IMLebanon

أيتام السبهان تواروا عن الأنظار

كتبت ميسم رزق في صحيفة “الأخبار”:

منذ 12 تشرين الثاني 2017، غابَ عن «التغريد» على موقع «تويتر» ثامر السبهان، الوزير الذي شغَل اللبنانيين طيلة فترة إقالة الرئيس سعد الحريري من الرياض وما سبقها من توتير للأجواء السياسية في البلاد. كان اختيار السبهان من قبل الرياض لتولي إدارة الملف اللبناني «موفّقاً» إلى حدّ ما في إبراز طبائع الهيمنة التي ترجمتها تغريداته ضد لبنان.

وقبل اختفائه، جمع السبهان حوله ثلّة من اللبنانيين «المُخلصين» الذين حملوا لواءه، وأصبحوا شبه ناطقين رسميين باسمه، لا بل تسابقوا لإثبات تفوّقهم عليه، لجهة الدفاع عن المملكة ومحاولة إقناع الرأي العام بأن رئيس حكومتهم غير محتجز في الرياض، وأنه قدم استقالته بملء إرادته، وروّجوا للخطّة السعودية التي ــ لو حصل أن نجحت ــ كانت بمثابة مفتاح تفجير للوضع السياسي والأمني في البلاد. بعد غياب السبهان، خفت ظهور بعضهم، تحديداً المقرّبين من رئيس الحكومة، في مقدمتهم النائب عقاب صقر والإعلامي نديم قطيش.

لا ينبغي التعامل بخفة مع تراجع حركة مثل هذه الشخصيات داخل تيار المستقبل أو تحييدها، خصوصاً أن كلاماً كثيراً رافق عودة الرئيس الحريري إلى البلاد، ولمّح إلى «مُعاقبة» كل الذين تورّطوا في اللعبة السعودية، ونفّذوا الأوامر الملكية من دون زيادة أو نقصان، رغم أن ذلك لم يكُن في مصلحة الحريري. مثل هذا «الاختفاء»، أو الإبعاد المتعمّد، يعني أن هناك قراراً بالمحاسبة أو رغبةً عند نافذين في تيار المستقبل في وضعهم على الرف. ما يجمع الحريري بصقر علاقة عميقة، سواء على المستوى الشخصي، أو لجهة توكيله إدارة علاقات رئيس تيار المستقبل بالمعارضة السورية. لكن الدائرة القيادية في التيار الأزرق تتهم صقر وقطيش بأنهما «متورطان حتى العظم في مؤامرة كادت تنسف تيار المستقبل وشخصيات معروف عنها علاقتها السيّئة بالمملكة العربية السعودية». فماذا حلّ بهما؟

منذ فترة خرجت أخبار تتحدّث عن «إقالة» قطيش من إدارة الأخبار في تلفزيون «المستقبل»، قبل أن يخرج الأخير وينفيها. قيل آنذاك إنه أصبح خارج المحطّة، وتسلّم كلّ من هاني حمود وحسين الوجه دفّتها من جديد. بعد شهرين من التداول بهذه المعلومات، تبيّن أنها صحيحة، وأن العاملين في القناة تبلغوا بها، من دون مذكرة رسمية. لكن مصادر بارزة في التيار قالت لـ«الأخبار» إن «قطيش هو من طلب إعفاءه»؛ فعندما تولى إدارة الأخبار في المحطة، قَبِل بذلك بناءً على وعود بتولّي معركة إعلامية مع الفريق الآخر، وتحسّن الوضع المالي. غير أن ارتفاع أسهم التسوية، وعدم وجود أي مؤشرات على حلّ الأزمة المالية، دفعا به إلى التخلي عن موقعه. ولفتت المصادر في ما يتعلّق ببرنامجه «دي أن أي» إلى أنه «كان متوقفاً على المحطتين»، أي «المستقبل» و«العربية».

أما النائب صقر، فقالت المصادر إنه «غادر لبنان منذ فترة، وهو الذي أبلغ الرئيس الحريري نيّته السفر، فلم يعارض الأخير، بل اعتبر أن ذلك جيد في الوقت الحالي». ومع أن مسؤولين رفيعي المستوى في تيار المستقبل يؤكدون عودته قريباً، فإن مسؤولين مستقبليين بارزين يؤكدون العكس، ويتحدثون عنه في جلسات خاصة «بشكل سيّئ»، وفق ما نقل بعض زوارهم.

وبالتوازي، غاب عن الساحة أيضاً أحد الذين يدورون في فلك فريق 14 آذار والحريرية السياسية، الصحافي مصطفى فحص. ذاع صيت الأخير خلال أزمة الحريري في الرياض، بعد أن أصبح من المقرّبين من القائم بالأعمال وليد البخاري، وأقرب المقرّبين من السبهان. وعلمت «الأخبار» أن فحص افتعل خلال الأزمة إشكالاً داخل «نداء الدولة والمواطنة» الذي يجمع شخصيات شيعية «مستقلّة»، حين أصرّ على نشر بيان يؤيّد فيه الموقف السعودي، ويتّهم الوزراء في الحكومة بأنهم منتحلو صفة. وفيما عارض البعض داخل «النداء» تبنّي البيان، فوجئوا بنشره في اليوم التالي على موقع «جنوبية». ومن الأمور التي أثارت استياءهم ورود معلومات عن تقاضيه أموالاً من المملكة، بعد أن وعد المسؤولين في السفارة بأنه قادر على خوض الانتخابات النيابية في وجه حزب الله. لكن عودة رئيس الحكومة وضعت فحص خارج المنظومة الحريرية، بعد أن رفض التيار استقباله، وعلمت «الأخبار» أنه سافر إلى الإمارات العربية للعمل هناك.