تحقيق رولان خاطر
لا تهدأ الدعاوى على الاعلاميين وأصحاب الرأي في لبنان. وجديدها كما بات معلوما، ادعت النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان عبر الرئيسة غادة عون بتاريخ 25 كانون الثاني 2018 على هشام حداد مقدم برنامج “لهون وبس” على قناة الـLBCI إثر قيام المدعي العام التمييزي القاضي سمير حمود بتحريك النيابة العامة على خلفية تطرق حداد في حلقة من برنامجه لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. وتطرق حداد لولي العهد السعودي في اطار انتقاد ساخر لتوقع لميشال حايك والذي تكلم فيه عن “نصائح لولي العهد للتخفيف من تناول الوجبات السريعة.” وقد أحالت النائب العام الاستئنافي القاضية غادة عون الادعاء الى محكمة المطبوعات بجرم المادة 23 من القانون 104/77.
وكان النائب العام التمييزي كلف قسم المباحث الجنائية المركزية الاستحصال على قرص مدمج من برنامج “لهون وبس” الذي بث على تلفزيون “المؤسسة اللبنانية للإرسال انترناشنال”. وجرى تنظيم محضر بمضمون الحلقة أُودع القاضي حمود الذي احاله على النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان.
المادة الذي طلب القضاء فيها التحرك على اساسها ضد حداد تشير الى حق النيابة العامة بالتحرك في حال نشرت احدى المطبوعات ذما او قدحا او تحقيرا بحق رئيس دولة أجنبية، مع العلم ان ولي العهد السعودي ليس رئيس دولة.
هذا التحرك من قبل النيابة العامة دفع الكثير إلى الاستغراب عن سبب الادعاء على حداد فيما الارشيف الاعلامي والسياسي في لبنان حافل بالتهجمات على المملكة العربية السعودية، من قبل العديد من السياسيين وقادة الرأي والاعلاميين في لبنان، وهو كان من أبرز المواضيع التي دفعت رئيس الحكومة سعد الحريري إلى الاستقالة في 4 من تشرين الثاني 2017، ليعود بعدها عن استقالته بعدما تم التوصل الى اتفاق على “النأي بالنفس” عن صراعات المنطقة وخصوصا عدم التهجم والتطاول على المملكة العربية السعودية.
لكن ما يجري اليوم، يطرح علامات استفهام عدة على تحرك القضاء الاستنسابي. فبالعودة إلى الأرشيف يمكن الحصول على العديد من الوقائع تدل على ما نتحدث عنه، من دون ان تتحرك النيابة العامة لمحاسبة أي من القائمين به.
وعلى سبيل بعض التعداد، نعود بالذاكرة الى أن الهجوم الأبرز على المملكة العربية السعودية جاء من صحيفة “الديار”، التي اتهمت ولي العهد السعودي بأنه “عميل إسرائيلي درجة أولى وانتسب إلى الموساد منذ 8 أشهر”.
وفيها قال رئيس تحرير الصحيفة شارل أيوب: “من تكون السعودية لولا نفطها، إلا دولة جِمال وخيَم، وما عمر العمران المدني في السعودية إلا قلعة واحدة عمرها 150 سنة، فيما لبنان الحضاري يبلغ عمره الحضاري والثقافي 4 آلاف سنة وأكثر”.
وتابع هجومه: “نحن أصحاب شرف وعزة نفس وقوة، بينما آل سعود هم عملاء الصهيونية والعميل الأول فيهم الذي تم تطويعه لصالح الموساد بواسطة صهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب كوشنير هو محمد بن سلمان الذي ينفذ أوامر جهاز الموساد الإسرائيلي، الذي يعمل على تدمير العرب كلهم، عبر الكيان الصهيوني وعبر تنفيذ عمليات قتل واغتيالات في كل أنحاء العالم”.
وهل من نسي افتتاحيات صحيفة “الأخبار” يوم استقال رئيس الحكومة سعد الحريري وهجومها اللافت على المملكة وعلى آل سعود. من نسي العنوان الكبير الذي وضعته “الأخبار” “مقامرة آل سعود”!
ولمن نسي “موشحات” ابراهيم الأمين عن السعودية في “الأخبار” أيضاً فبعض الأمثلة قد تعيد احياء الذاكرة…
وأيضاً لاحياء الذاكرة، هذا الزعيم الحزبي يقول بالحرف: “في السعودية حقارة ويقودها معتوه”.
اذا في 10 كانون الثاني 2018، أي بعد تاريخ استقالة الرئيس الحريري وعودته عن هذه الاستقالة والاتفاق على مبدأ “النأي بالنفس”، رئيس المجلس التنفيذي في “حزب الله” هاشم صفي الدين يشن هجوماً عنيفاً على المملكة العربية السعودية، فيقول: “يكفينا أن الذي ينظم الوقائع الجديدة بالمنطق الأميركي والسعودي، معتوه في أميركا والسعودية”. ويضيف: “إذا كانت العروبة في السعودية كما يقول البعض، فعلى الدنيا السلام، لأن العروبة لا تكمن في تجويع الناس ومنع الأدوية عن الأطفال وقتلهم بعشرات الآلاف تجويعا ومنعا للدواء، وبالتالي هذه ليست عروبة، وإنما نذالة وحقارة الضعيف والخائف.
وأيضاً وايضاً في العام 2016، الناشط العوني طوني أوريان وOMEGA Team يصوّرون الملك سلمان على أنه شيطان. وصفحة OMEGA Team على الفايسبوك تنشر عددا كبيراً من الصور والشعارات المسيئة الى الملك السعودي.
مع العلم ان قيادات 8 آذار وتحديدا قيادات حزب الله وبمن فيهم أمينه العام، لم تسلم السعودية وآل سعود من “ذوق لسانهم” . بعض الشخصيات التي تدور بفلك حزب الله من سياسيين واعلاميين ومحللين وصفوا الملك السعودي بـ”الملك الخرف” وولي العهد بالمعتوه. (شاكر البرجاوي مقابلة مع المنار).
كان معبّرا تصريح رئيس مجلس إدارة الـLBCI الشيخ بيار الضاهر عبر تلفزيون “الجديد” الذي توجه الى حداد بالقول:” ننتظرك الثلاثاء بحلقة اقوى”.
وكان هشام حداد على مستوى التحدي حينما اكد مرارا أن برنامجه سيكون أقوى واقسى غير عابئ بمحن الاستدعاءات والتحقيقات والتلفيقات.
ولمن لم يفهم من التجارب، الحرية التي تكللت مسيرتها بالشهادة، يحميها ثوار ينتصبون، ويملأون الارض ضجيجاً، كي تبقى شعلة لبنان مضاءة في كل العالم. يصونها متمردون على الظلم والتبعية والعبودية، فيكون كل واحد منهم ثائراً من أجل الحرية. ولهم نقول: “من يقاتل في الميدان، يقاتل لكي ينتصر أو يموت، وفي الحالتين، لا أحد يستطيع ايقافه”.