كتب ناجي سمير البستاني في صحيفة “الديار”:
إنتهى إجتماع اللجنة الوزارية المُكلّفة البحث في تفاصيل تطبيق قانون الانتخابات النيابيّة الجديد بفشل إضافي يُضاف إلى سلسلة من الاجتماعات السابقة غير المُثمرة. فما الذي حصل، وما الذي سيحصل مُستقبلاً على مُستوى الانتخابات، بعد تلويح وزير الخارجية جبران باسيل بإمكان الطعن في نتائج الانتخابات، وقوله: « لن ننعى الإصلاحات وسنقاتل بكل ما أوتينا من قوة من أجلها» وردّ رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي بأنّ هناك مُحاولات لتطيير الانتخابات؟
مصادر سياسيّة مُطلعة لفتت إلى أنّ الرأي خلال الاجتماع الأخير للجنة الانتخابات كان مُتفقا على عدم إمكان نهائيا الحديث عن اعتماد «بطاقة مُمغنطة» للاقتراع، على بُعد أشهر معدودة من الانتخابات، وجرت مُناقشة مسألة تعديل المادة 84 من قانون الانتخاب الجديد بطلب من وزير الخارجيّة الذي تحدّث عن أنّ إجراء الانتخابات من دون تعديل هذه المادة سيفتح الباب أمام إمكان الطعن في القانون الانتخابي، وحتى أمام إمكان الطعن بنتائج الانتخابات ككل في مرحلة لاحقة. في المُقابل، رأى وزير المال علي حسن خليل أن لا لزوم لأي تعديل، لأنّ القانون لا يُحتّم استخدام البطاقة الإلكترونيّة، وانقسم الحاضرون بين هذين الرأيين، مع بروز تدخّل وزير الشباب والرياضة محمد فنيش، الذي يُمثّل «حزب الله» في اللجنة لتهدئة الأجواء، وحديثه عن عدم مُمانعة تعديل المادة التي تتحدّث عن «البطاقة الممغنطة» حصرًا، لكن من دون فتح باب التعديلات على أي مواد أخرى في القانون.
ولفتت المصادر السياسيّة المُطلعة إلى أنّ المادة 84 من القانون الانتخابي الجديد واضحة، وجاء فيها تحت عنوان «في البطاقة الإلكترونية المُمغنطة» أنّه «على الحُكومة، بمرسوم يُتخذ في مجلس الوزراء بأكثريّة الثلثين بناء على اقتراح الوزير، اتخاذ الإجراءات الآيلة إلى إعتماد البطاقة الإلكترونيّة الممغنطة في العمليّة الانتخابيّة المُقبلة، وأن تقترح على مجلس النواب التعديلات اللازمة على هذا القانون التي تقتضيها اعتماد البطاقة الإلكترونية الممغنطة». وأضافت أنّه طالما الحُكومة لم تعمد إلى إتخاذ أيّ قرار باستخدام البطاقة الإلكترونية بمرسوم نال ثلثيّ أصوات الوزراء، فهذا يعني أنّ هذا البند سقط حُكمًا من دون الحاجة إلى العودة إلى المجلس النيابي. وتابعت المصادر نفسها أنّه لو كان القانون يُشير فقط إلى حصريّة استخدام هذه البطاقة لكان وجب تعديله، لكن بما أنّ المادة 95، وتحت عنوان «في عمليّة الاقتراع»، تتحدّث عن أنّه «يقوم رئيس القلم بالتثبّت من هويّته (أي للناخب)، استنادًا إلى بطاقة هويّته أو جواز سفره اللبناني العادي الصالح. وعند وُجود اختلاف مادي في الوقوعات بين بطاقة الهوية أو جواز السفر من جهة ولوائح الشطب من جهة أخرى، يعتدّ برقم بطاقة الهويّة أو برقم جواز السفر»، فهذا يعني تلقائيًا إنه يُمكن الاقتراع ببطاقة الهوية أو جواز السفر، وبخاصة أنّ عمليّات التصويت في لبنان كانت تحصل دائمًا بهذه الوسائط.
