كتبت د. انطوان الشرتوني في صحيفة “الجمهورية”:
يمكن أن يتشارك الإنسان الكثير من الموضوعات مع أخيه أو مع صديق له أو زميل في العمل، ومن بينها تربية الأطفال، بعض المشكلات الإقتصادية التي تمرّ بها العائلة أو حتّى مشكلات علائقية بسيطة بين الزوجين… ولكن عليه أن يتجنّب طرح تلك الحساسة مع أحد… باستثناء الاختصاصيين ذوي الخبرة الواسعة، ومن هذه الموضوعات، المشكلات الجنسية أو الحميمية ما بين الزوجين. مهما كان المشكل مهماً، لا يمكن أن يخبرَ شخصٌ خصوصياتِ حياته الفرديّة لأخيه أو صديقه… فالحميميةُ الزوجية لا يمكن خرقُها. إذاً ما هي الموضوعات الأساسية التي لا يمكن التحدّث عنها بطريقة علنية؟ وممَّن يمكننا طلبُ المساعدة أو المساندة إذا عانينا من مشكلة ما؟ وكيف؟
مهما كانت الأسباب، هناك «موضوعات حساسة» لا يمكن التحدّث عنها أمام أيّ شخص. زلّة لسان حول موضوع حميم أمام صديق أو زميل، يمكن أن تؤدّي إلى مشكلات كبيرة وخطيرة بين الزوجين وقد تهدم علاقتهما.
هذا لا يعني عدم بناء الثقة بين الأصدقاء، ولكن بشرط أن لا تتجاوزَ الأحاديث حدودَ الحياة الزوجية. وينصح علم النفس بأن لا تدورَ الأحاديث بين الأصدقاء الرجال أو بين الصديقات حول العلاقة الجنسية مع الشريك أو الوضع المالي والإقتصادي للعائلة، لكي لا تتداولَها الألسنة.
أسبابُ مشاركة الخصوصيّة مع الآخرين
كلما اجتمع الأصدقاء، يتبادلون الحديث، ويشمل بعض الأحيان الخصوصيات اليومية البسيطة كعادات النوم أو حلاقة الذقن عند الزوج أو غيرة الزوجة… وقد يتطوّر الحديثُ ليطالَ أسرار علاقاتهم الزوجية أو مغامراتهم الحميمة، ومنها الحقيقية أو الهوامية.
عادةً، تتخطّى هذه الأحاديث حدودَ الممنوعات، فيبوح المتحدّثون بالكثير من الخصوصيات عن زواجهم، وتلحق هذه الإعترافات جملة: «إياكم أن تخبروا أحداً». ولكن ماذا يضمن أن لا تُفشى هذه الخصوصيات… فتُكسَر الثقة وتبدأ المشكلات بين الثنائي.
أسبابٌ كثيرة تؤدّي إلى سرد الخصوصيات ما بين الأصدقاء، ومنها:
أولاً، سعي الزوجات إلى لفت نظر الأصدقاء ونيل عطف السامعين فيلعبن دورَ الضحية وينتظرن من الآخرين الإهتمام.
ثانياً، الرغبة في الطمأنة، فيشكو بعض الأشخاص للأصدقاء ليشعروا بأنّ أحداً ما يصغي إلى همومهم ومشكلاتهم، ما يساعدهم على تخفيف قلقهم.
ثالثاً، إنتظار تأييد الأصدقاء خصوصاً في حال تراكم المشكلات ما بين الزوجين.
الصداقة والحميمية الزوجية
لا أحدَ ينكر أهمية الصداقة ما بين شخصين. فالصديق هو الشخص الذي نخبره عن مشكلاتنا وهمومنا فيقدّم لنا نصائح يمكن أن تساعدَنا. والنصيحةُ الملائمة هي التي تكون موضوعيةً وتفيد الآخر دون التدخّل في شؤونه الداخلية. إنّ السرّ في عدم تفشي الأسرار هو الحرص على إخبارِها للصديق الصحيح، فبعض الأصدقاء قادرون على حفظ سرّ وعدم البوح بأيِّ كلمة أمام أيّ إنسان.
وهذه بعض نصائح علم النفس للأشخاص الذين يحبّون «الثرثرة» عن موضوعات حساسة:
- عندما تشعر بأنّ صديقاً سيخبرك بسرٍّ «خطير» وأنت تفضّل أن لا تكون مسؤولاً عن سماعه، أطلب منه بشكل مباشر أن لا يُصفح لك عن هذا الخبر أو غيّر الموضوع لكي تتفادى سماعَ هذا السرّ.
- إذا سمعت موضوعاً حسّاساً عن شخص ما، لا تعطي أيَّ انطباع، لأنك ربما تُفْهَمُ بطريقةٍ خاطئة أو يمكن أن يُنْقَلَ عن لسانك كلاماً مخالِفاً لحديثك.
- وإذا أردت أن تخبرَ أو تشارك أحدَ الأصدقاء أو الزملاء «سرّاً» ما، أعرف لمَن تخبر هذا «السرّ» واخْتر كلماتِك ولا تفشي كل شيء، بل تذكّر بأنّ هناك دائماً خصوصيّةً بين الثنائي ويجب احترامُها.
- وعلى مَن يتلقّى السرّ الإنتباه وعدمُ إفشائه خصوصاً أنّ الآخرَ وثق به حين سلّمه إياه.
- الإنتباه من بعض الأشخاص الذين يحاولون الحصولَ على أحاديث حميمة أو سرّية بقصد الابتزاز والتهديد بالإفصاح عنها.
- وفي بعض الأحيان، يبوح الأصدقاء بأخبار حول سوء طباع أو تصرّفات شريك العمر، فتتكوّن عند المستمع فكرةٌ سيّئة عن هذا الشريك. ولكن علماً أنّ الجميع يتغيّر مع الوقت، إلّا أنّ الفكرة السيّئة عن هذا الشخص لن تتغيّرَ حتى مع مرور الوقت ما يهدّد العلاقة بين الأسرتين في ما بعد.
كملخّص عام، لا يدرك الناس مقدارَ الأذى الذي يمكن أن يحدث بين الثنائي إذا انكسرت الثقة بينهما بسبب «الثرثرة» حول موضوعات لا دخلَ فيها للأصدقاء أو العائلة أو حتى الزملاء في العمل. ومِن الصعب جداً أن يتخلّص الإنسانُ من تداعيات إفشاء أسرار زوجه أمام أصدقائه، فيصبح هذا الزوجُ محطة تسلية للآخرين. لذا يجب على كل شخص أن يعرفَ ماذا يُخبر ولمَن وكيف يُخبر الأخبارَ الحميمة أو أسرارَ الثنائي.