Site icon IMLebanon

الأساتذة يُصعِّدون والأهالي يتحرّكون!

كتبت ناتالي اقليموس في صحيفة “الجمهورية”:

«على صوص ونقطة». إلى هذا الحدّ بات مصير العام الدراسي على المحكّ، ولم يكن ينقص الوضع تأزّماً إلّا إعلان اتّحاد المؤسّسات الخاصّة عدمَ اعترافِه بالدرجات الستّ التي منحَتها سلسلة الرتب والرواتب للمعلّمين «إذ إنّها تخصّ التعليم الرسمي فقط». فيما الأساتذة يُصرّون على كامل حقوقهم: «ما صِمنا لنِفطَر عَ بصلة». أمّا وزير التربية والتعليم العالي مروان حمادة فيستبشر خيراً من «تخصيص جلسة وزارية تربوية قريباً»، وفقَ ما أكّده لـ«الجمهورية». إلى ذلك، تستعدّ اللجنة الأسقفية للمدارس الكاثوليكية برئاسة المطران حنّا رحمة للقاء رئيس الحكومة سعد الحريري الثلثاء المُقبل وفقَ ما علمت «الجمهورية» في محاولةٍ لإنقاذ السنة الدراسية.

من يُنقذ أكثرَ من 660 ألف تلميذ في المدارس الخاصة؟ سؤالٌ باتَ أكثرَ مِن مُلحّ وسط عجزِ إدارات المدارس الخاصة عن إعطاء أساتذتها كاملَ حقوقهم من دون زيادات على الأقساط، فيما الأهالي يَرزحون تحت ضائقةٍ اقتصاديّة ويرفضون أيَّ زيادة بصَرفِ النظر عن حجمها.

حمادة: هذا الحلّ الوحيد

وحده وزير التربية والتعليم العالي مروان حمادة يأمل خيراً بأن يخلقَ ثغرةً في الأفق المسدود، فيوضح لـ«الجمهورية»: «أرسلتُ إلى الأمانة العامة في مجلس الوزراء مشروع قانون معجَّل بجدولةِ القانون 46 بالنسبة للتعليم الخاص، مع جدولةٍ زمنيةٍ للدفع على 3 سنوات، تحفَظ للأساتذة كاملَ حقوقهم وفي الوقت عينِه تأتي الزيادات ناعمةً على الأهل ومحمولة، مع المحافظة على التوازن المالي للمدارس، وهذا هو الحلّ المنطقي الوحيد الذي أراه خصوصاً وأنّ الدولة لن تكون قادرةً على تغطية الزيادات كاملةً»، مشيراً إلى أنّه سيدعو «قريباً لجنة الطوارئ للانعقاد في غضون 3 أيام للبحث في التفاصيل».

جلسة حكومية استثنائية

هل ستشهد الجلسة الوزارية اليوم غَوصاً في الملفّ التربوي؟ يجيب حمادة: «ضِمن جدول الأعمال لا، إنّما قد أطرَح في بداية الجلسة القضية التربوية، على أيّ حال منذ أشهر طلبتُ من رئيس الحكومة سعد الحريري جلسةً وزارية تربوية خاصة وأمسِ جدّدتُ مطلبي ووعَدني خيراً بتخصيص جلسة وزارية استثنائية في الشؤون التربوية».

وعن موقفِه من عدمِ عقدِ الجلسة حتى الآن رغم أنّ القضية وطنية وترتبط بمصير الآلاف من التلاميذ، يجيب ممازحاً: «ربّما لو كنّا باخرةَ نفطٍ أو كهرباء لَكانت انعقَدت الجلسة أسرع»، وأضاف: «هناك استحقاقات كثيرة وطارئة، من دون أن ننسى أنّنا أمضَينا نحو شهر ونِصف بما سُمّي الأزمة الحريرية، ما انعكسَ تأخيراً على انعقاد الجلسات الوزارية».

المطران رحمة: لهذا نرفض الدرجات

بالمقابل يَعتبر رئيس اللجنة الأسقفية المطران حنّا رحمة «أنّ التقسيط ليس حلّاً جذرياً، وكأنّه وسيلة فقط لتأخير موعدِ إقفال المؤسّسة التربوية من سنة إلى أخرى نتيجة الأوضاع التي تتخبّط فيها».

ويوضح في حديث لـ«الجمهورية»: «إذا كان فعلاً مِن حقّ الأساتذة في الخاصة أخذُ الدّرجات السِتّ، نتمنّى الاعترافَ بذلك بصريح العبارة، ولتتكفَّل الدولة في تسديدها، نحن نؤدّي دورَ «نسمة الخير»، صِلة الوصل بين المستفيد والمفيد، بين الأهالي والأساتذة».

ويتوقّف رحمة عند تداعيات إلزام القطاع الخاص بالدرجات السِتّ، قائلاً: «الزيادة العادية، أي مِن دون الدرجات السِتّ تُرتّب زيادةً على الأقساط نحو 400 ألف ل.ل. في الحدّ الأدنى، و800 ألف ليرة كحدٍّ أقصى على كلّ تلميذ، وهذا يختلف من مدرسة إلى أخرى بحسب حجمِها، وضعِها، عددِ المسجّلين فيها، وغيرها من التفاصيل».

