تشير أوساط نيابية ووزارية لصحيفة “الحياة”، إلى أن أمام السلطتين التشريعية والتنفيذية الكثير من المعالجات التي يحتمها «تعاونهما» لتأمين الانتظام العام الذي يتيح إجراء الانتخابات على أساس القانون الجديد الذي فيه تعقيدات لم تختبرها الطبقة السياسية والناخبون سابقاً. وتشير مصادر وزارية وقضائية لـ «الحياة» إلى أن التأخر في هذه المعالجات هو الذي يطرح شكوكاً في أوساط سياسية وإعلامية حول إجراء الانتخابات في موعدها، بحيث يضطر الرؤساء الثلاثة كل فترة لتأكيد أنها ستجرى مهما كانت الظروف.
ومن الخطوات المطلوبة فتح دورة استثنائية للتشريع البرلماني (لأن الدورة العادية في منتصف آذار- مارس) وتحديد جدول أعمالها ومنها انتخاب النواب نصف أعضاء جدد للمجلس الدستوري (5 أعضاء) المنتهية مهمته منذ سنوات، على أن تختار الحكومة النصف الآخر. فهذا المجلس يناط به البت بالطعون الانتخابية النيابية، واكتماله القانوني واحد من إجراءات الانتظام العام الذي يحول دون أي شائبة في العملية الانتخابية المقبلة.
وتقول مصادر قضائية لـ «الحياة» إن على الحكومة والبرلمان معالجة مطالب السلك القضائي المعيشية التي يرى أنه حرم منها في موازنة 2017 لجهة مساهمة الخزينة في صندوق التعاضد القضائي، ولجهة مساواة رواتب القضاة برواتب الفئة الأولى في الإدارة بعد رفعها في سلسلة الرتب والرواتب… وتشير هذه المصادر إلى أن القضاة قد يلجأون، بعد اجتماعات عقدوها الأسبوع الفائت، إلى خطوات احتجاجية غير الإضراب والامتناع عن عقد جلسات المحاكم، كأن يمتنعوا عن ترؤس لجان القيد الانتخابية التي سيشكلها وزير العدل سليم جريصاتي والتي لها مهمات جوهرية في العملية تبدأ بالتدقيق في لوائح قيد الناخبين والموافقة على إصدارها بعد تنقيحها، وتمر بالإشراف على فرز الأصوات وتنتهي بإصدار النتائج النهائية لعمليات الاقتراع في محاضر رسمية… وإذا صح أنهم سيقاطعون لجان القيد تصبح الانتخابات في خطر فعلي من بداية العملية حتى نهايتها.
ومن إجراءات الانتظام العام أيضاً أن يوقع رئيسا الجمهورية والحكومة مرسوم دعوة الهيئات الناخبة إلى الاقتراع في 6 أيار المقبل، بعد أن وقعه وزراء الداخلية والمال والعدل، والذي يتوجب نشره في أقصى حد في 5 شباط (فبراير) المقبل أي بعد 20 يوماً احتراماً للمهلة القانونية (قبل 90 يوماً من موعد الانتخابات العامة). وترجح الأوساط المتابعة للملف الانتخابي لـ «الحياة» أن يعود تأخر الرئيس عون في التوقيع على المرسوم إلى رغبته في انتظار اتضاح القرارات النهائية للجنة الوزارية المكلفة تطبيق القانون الجديد، والتي تعاني من خلافات في داخلها، مستمرة من دون حسم، بحسب ما ظهر من اجتماعها الأخير الثلثاء الماضي. ولا تشير التوقعات إلى إمكان حسم هذه الخلافات خلال الأيام العشرين المتبقية لإنفاذ مرسوم دعوة الناخبين، لا سيما منها مطالبة رئيس «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية جبران باسيل بإدخال تعديلات على القانون لجهة الاستغناء عن البطاقة الإلكترونية للانتخاب في هذه الدورة لمصلحة الاقتراع بالهوية أو جواز السفر، ولجهة إنشاء مراكز اقتراع للناخبين في أماكن السكن على الساحل اللبناني (ميغا سنتر)، بدل أماكن القيد في القرى الجبلية، ولتمديد مهلة تسجيل المقترعين في بلاد الاغتراب.
وفي وقت تؤكد مصادر الرئيسين عون وبري أن لا انعكاس للخلاف على توقيع أو عدم توقيع وزير المال مرسوم الأقدمية لضباط دورة 1994 على العمل الحكومي والبرلمان، وأن الحرص على الاستقرار السياسي والحكومي ما زال ساري المفعول كالسابق، تستبعد أوساط سياسية متعددة ألا يتأثر التعاون بين السلطات بهذا الخلاف ولو في شكل غير مباشر. وحرصت مصادر الرئيس بري على نفي أي علاقة لمغادرة عضو كتلته وزير الزراعة غازي زعيتر جلسة مجلس الوزراء الأخيرة بالخلاف على المرسوم، معتبرة أنها خطوة تتعلق بمطالب زعيتر في وضع بنود يطالب بها على جدول أعمال الجلسة لا أكثر. وترفض التكهنات بأنها رد على توقيع الحريري مرسوم الأقدمية، فيما أفاد مصدر وزاري بأن بري أبلغ الوزير خوري حين التقاه أنه حريص على نجاح الحكومة وعلى مواصلة دعمه الحريري ودوره.