كتبت رولا حداد
تصاعد الدخان في الأيام القليلة الماضية من النوايا المبيتة لدى البعض لتمرير تمديد جديد لمجلس النواب لمدة عام كامل، وسط تراكم المؤشرات حول الدفع باتجاه تطيير الانتخابات. ومن هذه المؤشرات:
ـ تأكيد فشل كل البنود الإصلاحية التي أقرت في قانون الانتخابات، وفي طليعتها البطاقة البيومترية أو الممغنطة، ومبدأ إقامة “ميغاسنترز” للسماح للمواطنين بالإدلاء بأصواتهم في مكان سكنهم. هذه البنود الإصلاحية التي استُعملت كذريعة للتمديد الأخير لمدة 11 شهراً. وبالتالي فإن السعي للإطاحة بهذه البنود يتطلب تعديلاً على قانون الانتخاب حتى لا تتعرض العملية الانتخابية برمتها للطعن.
ـ الخلافات القديمة- الجديدة حول آليات تطبيق قانون الانتخاب تذكرنا بالمشهد السابق لكل مرحلة سبقت التمديدات المتكررة للمجلس الحالي.
ـ إصرار “التيار الوطني الحر” على ضرورة إدخال تعديلات على قانون الانتخاب في مقابل رفض الرئيس نبيه بري على إجراء أي تعديل يزيدنا اقتناعاً بأننا سنصل الى اللحظات الأخيرة من دون القدرة على إجراء الانتخابات، وسنجد أنفسنا أمام حتمية التمديد منعاً للفراغ.
ـ وتتحدث معلومات مؤكدة عن استراتيجية متعمدة ينتهجها البعض للوصول إلى التمديد الجديد لأن بعض الأطراف تعتبر نفسها غير جاهزة لخوض الاستحقاق الانتخابي، كما أن التمديد الإضافي الجديد سيفتح الباب من جديد للنقاش في القانون الانتخابي.
أمام هذه الوقائع المتراكمة، ورغم النفي المتكرر عن مسؤولين ومراجع عليا عن إجراء الانتخابات في موعدها، فإن الأحاديث المسرّبة من الصالونات السياسية في لبنان تؤكد بأن المُضمر هو غير المُعلن بالكامل، وتكفي الإشارة إلى أننا، وقبل 3 أشهر ونصف على الموعد المحدد لإجراء الانتخابات، نبدو أبعد ما يكون عن الأجواء الحقيقية للانتخابات على المستويات كافة، حتى في ظل الخلاف حول موعد دعوة الهيئات الناخبة، باستثناء بعض الأجواء الإعلامية والدعوات الى العشاء “احترازياً” ليس أكثر. أما الحركة السياسية فلم ترقَ بعد إلى الزخم الذي يوحي بأننا عشية انتخابات نيابية، اللهم باستثناء تقديم “القوات اللبنانية” مرشحيها إلى الانتخابات علناً وتباعاً أمام الرأي العام.
أما الصدمة الكبرى فتكمن في الموقف الشعبي اللامبالي إزاء عملية الاغتيال المتمادية للديمقراطية اللبنانية ولمبدأ دورية الاستحقاق الدستوري الأبرز، والمتمثل في إجراء الانتخابات النيابية. هكذا يبدو أن اللبنانيين يعيشون حالاً من التخدير الجماعي الخطير في مواجهة الاحتمال الجدي لتطيير الانتخابات النيابية، في غياب أي رد فعل شعبي أو جماهيري على هذا التوجه القاتل للديمقراطية.
ومن دون توجيه أي اتهام لطرف محدد في لبنان، يمكن التأكيد أنه من سابع المستحيلات تطيير الانتخابات من دون قرار من ثنائي “التسوية” الذي يتحكم بمفاصل الحياة السياسية في لبنان، كما من دون مباركة وغطاء من “راعي” الطبقة السياسية الحاكمة أي “حزب الله”.
فهل يخطو لبنان خطوة إضافية باتجاه اغتيال النظام الديمقراطي بشكل كامل لضمان استمرار منطق الصفقات والسمسرات وتقاسم “الجبنة” والحصص؟ أم يتأمن المناخ الشعبي الرافض لأي تمديد جديد أيا كانت ذرائعه؟ وهل تنجح سيناريوهات “تهريب” التمديد الرابع أم تسقط أمام حجم الفضيحة السياسية والنكسة للعهد في حال حصلت؟
الأسابيع التي تفصلنا عن 23 نيسان، التاريخ المفترض لبدء الانتخابات في الاغتراب، ستكشف كل الحقائق والنوايا عمّن يخطط لاغتيال الديمقراطية في لبنان، وهذه الجريمة لن يحتاج كشفها إلى تحقيق ومحكمة دولية بل يجب أن تتم المحاسبة
فيها أمام محكمة الشعب اللبناني!