ويُضيف: «أمّا إذا احتسَبنا الدرجات التي أقرَّتها السلسلة، فأدنى زيادة ستكون مليون ل.ل. على كلّ تلميذ. الأهالي ومن دون زيادة يتعذَّر عليهم تسديد الأقساط سنوياً، كيف بالحريّ إذا أضَفنا ما أقرّته السلسلة؟».

ويتابع مستغرباً: «منذ الأساس حين طُرحت مسألة الدرجات السِتّ، كان الهدف إعطاءَها فقط إلى الأساتذة في قطاع التعليم الرسمي، وتحديداً الثانوي الذي لم ينَلْ سابقاً درجاتٍ استثنائية لتقليص الفجوة بين راتبه وراتبِ زميله في الخاص»، متوجّهاً بالسؤال إلى النائب بهية الحريري وحمادة: «غريب كيف انتقلَت الدرجات إلى التكميلي والابتدائي بسِحر ساحر؟».

ماذا سيَحملون للحريري؟

وفيما تستعدّ اللجنة الأسقفية للقاء الرئيس سعد الحريري، يوضح رحمة: «سنَحمل معنا الهَمَّ الوطنيّ الأكبر، المسؤوليةَ الكبرى، وهي مستقبل التلامذة والأساتذة والمؤسّسات التربوية الخاصة التي تشكّل 70 في المئة من التعليم في لبنان وتَرسم وَجهَه الحضاري والثقافي. سنُطلِع الحريري، رئيسَ السلطة التنفيذية، على أدقِّ تفاصيل المشكلة التي هي في الأساس مسؤوليّة دولة وليس مجرّد مدرسة أو مدير أو مطران».

ويُضيف: «نأمل منه أن يتوصّل إلى حلول عاقلة، منطقية بالتعاون مع السلطة التشريعية، أقلّه لهذه السَنة، ومِن ثمّ يتمّ التركيز على حلٍّ استراتيجي وطني، أي خطة شاملة تضع الدولةَ أمام مسؤوليتها»، متخوِّفاً من «أن يتلهّى السياسيّون بالانتخابات، متناسين وجَع الناس».

نقيب الأساتذة: سنُصعّد

بينما تكبُر الأزمة التربوية ككرةِ ثلجٍ مِن رأس الهرم إلى القاعدة، بالنسبة إلى الأساتذة الأمرُ محسوم: «نرفض أيَّ مبدأ يَمسّ بالسلسلة، وكلُّ طرحٍ يؤدّي إلى تعديل القانون 46 أو يُغيّر في تقديماته وبمستحقّاته نحن نرفضه»، وفقَ ما أكّده نقيب المعلمين رودولف عبّود لـ«الجمهورية»، موضحاً: «نحن لا نعتمد على القراءة الخاصة لأصحاب المدارس للقانون، فالمواد واضحة ولا تحمل أيّ لبسٍ.

حتى إنّ مشروع القانون الذي أرسَله الوزير حمادة ليس لنا عِلمٌ به، وما طرَحه حول إمكانيةِ التقسيط نَرفضه»، مشيراً إلى أنّ «الجمعيات العمومية ستُكثّف اجتماعاتها للإعلان عن مواقف تصعيدية موحّدة وضِمن أوقات محدّدة، باختصار: نحن متّجهون نحو التصعيد بسبب ما نَسمعه من مواقف في توقيتٍ مشبوه».

الأهالي: مسيرات احتجاجية

يُشكّل توقيعُ الأهل على الموازنات التي مِن المفترض أن تُرسِلها كلّ مدرسة إلى وزارة التربية قبلَ انتهاء الشهر الجاري، ورقةَ ضغطٍ قوية في حساباتهم. إذ يَرفضون التلهّي في خوضِ غمار الحلول المقترَحة مؤكّدين البقاءَ على موقفِهم «لن نرضى بأيّ ليرة إضافية».

فبَعد الاجتماع الأخير في غزير والذي ضمَّ معظمَ اتّحادات لجان الأهل في المدارس الخاصة من المناطق كافّة، أجمعوا على أهمّيةِ رصِّ صفوفِهم، وتوحيدِ الكلمة والموقف.

وفي هذا السياق علمت «الجمهورية» أنّ الأهالي يَدرسون استبدالَ فكرةِ التظاهر أمام وزارة التربية بتنفيذ مسيراتٍ سِلمية مناطقية، أبرزُ وجهاتِها القصرُ الجمهوري وبكركي.

من جهتها، تقول رئيسة اتّحاد لجان الأهل في فتوح كسروان وجبيل ميرنا خوري لـ«الجمهورية»: «إتفَقنا على عدمِ توقيع موازنات المدارس التي تتضمَّن زياداتٍ رغم أنّ عدداً كبيراً من المدارس قد أرسَل إلى الأهالي circulaire يتضمَّن زيادات، وهي حكماً غير قانونية».

وما هي النتيجة من عدمِ توقيع الموازنات؟ تُجيب خوري: «بَعدها ستلاحظ وزارة التربية الكمَّ الهائلَ من الموازنات غيرِ الموقَّعة، وستتّجه حكماً إلى فتحِ ملفّات الموازنات القديمة وتُدقّق فيها».