كتبت ميسم رزق في صحيفة الأخبار”:
ستعود جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية إلى الساحة السياسية من بوابة الانتخابات النيابية، بعد غياب طويل. هذه المرّة تنظر «الجمعية» إلى المعركة بنحو مختلف، خصوصاً أنها تشكّل بالنسبة إليها فرصة أكيدة للعودة إلى المجلس النيابي، في ظل القانون الجديد. حتى الآن حسم «الأحباش» مرشحَين لهم في كل من بيروت وطرابلس. أما بالنسبة إلى التحالفات «فهي ممكنة مع أي طرف من دون استثناء».
تتّخذ معركة الانتخابات النيابية (2018) عند جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية بُعداً مختلفاً. للمرّة الأولى منذ عام 2005 يشعُر«الأحباش» بأن بإمكانهم استثمار وزنهم ودورهم وقوّتهم التجييرية، ترشيحاً وانتخاباً لمصلحتهم وحدهم، ليس فقط في بيروت، بل في مختلف الدوائر، وفق تقسيم القانون الجديد. حتى الساعة تتجنّب الجمعية فتح أوراقها كاملة.
لا حديث عن ترشيحات ولا تحالفات. المؤكّد الوحيد أن لها مرشحَين ثابتَين حتى اللحظة في بيروت وطرابلس. النسبية فتّحت عيون جمعية المشاريع على مناطق لم تدخلها سابقاً. والسبب «الأصوات الذهبية» كما تحبّ مصادر «الأحباش» أن تصِفها، التي بإمكانها أن تُحدث فرقاً، في دائرة مثل بيروت الأولى مثلاً حيث تقدّر الجمعية عدد الأصوات التابعة لها بـ«أكثر من 1200 صوت، وهو رقم جيّد مقارنة مع الحاصل الانتخابي في هذه الدائرة، والمقدّر بأقل من 9 آلاف صوت». وهذا العامل تحديداً «يدفع الجميع إلى درس التحالف معها والمجيء إليها»، وفق مصادرها التي تؤكّد أن «يدنا مفتوحة للجميع ومن دون استثناء، في ما يخص التحالفات».
في الأيام العادية، تنام كل الماكينات الانتخابية، باستثناء ماكينة «الجمعية»، ولعلّ ذلك ما يفسّر قوّتها وتنظيمها اللذين يوازيان أهم ماكينات الأحزاب الكبرى. مهما كان شكل المعركة وحجمها، لا يتصرّف الأحباش وكأنهم يبدأون من الصفر. فالجمعية التي تمرّست في العمل الانتخابي منذ عام 1992، تقول مصادرها إن التحضيرات للانتخابات المقبلة لم تبدأ منذ إقرار القانون الجديد، بل «منذ التسعينيات وتستمر على وتيرتها منذ ذلك الوقت، ويديرها ما بين 6000 و6500 عنصر موجودين على الأرض». وبالتالي إن العمل الانتخابي هو «شغل يومي وليس موسمياً». أما بالنسبة إلى القانون النسبي الذي يُشكّل فرصة لها، «فيساعدنا على تحقيق فوز مهما كانت التحالفات». بشكل عام، ترى مصادر الجمعية القانون أنه «ليس على مستوى طموح اللبنانيين، لأن النسبية فيه مقنّعة، ووضعت قيوداً لجهة عدد الدوائر وحجمها»، لكن في ما يخصّ «الأحباش» ذاتهم، فالقانون «أفضل الممكن، لأنه يلغي قاعدة البوسطات والمحادل، ويفتح باباً لمشاركة الجميع».
حتى اللحظة لم تحسم الجمعية قرارها بشأن التحالفات. حضورها «أساسي» في بيروت ثم في طرابلس والبقاع، «وكل تحالف هو قيد الدرس». القرار الوحيد الذي اتخذه الأحباش هو «عدم وضع فيتو على أحد، حتى من الذين يعدّون خصوماً تقليديين». أمران يؤجلان عند «الجمعية» إعطاء كلمة لطرف أو رفض طرف آخر. الأول أن «القوى الأخرى لم تحسم توجهها بعد، باستثناء حركة أمل وحزب الله»، والثاني «ظروف المعركة التي لا تزال غير واضحة المعالم». لكن «الجمعية» لا تقفل بابها، وهي التقت بأكثر من طرف، «بدءاً من حركة أمل وحزب الله والمستقبل ورئيس حزب الحوار الوطني اللبناني فؤاد مخزومي»، الذي تقول المصادر «إننا نتفق معه في كثير من النقاط». وماذا عن الرئيس سعد الحريري، هل يُمكن التحالف معه إذا أراد ذلك؟ إذا كان لديه من نية «فسندرس ذلك في حينه»، تقول. أما بالنسبة إلى الوزير السابق أشرف ريفي، «فلم يحصل أي لقاء، لكن علاقتنا به قديمة، منذ أن كان مديراً عاماً لقوى الأمن الداخلي. نتفق ونختلف معه في كثير من الأمور، وخيار التحالف معه إذا كان وارداً سيدرس أيضاً».
لم تتوقف التحليلات عن اللوائح التي يُمكن أن ينضم إليها الأحباش. قيل مرّة إن تحالفها سيكون مع حزب الله وحركة أمل، وتناول البعض خبر لقاءات تعقِدها الجمعية سراً مع تيار المستقبل لدرس إمكانية تبني مرشّح لها على لائحته. وتحدث آخرون عن انضمام «الجمعية» إلى لائحة يرأسها الوزير نهاد المشنوق إذا قرر «المستقبل» خوض المعركة في بيروت بلائحتين، لكن كل ذلك يبقى كلاماً بحسب «الجمعية» التي ترى أن قوتها التجييرية تجعل من التحالف معها «هدفاً» عند كثير من القوى. لكن ذلك لن يدفعها إلى فرض شروطها على أحد «فالاستعلاء ليس من سياستنا وخطنا معروف. الناس اختبرتنا وما زلنا ثابتين ومن يُرد أن ينضم إليها فلن نردّه».
تقدّر «الجمعية» أصواتها في بيروت، استناداً إلى أرقام الانتخابات البلدية، بأنها تفوق الـ«16 ألف صوت». ففي تلك الانتخابات أعطت للائحة «البيارتة» ما يقارب 10 آلاف صوت. لكن ذلك لم يكن موثقاً نتيجة «خطأ تقني دفع الجمعية إلى تقديم طعن، حيث أظهرت محاضرها وجود هذا الرقم». أما بالنسبة إلى الدوائر الأخرى، فتشير مصادر الجمعية إلى وجودها في أكثر من منطقة، وتحديداً الشمال، ومن ثم البقاع وإقليم الخروب وصيدا والبترون والكورة وزغرتا وعكار. وإن كان عدد الأصوات فيها قليلاً، لكن الجمعية تعتبرها «ذهبية لأنها تحدث فرقاً، وفقاً للحاصل الانتخابي في كل دائرة». وبناءً عليه، تدرس الجمعية ترشيح ممثلين عنها في بعض الدوائر، ولا سيما في بعلبك ــ الهرمل. فيما حسمت أمر ترشيح النائب السابق عدنان طرابلسي في بيروت، وطه ناجي في الشمال، على أن تقرر الأسماء الأخرى في غضون أيام.