كتب بسام ابو زيد
تدرك معظم الاحزاب اللبنانية أن مرشحيها الحزبيين على اللوائح الانتخابية سيتنافسون بين بعضهم البعض وسيتنازعون الأصوات التفضيلية الحزبية بكل ما توفر لهم من وسائل، وكي لا يؤدي هذا التناتش إلى إلحاق خسائر كبيرة ببعض هذه الأحزاب والتيارات، عمدت الى اللجوء إلى ما يعرف بالمرشحين المستقلين بهدف الحصول على أصواتهم لمصلحة اللائحة ككل، وأن تكون هذه الأصوات هي الأصوات التفضيلية لمصلحتهم وان لا تؤخذ من الاصوات التفضلية الحزبية التي هي حكر على المرشح الحزبي.
ولكن القصة لا تنتهي هنا، لأن الجزء الأهم فيها هو مسألة الولاء المطلق لهذا الحزب او التيار، فبعض المرشحين المستقلين الاقوياء هم بحاجة لحزب او تيار كي يصلوا الى الندوة البرلمانية، وهذا الحزب او التيار بحاجة لهم من أجل الحصول على كتلة نيابية وازنة، أي أن في المسألة قضية تبادل خدمات ولكن ثمنها في النهاية سيكون كبيرا على المرشح المستقل، وهو الولاء المطلق لهذا الحزب أو التيار الذي كان له الفضل في تبنيه وإيصاله الى الندوة البرلمانية.
مسيرة امتحان الولاء هذه تبدأ من قبل الحزب او التيار المعني بسلسلة أسئلة للمرشح تتناول وضعه الانتخابي والشعبي، وأفكاره السياسية وقدرته المالية واستعداده لأن يكون في صفوف التكتل التابع لهذا الحزب أو التيار بولاء مطلق للزعيم، ويتم التلويح له في خلال هذا الامتحان أن هناك مرشحين آخرين ينتظرون فإن لم يحصل التجاوب فالبديل موجود، ما يجعل المرشح المستقل في حيرة من أمره، فإما أن يغامر ويخسر المقعد النيابي وإما أن ينخرط في اللعبة ويخسر حيثيته.
في الانتخابات العتيدة يبدو أن خسارة الحيثية هو الخيار المرجح لدى معظم المرشحين المستقلين، ولكنه بالتأكيد ليس خيارا صحيحا، فبعض هؤلاء المرشحين بنوا شعبيتهم على التنافس مع الاحزب والتيارات وانتقادها أمام الجمهور وتقديم خدمات عجزت هي عن تقديمها، ويأتون اليوم لينخرطوا في صفوفها ضاربين عرض الحائط بكل ما بنوه من ثقة وسمعة كان يمكن ان تتعزز لو اتفقوا فيما بينهم على خوض المعركة ضد المجرب وليس معه، فماذا ينفع الانسان لو ربح مقعدا نيابيا وخسر نفسه؟!