كتبت كارولين عاكوم في صحيفة “الشرق الأوسط”:
يستعد المجتمع المدني، ومرشحون مستقلون في لبنان، لخوض الانتخابات النيابية في عدد من المناطق، طارحين عناوين إصلاحية شبه موحّدة، معوّلين على بعض التعديلات التي أضيفت إلى القانون الانتخابي الجديد، والتي قد تخولّهم إحداث خرق في صورة البرلمان التقليدية.
وبانتظار اكتمال خريطة تحالفاته، لا تغيب الاصطفافات السياسية بين أحزاب السلطة عن حسابات المجتمع المدني. فوفق القانون الجديد، من شأن اتفاق الأحزاب والتحالف فيما بينها تقليص حظوظ مرشحي المستقلين والأحزاب الصغيرة، بينما سيكون تشتّت هذه الأحزاب، وإن بنسبة معينة، لمصلحته ومصلحة وصول مرشحيه إلى مقاعد البرلمان.
البحث في التحالفات الانتخابية بين هذه المجموعات التي خاض عدد منها الانتخابات البلدية، وصل إلى مستوى متقدم. وهناك اتفاق على عناوين عريضة ستشكّل الجامع الأساس للوائح التي يفترض الإعلان عنها في 27 مارس (آذار) المقبل كحد أقصى، في وقت بدأ فيه عدد من الأشخاص إعلان ترشّحهم، بحسب ما يقول المرشّح عن المجتمع المدني في دائرة الشوف – عاليه، مارك ضو. ولا تزال بعض المجموعات تدرس خيار المشاركة أو عدمها، بينها، «بيروت مدينتي» التي كانت لها مشاركة فعالة في الانتخابات البلدية الأخيرة. وكانت هذه المجموعة اتخذت قراراً في وقت سابق بمقاطعة الانتخابات، لكنها عادت وفتحت الباب أمام خيارات أخرى سيحسم الموضوع بشأنها في وقت قريب، وسيكون، بحسب مصادرها، إما المقاطعة أو المشاركة المباشرة عبر ترشيح أشخاص، أو غير المباشرة عبر تقديم الدعم فقط.
ويؤكد ضو لـ«الشرق الأوسط» أن العناوين العريضة بين المجموعات، خصوصاً تلك التي كانت رأس حربة الحراك المدني في السنوات الأخيرة، هي شبه موحدة في مختلف القضايا، وترتكز على البيئة والتنمية المحلية والدولية المدنية وفك الارتهان للخارج ومحاربة الفساد السياسة الضريبية.
وفي حين يلفت إلى أن التواصل مستمر وعلى درجة عالية مع مختلف مجموعات المجتمع المدني الذي لا يزال في مرحلة تنظيم صفوفه الانتخابية، يشير إلى أنه في غياب الهيكلية التنظيمية المركزية يتم اليوم الإعلان عن الترشيحات الفردية تمهيداً لإعلان اللوائح في مرحلة لاحقة، مؤكداً: «التحدي الأهم بالنسبة إلينا هو بناء تنظيم محلي رغم بعض الاختلافات».
ويبدو ضو متفائلاً بتحقيق نتائج إيجابية منطلقاً في ذلك على 3 دراسات أظهرت، كما يقول، أن نسبة تأييد المجتمع المدني في دائرة الشوف – عاليه، تتراوح بين 11 و15 في المائة، ما قد يؤدي إلى وصول نائب أو اثنين إلى البرلمان من المجتمع المدني. وعن التحالف مع الأحزاب، يقول: «نحن لا نسعى لنكون عدداً مكملاً في اللوائح، بل نعمل لإيجاد حيثية لنا من دون أن نقطع الطريق أمام التحالفات الأخرى بشكل نهائي، علماً أنه ومهما كانت التحالفات يبقى الصوت التفضيلي هو الحاسم».
تفاؤل ضو لا يعكسه كثيراً المدير التنفيذي لـ«الجمعية اللبنانية لديمقراطية الانتخابات» عمر كبول، منطلقاً في رأيه من غياب عدالة التمثيل في القانون الانتخابي. ويقول لـ«الشرق الأوسط»، إنه إضافة إلى أن قيمة الصوت تختلف بين دائرة وأخرى وفق هذا القانون، فإن الصعوبة بالنسبة إلى المجموعات والأحزاب الصغيرة تنطلق من اعتماد الدوائر الصغيرة والصوت التفضيلي الذي يعتمد على الانتماء المذهبي والحزبي، في وقت كانت فيه المهمة ستكون أسهل لو اعتمدت الدوائر الكبرى أو المحافظات على سبيل المثال.
وإضافة إلى عدد من المجموعات التي أعلنت المشاركة رسمياً في الانتخابات وتلك التي لا تزال تخوض مفاوضات بهذا الشأن، بينها «بدنا نحاسب» و«طلعت ريحتكم» وغيرها، دعت «حركة مواطنون ومواطنات في دولة» إلى «العمل معاً من أجل تحقيق تظهير الحجم الفعلي الكبير للرافضين لسلطة الأمر الواقع، وذلك من خلال التحالف السياسي المتين في هذا الاستحقاق وفي غيره»، مشيرة إلى أن الجهود في هذا المسعى بدأت منذ أشهر طويلة وستثمر قريباً.