وأشارت المصادر السياسيّة المُطلعة إلى أنّ نقطة الخلاف الأساسيّة الثانية خلال اجتماع اللجنة الوزارية الخاصة بالانتخابات تمحورت حول موضوع إنشاء مراكز «ميغا سنتر» حيث رأى مُمثّلو كل من حزب الله وحركة أمل والحزب التقدمي الاشتراكي وتيار المردة والحزب القومي السوري أنّ الوقت صار ضيقًا جدًا لاستحداث هكذا مراكز، في حين طالب مُمثل كل من «التيار الوطني الحرّ» وحزب «القوات اللبنانيّة» بذلك، وكان موقف «الحزب الديموقراطي اللبناني» مُحبّذًا، وموقف «تيّار المُستقبل» غير مُمانع قبل أن يتراجع عن ذلك، بعد احتدام الخلاف، ومنعًا لإضافة مُشكلة سياسيّة جديدة إلى المشاكل القائمة حاليًا!
ولفتت المصادر السياسيّة نفسها إلى أنّ اعتماد مراكز «ميغا سنتر» بعد سقوط «البطاقة المُمغنطة» والربط الإلكتروني بين المراكز، يستوجب تعديلات مُختلفة في القانون، ويستوجب أيضًا اتخاذ تدابير إدارية غير سهلة، منعًا لحُصول أعمال تزوير لأنّ المندوبين في مراكز الاقتراع الكبرى لا يعرفون الناخبين بعكس ما هي الحال في القرى والبلدات المختلفة، ومنعًا لقيام أي ناخب بالتصويت مرّتين: مرّة في مكان سكنه، ومرّة أخرى في مسقط رأسه، من دون نسيان الصُعوبات التنفيذيّة، لجهة إيجاد الأمكنة الجغرافية المناسبة لإقامة هكذا مراكز، وعدم التسبّب بزحمة غير قابلة السيطرة تُنفّر الناخبين من التصويت، وضرورة تزويد العاملين في مراكز الاقتراع بلوائح عن كل الدوائر مع ما يعنيه هذا الأمر من بطء في العمل في غياب البطاقات والآلات الإلكترونيّة، إلخ. وكشفت المصادر نفسها أنّ ما أثار غضب الوزير باسيل خلال اجتماع اللجنة الوزارية الأخير، الاعتراض على إقامة هذه المراكز بالمُطلق بعد أن كان المُعترضون يشترطون عليه في السابق المُوافقة على مبدأ التسجيل المُسبق، وما أن أظهر ليونة في هذا الصدد حتى جوبه برفض كامل للفكرة من أساسها بحجّة ضيق الوقت!
وعن خيارات «التيّار الوطني الحُرّ» المُستقبليّة، توقّعت المصادر أن يُواصل «التيّار» تصعيده السياسي والإعلامي، لكن من دون أن يؤثّر ذلك في حتميّة إجراء الانتخابات في موعدها، مُشيرة إلى أنّ «الوطني الحُرّ» يريد تجنّب الإحراج أمام مُناصريه ومؤيّديه، بعد أن كان قد برّر مُوافقته على التمديد للمجلس النيابي لمدة 11 شهرًا، لإفساح المجال أمام إدخال سلسلة من الإصلاحات، ليتبيّن اليوم أنّ كل الإصلاحات التي حُكي عنها في المرحلة السابقة قد سقطت! وأضافت أنّه من هذا المُنطلق سيُواصل رفع الصوت، مُستبعدة في الوقت عينه أن ينجح في تغيير رأي الأفرقاء المُعترضين، بخاصة أنّ الخلافات السياسيّة باتت مُستحكمة في أكثر من ملفّ والانقسامات صارت بالجملة!