Site icon IMLebanon

“جسر جل الديب”.. رهينة الخلاف السياسي والتضليل

كتبت صحيفة “الديار”: وكأن لا قضاء في لبنان أو مجلس شورى دولة يبتّ بالمخالفات والمراجعات، بل فقط «دولة» مجلس الإنماء والإعمار التي تضرب بعرض الحائط كل القرارات والاحكام القضائية على غرار ما حصل بمسألة جسر الـ L الذي يتمّ بناؤه لقتل منطقة المتن الشمالي وأبنائها اقتصادياً وجسدياً نتيجة إفتقاد مخطط علمي مدروس على أكثر من صعيد.

واللافت هو الردود التي وزعها المسؤولون الذين يتابعون ملف الجسر، رغما عن القضاء، الذي قضى بتوقيف العمل به، فمثلا يقولون ان كلفة الـ Double U  ستقارب السبعين مليون دولار، فيما هي عمليا لا تصل الى هذا الرقم مع الاستملاكات الكاملة وهو رقم ليس بكثير على المتن الشمالي التي تجني الدولة منه ما يقارب 750 مليون دولار سنويا من مداخيلها اضافة الى ان جسر الـ U قد خضع لدراسة وافية وتبنّته الحكومة السابقة وكذلك المجلس البلدي السابق، الذي كان من ضمن مجلس اعضائه رئيس البلدية الحالي المهندس ريمون عطية الذي كان مدافعا ومؤيدا لصيغة الـ U قبل ان يتحول الى دعمه لصيغة الـ L وفق موقف بات معلوماً وحسابات ليست خافية على ابناء البلدة.

ثم ان الكلام عن ان جسر الـ L يوفر اموالا لمشاريع اخرى في المنطقة لكون تكلفته لا تتعدى العشرين مليون دولار يحمل تضليلاً، كأن يُقال انه سيتم رصد ثلاثة ملايين دولار لتوسيع ساحة جل الديب في وقت لا يوجد اي مخطط لهذه الغاية، على ان التقييم الاولي يقول ان توسيع الساحة يفوق الخمسة عشر مليون دولار نظرا لوجود عمارات ضخمة على جانبيها قيمتها جد عالية.

كما ان الكلام عن توسيع مدخل جل الديب – بصاليم هو كلام تضليلي ايضا، فعمليا يتطلب الامر ازالة كل العمارات المحيطة بالطريق التي تمر من ساحة جل الديب وصولا حتى اعالي البلدة، مع ضرورة ازالة مبنى الجامعة اللبنانية اي ان الكلام هو شائعة، اذ ان التصريحات لبعض المسؤولين عن سلسلة مشاريع تكلف حوالي 100 مليون دولار هي وهم وشائعات، واذا صح بعضها فانها غير مفيدة للمنطقة وتؤدي الى صرف اموال دون نتيجة، وفق قاعدة «كمن فسّر الماء بالماء».

واكثر ما في الامر هو ان وزارة البيئة ردت قبل يومين من صدور حكم شورى الدولة على انها مستوفية الشروط وهو امر غير دقيق لان المطلوب تنفيذ 17 بندا، ومنها تقييم الأثر البيئي، حيث يركز النص على نتائج التحقيقات المدعومة بمراجع معتمدة لشرح هذه المعلومات التفصيلية، ويجب عرضها في الملاحق او في مستند مستقل.

ويتضمن تقييم الأثر البيئي ما يلي:

ملخص تنفيذي، قائمة المحتويات ، مقدمة ، اطار السياسيات والأطر القانونية، مشاركة العامة وإعطاء رأيهم، وصف المشروع المقترح، وصف البيئة المحيطة بالمشروع، الاثار البيئية المُحتملة للمشروع، تحليل البدائل للمشروع، خطط الادارة البيئية، خلاصة.

