كتبت سابين الحاج في صحيفة “الجمهورية”:
أنتِ متردّدة بامتياز خصوصاً عندما تضطرين لاتّخاذ قرارات لها تأثير مهم في حياتك، وتشعرين أنك غير قادرة على حسم الأمور. ترتّبين كل الاحتمالات في بالك، تحاولين أن تقيّمي إيجابيات وسلبيات أيّ خيار ولكنك تحتارين، فلا تدركين أيَّ طريق يقودك إلى برّ الأمان وأيّ طريق عليك تجنّبه لأنه يوصلكِ إلى حافة الهاوية.
نتردّد أحياناً أمام بعض القرارات السخيفة، مثلاً ماذا سأرتدي إلى سهرة الغد؟ أو أيّ بلد أختار للاستجمام؟ ولكن يصبح وضعنا أصعب وأكثر تعقيداً فتسكننا الحيرة ويجتاحنا القلق إذا ما عجزنا عن حسم قرارات ذات طابع مصيري قد تغيّر حياتنا مثل قرار تغيير الوظيفة أو الارتباط العاطفي… بعد التفكير الشديد وعرض كل الاحتمالات غالباً ما نلجأ لاستفتاء آراء الآخرين، الذين غالباً ما يزيدون من ضياعنا بدل أن ينيروا دربنا ويحدّدوا خياراتنا، إذ كيف لهم أن يدركوا اتّخاذَ خيار في حياتنا عجزنا نحن عن حسمه.
يعرض الخبراء بعض المراحل والنصائح التي تسهّل عليكم اتّخاذ القرارات.
أولاً: تمهّلوا ولا تقلقوا
عجزكم عن اتّخاذ قرار ينبع من عدم الثقة بالنفس، ومن اقتناعكم بوجود جواب جيد، إلّا أنكم غيرُ مؤهّلين لإيجاده، بحسب الفيلسوفة الأميركية روس شانغ. تحذّر شانغ من أنّ هذه الأفكار المترسّخة في نفوس البعض خاطئة، وتشدّد على عدم وجود جواب في المواقف المعقدة والصعبة، لافتةً إلى أنّ كل الخيارات تكون متساوية ولا يجدي تكسير رؤوسكم لإيجاد الحلّ الشافي.
في هذا السياق، هدفت دراسة صادرة عام 2012 إلى اقناع الناس بأن يكونوا أكثرَ تساهلاً مع أنفسهم في اللحظات المصيرية. ويؤكّد الباحثون أنّ القلق يصعّب الحكم على الأمور ويدفعنا إلى البحث عن المساعدة الخارجية والتصرّف بناءً على نصيحة سيّئة من الآخرين.
ثانياً: فكّروا
صحيح أنّ كثيرين يلجأون إلى اتّخاذ قرارات بناءً على إلهامهم وإحساسهم عندما يعجز عقلهم عن وزن الأمور وتقييمها، ولكن هذا لا يجنّبهم أن يبدأوا أوّلاً بالتفكير وتقييم الوضع. بالنسبة للفيلسوفة الأميركية إنّ تقييمَ إيجابيات كل خيار وسلبياته أساسي بالإضافة إلى طرح كل الخيارات المعروضة. فإذا قيّمتم الوضع ولم ترتسم في الأفق أيُّ قرارات واضحة، لا تخافوا ولا تدعوا الهلع يسيطر عليكم بل انتقلوا الى المرحلة التالية.
ثالثاً: إستشعروا النجاحات
تؤكّد المدرّبة الكندية إريكا دايمند أنه في سبيل إيجاد أجوبة على الأسئلة الصعبة في الحياة لا يجب الاعتقاد أنّ أخذَ قرار هو مسألة منطق، وتشدّد على أنّ أفضل القرارات تُؤخذ بواسطة الذكاء والحدس معاً.
في هذا السياق، توضح دراسة نُشرت عام 2014 أنّ 62 في المئة من المدراء يتّكلون على حدسهم، بينما يلفت 65 في المئة منهم أنّ عوامل حسّية تؤثر على خياراتهم. فلا يمكن اتّخاذ قرار مهم بمعزل عن التحليل بحسب المشرفين على الدراسة، ولكن يتمّ إبراز الخيارات وإدراكها من خلال التفكير والعقلانية، إلّا أنّ المشاعر يمكن أن تسيطر في النهاية، ما يسهّل حسم الخيارات.
رابعاً: تميّزوا ولا تخافوا
عندما تستعرضون الواقع وتفكرون بالحلول وتتركون المشاعر تلعب دورها في عملية اتّخاذ القرارات، لا تنسوا أنّ تشعّبَ الطريق أمامكم ومواجهتكم ضرورة الاختيار بين طريقين أو أكثر، فرصة بحدّ ذاتها، فنحن «كتّاب وجودنا».
أكّد مؤسس ومدير شركة أمازون جيف بيزوس في خطاب عام 2010 في جامعة برنستون الأميركية أنّ اتّخاذ القرارات يفيدنا. فعندما نبلغ الثمانين من العمر ونجلس لنتذكّر حياتنا السابقة بصمت ونقيّم إنجازاتنا وإخفاقاتنا، خياراتنا ستلخّص كل رحلتنا. فنحن نتيجة ما نختاره، لذا اذهبوا وابنوا لأنفسكم قصة جميلة.