Site icon IMLebanon

لبنان: إصلاحات وخطط تنمية قبل “باريس 4″ و”روما 2”

كتب يوسف دياب في صحيفة “الشرق الأوسط”:

تعلّق الحكومة اللبنانية آمالا كبيرة على مؤتمر «باريس4»، الذي سينعقد خلال شهر أبريل (نيسان) في العاصمة الفرنسية، برعاية وحضور الرئيس إيمانويل ماكرون، ومشاركة الاتحاد الأوروبي، ودول ومؤسسات وصناديق عربية داعمة، وما يمكن أن يحققه من دعم دولي للاقتصاد اللبناني المترنّح، الذي يعاني ركودا كبيرا مع تخطي الدين العام عتبة الـ81 مليار دولار أميركي، كما تراهن الحكومة على مؤتمر «روما2»، الذي سيوفر دعما دوليا للجيش والقوى الأمنية اللبنانية تسليحاً وتدريباً، بما يؤدي إلى تثبيت الاستقرار الأمني، ويعزز الاستقرار السياسي والاقتصادي في السنوات المقبلة.

لكنّ نجاح «باريس4» من دونه شروط ومطالب، تقوم على تحقيق إصلاحات جذرية في المؤسسات الرسمية، بدءا من قطاع الكهرباء والمياه والمواصلات والاستشفاء وغيرها، وهي شروط لن يكون بمقدور لبنان تخطيها هذه المرّة، كما حصل إبان مؤتمري «باريس2» و«باريس3»، ما جعل التقديمات والمنح المالية والقروض الدولية تذهب أدراج الرياح، في ظلّ استشراء ظاهرة الهدر والفساد، في المؤسسات العامة لا سيما الخدماتية منها.

ويبدو أن القوى السياسية مدركة للتحديات الكبيرة المنتظرة، حيث أكد وزير الاقتصاد والتجارة رائد خوري لـ«الشرق الأوسط»، أن «القيادات اللبنانية جدّية إلى أقصى الحدود في معالجة كل الخلل الذي يعيق النهوض بالوضع الاقتصادي». وشدد على «وجود ضمانات حقيقية، ستساهم في إنجاح مؤتمر (باريس4)، والتزام لبنان بتعهداته أمام الدول المشاركة في هذا المؤتمر». وقال: «الكل متفق على ضرورة الوصول إلى إصلاحات حاسمة، وهناك إرادة سياسية واضحة من قبل رئيس الجهورية (ميشال عون) ورئيس الحكومة (سعد الحريري) وكل القوى المشاركة في الحكومة».

وإذا كان مؤتمر باريس المرتقب يشكّل المحطة الأهم للبنان هذه السنة، فإن عددا من الاستحقاقات المهمة ينتظرها اللبنانيون في عام 2018، أبرزها توقيع اتفاق لبدء استخراج النفط من بلوكين في المياه اللبنانية، ومؤتمر «روما2»، المخصص لدعم الجيش، ومؤتمر بروكسل المخصص لدعم لبنان، وتخفيف الأعباء عنه الناتجة عن وجود اللاجئين السوريين، وفق تقدير الخبير الاقتصادي والمالي غازي وزنة، الذي أكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «مؤتمر باريس هو مؤتمر استثماري بالدرجة الأولى، ستقدّم خلاله الحكومة اللبنانية برنامجا يطال كل القطاعات، وأهمها الكهرباء والمياه والطرق والمواصلات، والاستشفاء والصرف الصحي، وغيرها من المشاريع»، مشيرا إلى أن البرنامج سيكون على مرحلتين، الأولى تمتد خمس سنوات والثانية لفترة مماثلة، على أن يطال جميع الأراضي اللبنانية»، لافتا إلى أن «تكلفة المشاريع التي أعدتها الحكومة تصل إلى 17 مليار دولار».

وبات واضحا أن خطوات الحكومة تسابق الوقت الفاصل عن موعد المؤتمر، إذ أشار وزير الاقتصاد إلى أن «الحكومة بدأت عددا من الخطوات الإصلاحية، مثل تحسين الجباية من المرافئ العامة مثل الجمارك والقطاعات الخدماتية، وضبط الحدود وإقفال معابر التهريب، وسدّ مزاريب الهدر في الإدارات، وتقنين الهبات التي تعطى لجمعيات من دون دراسة وافية». ولفت إلى أن «الحكومة تعكف حاليا على تقديم موازنة جيدة تؤدي إلى وضع حدّ للعجز وتعزيز وضع القطاعات المنتجة».

وكان رئيس الحكومة سعد الحريري، وعد بإنجاز خطّة طموحة للاقتصاد اللبناني، تقوم على إصلاحات مهمّة للغاية في كل النواحي، تتقاطع مع مقتضيات «باريس4» تؤدي إلى تنمية مستدامة وخلق فرص عمل، ووضع حدّ لهجرة الشباب اللبناني. ويبدو أن هذه الخطة تنسجم وأهداف مؤتمر باريس، الذي ترأسه فرنسا. وأشار الخبير الاقتصادي غازي وزنة إلى «أهمية مشاركة الاتحاد الأوروبي في المؤتمر، إضافة إلى البنك الأوروبي للاستثمار والبنك الدولي وعدد من الدول العربية، بالإضافة إلى الصندوق الكويتي للاستثمار والصناديق العربية»، وأبدى اعتقاده أن يحظى برنامج الحكومة بدعم الدول المشاركة، لكنه أشار إلى أن الدعم «لن يأتي بـ17 مليار دولار كما يتوقّع البعض، بل سيكون عبارة عن قروض ميسرة لن تتعدّى الخمسة مليارات دولار، وبفوائد متدنية جدا قد لا تتعدى الواحد في المائة، ولأمد طويل يتراوح بين 15 و20 سنة».

وشدد غازي وزنة على أن أهمية البرنامج أن مشاريعه «ستنفذ تحت رقابة الدول المقرضة، التي تراقب حسن استخدام الأموال». وقال: «سيذهب لبنان إلى المؤتمر محصنا بخطوات إصلاحية بدءا من تقديم موازنة عام 2018 بعجز مضبوط، وتقديم إصلاحات جذرية في ملف كهرباء لبنان، وإجراءات شفافة بما يتعلّق بالحوكمة السليمة للبنان، وتشريعات شفافة تحفّز النمو الاقتصادي

وفي موازاة التحضيرات السياسية لمؤتمر «روما2»، علمت «الشرق الأوسط» أن اجتماعا سيعقد اليوم في القصر الجمهوري برئاسة الرئيس ميشال عون، يحضره قائد الجيش العماد جوزيف عون وقادة الأجهزة الأمنية كافة. وأفادت المعلومات بأن الاجتماع «سيناقش خطة عمل الأجهزة للمؤتمر، ورؤيتها لتطوير وضعها الأمني، والاحتياجات التي تريدها من الدول المشاركة في هذا المؤتمر». وتوقع مصدر متابع لترتيبات مؤتمر روما، أن «يخلص إلى نتائج إيجابية جدا لجهة الدعم الذي سيلاقيه الجيش». وكشف أن «الدول المشاركة لديها مطلب سياسي يرتكز على نأي لبنان بنفسه عن أزمات المنطقة». وعمّا إذا كانت الدول الداعمة تتخوّف من تسرّب جزء من السلاح إلى جهات مسلّحة مثل «حزب الله»، أكد المصدر أن «الجهات الرقابية عند الأميركيين، تضع هذه المسألة ضمن اهتماماتها، وهي متأكدة من عدم تسريب أي سلاح لغير الجيش والمؤسسات الأمنية الشرعية».