كتبت رلى إبراهيم في صحيفة “الأخبار”:
لم تسلك المجموعات المدنية الطريق الذي كان متوقعاً لها بخوض الانتخابات النيابية عبر مجموعات مشتّتة تحرق نفسها بنفسها. وفيما كان الاتجاه في الشهرين الماضيين يوحي بأن هذه المجموعات ستتناتش المقاعد النيابية، نجح قياديوها في التوافق على بروتوكول معيّن يتمحور حول ثلاث أوراق رئيسية، إحداها تعنى بالرؤية السياسية والأخرى بآلية اختيار المرشحين، والثالثة بطريقة التعامل بين الأعضاء أنفسهم وأسس الظهور الإعلامي.
وقد انضمّت نحو 13 مجموعة، أبرزها «طلعت ريحتكن» وأفراد من «بيروت مدينتي» و«بدنا نحاسب» و«سبعة» و«شوفنا» و«لقاء الهوية والسيادة» وحزب الخضر و«صحّ» وغيرها الى التحالف الذي سيحمل اسم «وطني» وسيكون له لوائح في مختلف الدوائر، لا في بيروت فحسب. وسيتم الإعلان عنه بشكل رسمي يوم الجمعة المقبل، مع إبقاء الأبواب مفتوحة لأي طرف يرغب في الانضمام إليه، علماً بأن معلومات «الأخبار» تشير الى توقيع هذه المجموعات على البروتوكول، باستثناء «بدنا نحاسب» التي كانت من الأعضاء المؤسسين، لكنها لا تزال تتريث بانتظار تبلور الرؤية النهائية والتوافق التام حول بعض الشوائب التي استجدّت أخيراً حول أسماء مرشحين معينين لهم صبغة حزبية.
في الشقّ الذي يعنى باختيار المرشحين، توصلت المجموعات الى صياغة آلية يخضع لها الجميع بعد أن تتقدم كل المجموعات بأسماء مرشحيها. وقد تم تأسيس مكتب سياسي مؤلف من 7 أعضاء يمثلون 7 مجموعات مختلفة؛ وسيكون للمكتب الدور الأساسي في توجيه المجموعات وفي بتّ الترشيحات بعد مرورها على لجنة مختصة. وهنا إما أن يتفق أعضاء المكتب على رأي واحد فيقرّوا الترشيحات، وإما أن يختلفوا فيصبح الأمر بيد الهيئة العامة التي إن لم تتمكن هي الأخرى من الحسم، يتم اللجوء الى استطلاعات الرأي لبت الجدل القائم.
أما في ما خصّ الورقة السياسية التي اطلعت عليها «الأخبار» والموقف العام، فارتأت المجموعة إبقاء الخطوط العريضة تتمحور بمجملها حول أهمية الحفاظ على الحرية والسيادة والجيش اللبناني وضرورة بناء دولة «مدنية وديموقراطية وعادلة وقادرة». وقد فضلت هذه المجموعات عدم الدخول في المسائل الخلافية والتركيز على الشؤون الحياتية الملحة، على اعتبار أنها «السلطة البديلة القادرة على الالتفات الى حاجات المواطنين ومطالبهم، وطبعاً… محاربة الفساد». إلا أن هذا لا يعني أن الورقة لم تتطرق الى المواضيع الاستراتيجية ومنها ضرورة بناء دولة قوية تجاه «المخاطر الخارجية، سواء خطر الوجود الإسرائيلي أو الأخطار المتأتية من الجماعات المسلحة أو من أي دولة خارجية تتدخل في سيادتنا وأمننا وشؤوننا الداخلية». أما «دور حزب الله والمقاومة والمحكمة الدولية والحرب الدائرة في سوريا والتدخل العسكري فيها وكل مواضيع التراشق الإعلامي بين 8 و14 آذار» فقد وضعها التحالف تحت اسم «المسائل الشائكة» واعتبرها «اموراً مرتبطة بشكل مباشر بالصراعات الإقليمية والدولية».
