحياة السياسية الديموقراطية عبر الانتخابات.
وإذ تشير تقارير في بيروت الى ان انعقاد «باريس 4» قد لا يحصل قبل إجراء الانتخابات التي ستسبقها زيارة للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لبيروت في ابريل المقبل، فإن الحِراك الدولي المتّصل بالمؤتمرات الثلاث يبدأ في اتجاه العاصمة اللبنانية في 29 الجاري مع زيارة رئيس جمهورية ألمانيا الاتحادية فرانك فالتر شتاينماير، علماً ان هذه هي المحطة الأولى لرئيسٍ ألماني في لبنان منذ 120 عاماً.