علما ان الملاحق تتطلب محاضر عن مشاركة العامة وتصورهم ولائحة بأسماء معدي تقييم الأثر البيئي من أفراد ومؤسسات، حيث المطلوب في ما خص مشاركة العامة رأي المنظمات غير الحكومية والمجموعات المتضررة من المشروع:

-البيئة الاجتماعية والاقتصادية اي العنصر الديمغرافي الذي يتضمن تطلعات السكان

-حركة السير وما ينتج عنها من مضاعفات تتوزع بين الزحمة والضرر البيئي الناتج عن كثافة السيارات وما ينبعث عنها من سموم

في حين جاء جواب الوزارة في صفحة ونيف وفق منطق عجائبي تحيط به علامات استفهام ولم يتم اطلاع الناس عليها لانه عادة تأتي الدراسات التي تقدم عليها الدولة لمصلحة الشعب والمصلحة العامة، وان كل ما يحصل في ما خص بناء جسري الـ L هو ان مصالح المواطن وصحته ومصلحته مهددة على اكثر من صعيد، والتناقض الكبير الذي يقع به المندفعون لبناء صيغة الـ L هو اعتبارهم ان اشارة ضوئية موجودة في ساحة انطلياس تؤدي الى ازدحام السير الذي يؤدي الى الاوتستراد الخارجي وفق معاناة تبين بوضوح الضرر الذي سيترتب بعدها على المنطقة نتيجة وجود ما يقارب 7 اشارات ضوئية عند مخرج ومدخل صيغتي الـ L على الجانب الداخلي للطريق التي تصل انطلياس بالزلقا، ما يعني ان هذه الاشارات الضوئية ستوصل المنطقة الداخلية الى كارثة لانها لن تستطيع ان تصرف السيارات التي تبلغ الالاف وتريد ان تدخل يوميا الى المنطقة من المنفذ الشمالي نحو الخط الداخلي، وبالتالي فان المنطقة ستتحول الى مقبرة للبشر والسيارات وسترتب زحمة السير اضرارا بالمصالح التجارية والاقتصادية في المنطقة وتلغي المواقف التي هي لابناء المنطقة الذين يركنون سياراتهم على هذه الطرقات.

والأسوأ في ذلك انهم يتباهون بان مشروع الـ L هو اسرع من مشروع الـ Double U في التنفيذ انما هو في الواقع اسرع في قتل ابناء المنطقة من المشروع الاخر.

لذلك، يفضل المواطنون عدم انشاء هذا الجسر لعدم قتلهم وكذلك توقيف العمل في الصيغتين الـ L و Double U والكلام ان ثمة خلافاً سياسياً وانقساماً بين الـ L والـ Double U هو كلام في غير مكانه لان كل ابناء المنطقة يؤيدون العهد الحالي برئاسة عون، والمعترضون على جسر الـ L بينهم ناشطون ناضلوا في التيار الوطني الحر ولا يزالون على خيارهم هذا ولا يعني الامر ان دراسة مجلس الانماء والاعمار هي مستوفية الشروط العلمية والهندسية لكي يتمسك هذا المجلس بصيغة الـ L، اذ يكفي ان نتطلع الى الجسر الهجين والمخالف لكل القواعد الهندسية العالمية التي اعتمدت في منطقة نهر الموت والذي تنتج عنه زحمة قاتلة ومنهكة للاعصاب استهلاكا للوقت لنتأكد بأن دراسات مجلس الانماء والاعمار لا تستوفي الدراسات الهندسية المطلوبة.

اما في ما خص بدعة الـ service road  اي طريق الخدمات، فان هذا الواقع غير موجود على طول الطريق الرئيسية من الجنوب حتى الشمال، اذ هي يجب الا تكون ضمن عرض عشرة أمتار لأنها لن تتسع لسيارة توقفت لشراء سبع من المحلات الاساسية المنتشرة عليها وسيارة تود العبور، كما انها تشكل زحمة سير وتم ادراجها بصيغة مفخخة وغير خاضعة لأي دراسة هندسية وافية. فعادة تكون طريق الخدمات من خلال مخرج على الاوتستراد نحو اتجاه يبتعد عن الطريق نحو200 متر حيث توجد محطة لكل الخدمات المطلوبة ولا يؤدي الوصول اليها لأي عرقلة للسير.

لذلك، عملا بمقولة ان الكحل احسن من العمى وهذا المخطط الخبيث بأهدافه، فهم يطالبون بإلغاء صيغتي الـdouble L و Double u  واستعمال الأموال حيث لا تسبب ضررا للمواطنين او صرفها في مكان آخر ولوجهة اخرى لا تشكل ضررا أو سوءا. ويبقي الافضل توقيف العمل بهذا الجسر انقاذا «للبشر» في هذه المنطقة سيما ان الدراسات والتنفيذ والبناء تأتي بمثابة ورقة النعوة لابناء المنطقة الذين سيكونون ضحية هذا المخطط الخبيث باهدافه.

وفي الختام يتساءل المواطنون اذا كانت احكام القضاء لا تطبق فمن يكون المرجع الصالح لتطبيقها؟