من المتوقّع ان تحتل التهديدات الاسرائيلية لسيادة لبنان وثروته النفطية، حيزا واسعا من المشاورات التي سيشهدها قصر بعبدا غدا، بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيسي مجلس النواب نبيه بري والحكومة سعد الحريري، وقد كانت السبب الاساس للاتصال الذي اجراه الرئيس عون بـ”سيّد” عين التينة الخميس الماضي، حيث أفاد المكتب الاعلامي للقصر ان “تم الاتفاق بين الرئيسين على عقد اجتماع الثلثاء لدرس الخطوات الواجب اتخاذها لمعالجة التهديدات الاسرائيلية المتجددة والأوضاع العامة في البلاد”. الا ان هذا الملف الذي يلتقي في مقاربته الرؤساءُ الثلاثة، لن يكون وحده على طاولة البحث.
فبحسب ما تقول مصادر سياسية مطّلعة لـ”المركزية”، ستقتحم القضايا السياسية الشائكة عموما ومسألة العلاقة المتوترة بين بعبدا وعين التينة خصوصا- بسبب التباينات العمودية في النظر الى كيفية حكم البلاد، والتي انطلقت مع مرسوم الاقدمية لضباط 1994- جدولَ اعمال اللقاء.
وعلى هذا الصعيد، تتابع المصادر، من المستبعد التوصل الى اتفاق شامل يردم الهوة بين الرئاستين الاولى والثانية نهائيا، الا انه قد يفضي الى تفاهم على تحييد عمل المؤسسات الدستورية عن مفاعيل الخلاف الحاصل، أقلّه حتى موعد الانتخابات النيابية في 6 أيار المقبل، مع اتفاق على وقف التصعيد في الاعلام وفي المواقف، وقد قال رئيس المجلس أمام زواره ليل امس “هذا اللقاء يعوّل عليه ان يؤسّس لترسيخ الاستقرار الذي حصل، ويفتح أفق التعاون اكثر في سبيل مصلحة البلد وسلمه الاهلي”.. على اي حال، ترجّح المصادر الا ينتهي الاجتماع الى اي خرق ايجابي في “أزمة المرسوم” خصوصا ان رئيس الجمهورية يعتبر انه بات من الماضي ولا داعي للبحث به أصلا. بيد أنها تشير الى ان “اتفاق الطائف” سيكون مطروحا بقوّة، خصوصا ان آلية تطبيقه وروحيّته، يشكلان جوهر الأزمة السياسية المتوالية فصولا اليوم.
وفي السياق، تقول ان الرئيس عون سيجدد تمسّكه بوثيقة الوفاق الوطني بكامل مندرجاتها وسيؤكد ان كل قراراته وممارساته نابعة من الصلاحيات التي يكفلها “الطائف” وأنه لم يخرج يوما عنها. وسيشدد الرئيس، وفق المصادر، على ان “التوافقية السياسية” التي أرساها، لا تعني ان لأي فريق حق “الفيتو” وتعطيل البلاد والقرارات اذا لم تلتق مع أهوائه ومشاريعه. فبحسب المصادر، يحاول الرئيس بري عبر المطالبة باضافة توقيع وزير المال الى مرسوم الاقدمية، تكريس مثالثة في الحكم، مسيحية – سنية – شيعية، أو إحياء “الترويكا” التي كانت قائمة إبان الوصاية السورية والتي يتشارك فيها الرؤساء الثلاثة في كل القرارات، وهو على الارجح ما لن يقبل به الرئيس عون كون الشراكة التي ينص عليها “الطائف” اسلامية – مسيحية، وليست مذهبية. في موازاة ذلك، تشير المصادر الى إمكانية ان يتطرق رئيس الجمهورية الى مرحلة ما بعد الانتخابات، والتي قال سابقا إن عهده يبدأ جديا بحلولها.
وهنا، سيدعو الى اعتماد المداورة في الحقائب السيادية وسيطلب خلال الاجتماع، الاتفاق على ان اي وزارة لن تكون حكرا لأي فريق في المستقبل، كما سيقترح فصل النيابة عن الوزارة. واذ تلفت الى ان هذه النقاط قد تعمّق الهوة بين بعبدا وعين التينة، تكشف المصادر ان الرئيس عون قد يغتنم فرصة اللقاء أيضا لطرح مسألة الاستراتيجية الدفاعية، وجس نبض ضيوفه حيال إعادة تسليط الضوء عليها في المرحلة المقبلة.
فبحسب المصادر، بدأ الرئيس عون يستشعر الأهمية المتنامية التي يوليها المجتمع الدولي لتطبيق القرارات الدولية وبسط سيادة الدولة والمؤسسات الامنية والعسكرية الشرعية وحدها على كامل اراضيها. وعليه، وعشية المؤتمرات الدولية المنتظرة لدعم لبنان، تتابع المصادر، لا بد ان تبدي بيروت تجاوبا مع ما تطلبه الدول المانحة، ولا بد لها من توجيه اشارات حسن نية اليها، تؤكد فيها عزمها على التزام ما ينتظره منها الخارج، والا فإن غلّة هذه المؤتمرات قد تبقى متواضعة جدا، وهو ما لا يريده رئيس الجمهورية لعهده.