IMLebanon

الجراح يتراجع امام ضربات القضاء

كتب حنا ايوب في صحيفة “الديار”:

بالامس انتصرت المصلحة العامة على المصالح الفردية ومصالح الطبقة السياسية الفاسدة، وفي أولهم الوزير جمال الجراح الذي أجبر ورغم عنه على الرضوخ للقانون وسلطة القضاء والزام شركة ج.د.س. بالتوقف عن العمل في مشروع الالياف البصرية، بعد ان كانت الاخيرة بدعم من الجراح تجاهلت قرار قضائي سابق بوقف العمل.

اول من امس صدر قرار رقم 186/2017-2018 بالاجماع عن مجلس شورى الدولة يلزم فيه الدولة عبر وزارة الاتصالات بوقف تنفيذ قرار الوزير جمال الجراح رقم 365/1. يأتي هذا القرار بعد أن تقدم الاتحاد العمالي العام بشخص رئيسه بشارة الاسمر بمراجعة أمام شورى الدولة يطالب فيها بوقف تنفيذ قرار الجراح القاضي بتلزيم مشروع الالياف البصرية الى شركتي ج.د.س و «ويفز» ووقفهما عن العمل.

في المعلومات، أن جهات سياسية متعددة اعتبرت ان القضية أصبحت كما يقال في الانكليزية «Too big to hide»  اي ما معناه أن الصفقة-السرقة كبيرة وواضحة الى حد لا يمكن اخفاؤها او التعمية عليها. ومن هذا المنطلق تراجعت الجهات التي كانت سهلت عملية التلزيم وضغطت على النواب لتمرير قرار الجراح دون معارضة، اذ لم تتمكن من ممارسة الضغط على الجهات المعنية لمنع صدور القرار القضائي . ويتداول نقلاً عن مصادر وزارية أن رئيس حزب كبير على الساحة اللبنانية كان قام سابقاً ومن هاتفه الشخصي بالاتصال بنواب كتلته وبعض الحلفاء الذين يمون عليهم لكي يسهلوا ولا يرفعوا الصوت عالياً في وحه قرار الجراح. وتشير المصادر ذاتها ان احد النواب غير الموجود اسمه على لوائح الترشيح الجديدة للحزب المذكور، قال لرئيسه عند طلب الاخير عدم التعرض للجراح في الاعلام : «أنا مش شغلتي غطي صفقاتك».

بالتوازي مع الحراك القائم، كان موقف حزب الله رافضاً لقرار الجراح المخالف للقوانين والاعراف منذ البداية من حيث المبدأ والشكل والذي سجلت كتلته في البرلمان عبر رئيس لجنة الاتصالات النائب حسن فضل لله سابقة مشرفة. اذ لم يحدث في التاريخ البرلماني اللبناني القريب ان حولت لجنة برلمانية بهذه السرعة وزيراً مع ملفه المشبوه الى النيابة العامة المالية. ورغم أن الوزير الجراح رفض المثول أمام القضاء متذرعاً بحصانته، الا أن موقف كتلة حزب الله النيابية شكل ضمانة في منع قضية الالياف البصرية بالاكمال في الطريق المرسوم لها من قبل الجراح وحلفائه الجدد.

في ظل هذا الجو والموقف الواضح للحزب وتحت ضربات الاعلام الحر في لبنان والذي لم يتوان عن فضح الفاسدين، لم يكن أمام مجلس شورى الدولة سوى اقرار وقف التنفيذ المبدئي لحين صدور القرار بشكل نهائي.

من جهة أخرى، المعركة القانونية لم تكن متكافئة، فللشركات محامون لهم وزنهم في عالم المحامات كالمحامي شكيب قرطباوي المقرب من التيار الوطني الحر وغيره من الاسماء الوازنة في نقابة المحامين. غير أن دفة الحق مالت الى الاتحاد العمالي العام الذي يرافع عنه الاستاذ علي كمال عباس ، ولم تنجح احجام مكاتب المحاماة الضخمة وخيوطها في صرف القضاء عن الحفاظ على المال العام والمصلحة العامة وحسن سير شؤون الادارات وامتثال الموظفين للقانون بكل درجاتهم بمن فيهم الوزير الجراح الذي ظن انه اقوى من القضاء ومن الدولة.

المرحلة المقبلة: انتظار القرار النهائي لمجلس شورى الدولة.