Site icon IMLebanon

فنيانوس يضرب التوازن المسيحي-الاسلامي… هل بدأ دفع الفواتير الانتخابية؟ (تقرير رولان خاطر)

تقرير رولان خاطر

وقّع وزير الأشغال يوسف فنيانوس قرار تعيين المراقبين الجويين ومضى. مضى إلى جمهوريته. جمهورية الوزير “الماروني” لا دين فيها ولا طوائف ولا مذاهب، لا هرطقات دستورية أو عرفية فيها حول التوازن والشراكة، ولا هواجس أقليات أو نزعات عقائدية دفنها الزمن. جمهورية أفلاطونية بامتياز. نعم، هي السخرية بحدّ ذاتها أن يوقع وزير ماروني، ينتمي إلى بيئة بأغلبيتها مارونية، عاشت هواجس البقاء والوجود الحرّ وقدمت في سبيله الشهداء، وكتلته شاركت في لقاءات بكركي التي تعنى بمسألة تعزيز الوجود المسيحي في الدولة، ان يوقع على مرسوم يلحق الغبن بالمسيحيين.

استياء كبير في صفوف المسيحيين جراء ما قام به فنيانوس. توقيع قرار تعيين المراقبين الجويين في ظل الخلل الفاضح وغير المسبوق بالتوازن الطائفي بحيث بلغت نسبة المسيحيين 8 في المئة فقط من المعينين. فلو قلبنا الأدوار مثلا، وكانت هذه النسبة من المسلمين، هل لاستطاع فنيانوس أن يوقع ويمضي؟ هل فعلا كل الشباب المسيحي لا يريد أن يتوظف في الإدارة العامة؟ ألم يكن أجدى بالوزير فنيانوس أن يعمّم طلب التوظيف على شباب زغرتا ومنهم الكثير من يفتش عن وظيفة؟ أليس من مسؤولية الوزير فنيانوس ومرجعيته السياسية الحفاظ الفعلي على الوجود المسيحي في الإدارت العامة هو بحماية والتمسك بالتوازن أكان في الفئة الأولى او غيرها؟

الكنيسة والأحزاب المسيحية رافضة لكل المبررات التي أعلنها فنيانوس. فالاب كميل مبارك اعتبر ان توقيع الوزير فنيانوس مخالف للاعراف. وقال لـIMLebanon: “قانونا، يستطيع الوزير ان يوقع المرسوم لان لا قانون يفرض التوازن الطائفي في الوظائف دون الفئة الأولى، ولكن بما أننا نعيش في بلد قائم على التوازنات كان من المفروض به أن “يعد للعشرة”.

وأضاف: “كان المطلوب منه القليل من الحكمة وحسن التصرف”، لكن سأل مبارك: “هل عمله هذا شكر او رد جميل لأحد معين، لا اعرف. وطالما أن الناجحين مروا عبر مجلس الخدمة المدنية، فهل يعقل نجاح هذا العدد من المتقدمين على الوظيفة من طائفة معينة في مجلس الخدمة المدنية ولا ينجح الآخرون؟ الأمر مستغرب.

عضو تكتل التغيير والاصلاح النائب حكمت ديب، قال لـIMLebanon: “لا ننكر ان هناك من يستحقون أن يعينوا ضمن هذه المجموعة التي تقدمت للوظيفة، لكنه شدد على أنه حتى في الوظائف دون الفئة الأولى يجب مراعاة التوافق الوطني والتوازن، فهذا الأمر يسيء إلى التركيبة اللبنانية اذا لم يحترم، من دون أن ننتقص من حق اي طائفة. يجب ان يكون هناك آلية تعتمد، وكل الطوائف تمتلك كفاءات عالية لكن يجب مراعاة التوازن.

وأضاف ديب: “من حق الشباب اللبناني التوظف في الادارة ويجب أن تكون المناصفة حقيقة في الادارة. والغاؤها في الطائف على الوظائف دون الفئة الأولى لم يكن انعكاسه ايجابيا على صعيد الادارة وحتى على صعيد الكفاءة في الادارة وما نشهده في بعض الادارات لا يطمئن، من دون أن ننتقص من الكفاءات الموجودة لدى الطوائف الأخرى”.

وقال ديب: “هناك تجاوز للقوانين ومستويات لا تليق بالمواقع الموجودة، وهذه الطريقة يجب اعادة النظر بها واحترام التوازن المذكور ايضا في الدستور. وبالتالي لا يجب التذرع بانهم نجحوا في مجلس الخدمة المدنية، علما أن أسئلة تطرح في هذا الإطار، إذ من الضروري معرفة كيف عُمّمت الدعوة للوظيفة ومتى؟ وهل تمت عملية النشر بشكل متوازن وضمن المدة الكافية وأين؟

واكد النائب ديب أن الكثير من الشباب المسيحي يتوق لأي وظيفة حتى الوظائف الدنيا، وليس صحيحا انهم منكفئون وانهم لا يريدون التوظف في الادارة ، فما حصل خطأ يجب أن يصحح.

النائب ايلي ماروني، قال لموقعنا: “نضع هذا الامر بتصرف بكركي لأننا منذ سنوات نلتقي ونجتمع مع وزراء ونواب مسيحيين وهناك سعي مستمر لخلق توازن مسيحي اسلامي في الوزارات وبالتالي نريد ان نسمع تعليق بكركي على توقيع وزير ماروني ينتمي الى تيار بأغلبيته موارنة فيه هذا الخلل الفاضح بالتوازن، في وقت نرى ان هناك مراسيم لا توقع لان فيها خللا لصالح المسيحيين.

من جهة ثانية، سأل ماروني: “هل بدأت الفواتير الانتخابية تدفع عند كل الوزراء؟ ولماذا هذا الاستهتار بالوجود المسيحي؟ وقال: “نصرّ على ضرورة تأمين التوازن المسيحي الاسلامي حفاظاً على لبنان لأن البلد لا يكون من دون مسيحي قوي ومسلم قوي إلا ان المسيحي مستضعف دائما والشباب المسيحي يهاجر، من هنا، فإن هؤلاء الوزراء يتحملون مسؤولية ما جرى ونترك لبكركي وللشعب محاسبتهم”.

إن خطوة الوزير فنيانوس التي تأتي عشية الانتخابات النيابية، البعض فسّرها على أنها تأتي في سياق البازار الانتخابي، والبعض الآخر لمّح واستغرب مثل هذه الخطوة. وإذا كان الوزير يبرر توقيعه بأن الناجحين مروا على مجلس الخدمة المدنية، فهذا يعيد من جديد ما كانت تطرحه “لابورا” عن وجود خلل داخل “الخدمة المدنية” حيث أن “البيئة الحاضنة” لهذا المجلس تستثمر فيه في إطار حزبي وطائفي، ما يتوجب على القوى المسيحية عدم البقاء صامتين “صمت القبور” على من يعمل على تغيير هوية لبنان الثقافية والجغرافية والديموغرافية والكيانية.