التحالف الذي سينطلق بالعمل جدياً على الأرض أول الأسبوع المقبل، لا يزال ينتظر حسم بعض المجموعات أمر مشاركتها وترشحها على غرار «بدنا نحاسب» و«بيروت مدينتي» التي سيشارك عدد من أعضائها في اللقاء الذي يطلق مساء اليوم تحت اسم «لبلدي»، على أن يكون جزءاً من تحالف «وطني» الذي سيُعلن الجمعة، علماً بأن أعضاء آخرين في «بيروت مدينتي» يعملون على تشكيل لوائح مستقلة من خارج التحالف أو الانضواء في لوائح أخرى، الأمر الذي سيخلق مشكلة للمجموعة إذا لم تعمد الى تنظيم مسألة الترشيحات بشكل جدي، حيث ستجد نفسها تخوض الانتخابات في وجه نفسها الآخر. ومن «بيروت مدينتي» الى «طلعت ريحتكن»، يقول أحد منظمي الحملة وديع الأسمر إن مشاركة مجموعته في التحالف طبيعية لأن الحملة اشتهرت بمكافحتها للفساد ومطالبتها ببناء دولة. لذلك «لا يمكن أن يكون هناك إمكانية لإجراء تغيير سلمي عبر الانتخابات النيابية، والا يكون لنا علاقة به وخصوصاً أن البرنامج الذي تم الاتفاق عليه يعنى بالشفافية والمناصفة الجندرية وكل الأمور التي حاربنا لأجلها». أما عن أسماء مرشحي الحملة، فلم تتبلور بعد «ولسنا على عجل. فالمعركة معركة لوائح ومواقف سياسية وليست معركة أسماء. وواجبات النائب ليس تقديم الخدمات وتغطية الانتهاكات، بل التشريع وإحلال التنمية المستدامة في المناطق». لكن، «بالتأكيد في مجموعتنا شباب يرغبون في الترشح في عدد من الدوائر وسننسق مع التحالف في هذا الشأن». فيما يكتفي المرشح عن المقعد الأرثوذكسي زياد عبس ومجموعته التي ستحمل اسم «صحّ» والمؤلفة من ناشطين سابقين في التيار الوطني الحر بالقول إن الهدف من لوائح التحالف «تقديم بديل جدّي للمواطن من لوائح السلطة في مختلف الدوائر، وأنا أحد هؤلاء المرشحين وأخضع للآلية التي سيعلن عنها قريباً». أما الإعلامية بولا يعقوبيان، فلم تحسم مشاركتها النهائية مع التحالف بعد، على ما تقوله لـ«الأخبار»، في انتظار تبلور نقاشاتها مع المجموعة. لكنها تؤكد أنها إذا أرادت الترشح فسيكون ضمن هذا التحالف وفي دائرة بيروت الأولى تحديداً لا في دائرة أخرى. في موازاة هؤلاء، تغيب مجموعة «من أجل الجمهورية» عن هذا التحالف، وقررت خوض الانتخابات تحت عنوان «من أجل حقي». ويعزو أحد أعضاء المجموعة مروان معلوف الأمر الى مقاربتين، «الأولى تقول إنه يفترض أن يكون هناك تحالف وطني في كل لبنان وبعناوين عريضة. أما الثانية فتفضل العمل بنظام اللامركزية، أي التركيز على مناطق محددة والعمل بشكل جدي فيها لخلق بديل على صعيد محلي. وقد اخترنا العمل وفق المقاربة الثانية وهدفنا خوض الانتخابات والفوز بها لتمثيل شريحة من المواطنين ترغب في التغيير وملّت من السلطة الحالية التي لا تلبي أدنى حاجاتها. نحن في صدد الإعلان عن مرشحينا في دوائر معينة قريباً».
على المقلب الآخر، جرى الحديث أخيراً عن لوائح مدنية أخرى تتشكل من خارج لوائح التحالف وعراباها كرمى وكريم تحسين خياط. وترددت معلومات عن أن كرمى خياط بصدد الترشح في بيروت الثانية على لائحة تضمها الى جانب رئيس لائحة «بيروت مدينتي» في الانتخابات البلدية، ابراهيم منيمنة، ورئيس نادي الأنصار نبيل بدر وبشار القوتلي (نجل الراحل حسين القوتلي، أمين سر مفتي الجمهورية الأسبق الشهيد حسن خالد). وقد تم تخصيص مكتب انتخابي في منطقة الحمرا لهذا الهدف، علماً بأن الشقيقين يطمحان الى تشكيل ودعم لوائح في مختلف الدوائر. إلا أن كرمى خياط، نفت لـ«الأخبار» كل ما سبق، مؤكدة أنها لن تترشح ولن تشكل هي وشقيقها لوائح، «لكننا بالتأكيد داعمون للمجتمع المدني كما سبق ودعمنا «بيروت مدينتي» في الانتخابات البلدية وسندعم أي طرف مستقل وأي لائحة تمثل المجتمع المدني».