كتبت ناتالي اقليموس في صحيفة “الجمهورية”:
لليوم الثالث على التوالي يُواصل أساتذة التعليم الخاص إضرابَهم، متمسّكين بحقوقهم كاملة وفق القانون 46. وبعدما نفذوا أمس تحركاً أمام وزارة التربية والتعليم العالي، يَسعى الوزير مروان حمادة إلى الإجتماع مع اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة لوضعهم في صورة الحلول الممكنة على أن يَجمع نقابة المعلمين مع الاتحاد في خطوة لاحقة، وفق ما علمت «الجمهورية». إلى ذلك أعربت مصادر بكركي لـ»الجمهورية» عن سخطها لإضراب المعلمين 3 أيام، «إنها ضربة لقطاع التعليم في الصميم».
«فالج لا تعالج». عبارة تختصر الوضع المذري الذي بلغَه العام الدراسي، فيما مكوّنات الأسرة التربوية، الإدارات والأهالي والأساتذة، على حالهم «إجتماع رايح، إجتماع جايي»، من دون نتيجة، بل المزيد من الغموض والتعقيدات والوعود.
بكركي عاتبة
في سياق متصل، أكّدت مصادر بكركي لـ«الجمهورية»، «أنّه بعد الاجتماع الاستثنائي الموسّع في بكركي وتبنّي المجتمعين الكلمة الافتتاحية للبطريرك مار بشارة بطرس الراعي كجزء من البيان الختامي، لا حاجة للكلام بعد، فلتتكفّل الدولة بتمويل تشريعاتها، وتحديداً الدرجات الست»، لافتاً إلى «أنّ الدولة «مكسورة» على 4 سنوات من تسديد متوجّباتها تجاه المدارس نصف المجانية».
وأعرب المصدر عن عتبه حيال سلسلة الإضرابات، قائلاً: «أمس، كان الأساتذة في بكركي وأعربوا عن مطالبهم، لماذا إذاً الإضراب؟ ما الجدوى من إبقاء التلامذة في منازلهم؟ وكأنّ السنة الدراسية تحتاج إلى مزيد من الفوضى».
في التفاصيل
منذ الثانية عشرة ظهراً، بدأ معلمو الخاص بالتجمع أمام المدخل الرئيس لوزارة التربية – الاونيسكو، يتقدّمهم وفد من نقابة المعلمين والنقيب رودولف عبود. «إنشالله نكون كتار»، «إنشالله النقابة بتاخد حقنا»… سيل من أمنيات تبادلها المعتصمون، في حين توجّه وفد من النقابة إلى الطابق 15 في الوزارة للاجتماع مع حمادة، قرابة الثانية عشرة والربع.
في هذا الإطار قال عبود لـ«الجمهورية»: «أكّدنا لمعاليه أنّنا لسنا ضد مشروع قانون فقط للرفض، إنما هو رفض بالمطلق لأيّ محاولة مَساس بالقانون 46، لأنّنا نعوّل على اتفاقات بين الإدارات والمعلمين، من دون تعديل القانون». وأضاف: «قدّمنا مذكرة مفصّلة بمطالب الاساتذة، وشدّدنا على تمسّكنا بالقانون كاملاً، كما أننا لا نُمانع أيّ اجتماع مع إتحاد المؤسسات الخاصة من شأنه التوصّل إلى حلول ناجعة».
أما بالنسبة إلى الإضراب فقال: «سنواصل إضرابنا غداً (اليوم) في مكاتب النقابة وفي المحافظات، على أن نُبقي اجتماعاتنا مفتوحة لتحديد الخطوات اللاحقة»، مشيراً إلى «أنّ بعض الاساتذة يتعرّضون للضغط من قبل إداراتهم لعدم تلبية دعوات النقابة للإضراب، نتفهّم ظروفهم ولكن لا بد من رفع الصوت وإكمال النضال».
دام اللقاء نحو ساعة، تخلله بحث عن الحلول الممكنة، وأنّ لكل مدرسة خصوصيتها، بعضها متعثّر والبعض الآخر يمكنه إعطاء الأساتذة حقوقهم من دون زيادات موجعة، وأنه من صالح الأساتذة الاتفاق مع إداراتهم بالتراضي وضمن اتفاقات، خصوصاً أنّ بعض المدارس بدأت تتجاوب وقد طبّقت السلسلة، بما فيها الدرجات الست، وقدّمت موازناتها إلى الوزارة.
ماذا في الخارج؟
دار النقاش في الداخل بشكل هادئ، لم يخلُ من الملاحظات والتمنيات، فيما الأساتذة في الخارج مرّة يتلهّون بـ«السلفي»، ومراراً يتأفّفون من أوضاعهم المعيشية الصعبة، مُردّدين: «نحنا أهل قبل ما نكون معلّمين، والوجع مضاعف». وقرابة الواحدة والنصف، حرص حمادة على الخروج مع عبود والتوجّه إلى بهو الوزارة حيث المعتصمين، قائلاً: «تمنيتُ لو أستقبلكم جميعاً، ولكن قلبي يسعكم جميعاً، كذلك الاهل»، مشيراً إلى «أنّ البحث مع النقابة تناول حلحلة العقد حول موضوع صندوق التعويضات، لأنّه مهم جداً ويتعلق بزملائكم الذين هم اليوم خارج المهنة ويحتاجون للقرش لكي يعيشوا»، معتبراً أنّ «موضوع صندوق التعويضات يجب ان يكون حيادياً».
وكرَّر حمادة إصراره على رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري لعقد جلسة استثنائية تربوية لمجلس الوزراء، وقال: «منذ أشهر عدة، أصرّ على هذه الجلسة ولا توجد آذان صاغية حتى اليوم، وما زلتُ مصرّاً على هذه الجلسة». وتوقف حمادة عند مذكرة النقابة التي تسلّمها من نقابة المعلمين، واصفاً إيّاها بـ«المُتزنة والجيدة وتعبّر عن رغبة احترام القانون وتطبيقه»، داعياً إلى «حوار مع المدارس المتعثرة».
وأضاف: «المهم في النتيجة أنّ القانون 46 سيطبّق مع الدرجات الست… الوزارة قامت بمعركة وحصلت على قانون، وعلى الدولة أن تساعد في تطبيقه ولست أنا من يُقرّر، هناك مجلس نواب هو سيّد الاعتمادات».
ورداً على سؤال حول بيان بكركي الذي يرفض الدرجات الست، قال حمادة: «مِش كلّ المدارس مِتِل بَعضا… هنا بيت المعلم الحقيقي، ولكن ايضاً هناك الاهل، والأهمّ هو ألّا يفرط كل القطاع التعليمي».
عبود
من جهته، قال عبود: «التعاطف موجود، ولدى حمادة مشروع قانون كآلية تطبيق، ونحن رفضناه بسبب أنّ هناك 3000 مدرسة، وليست كلها متعثرة ونحن لن نساوم على الدرجات الست لجميع المعلمين في كل المدارس الخاصة». وأضاف: «همّنا الكبير هم الزملاء الذين لم يتلقّوا أي مردود مالي منذ 6 اشهر، ويجب إيجاد حلّ قريب لهم».
إجتماع واحد اليوم أو أكثر؟
وسط التجاذبات القائمة، يعقد اتحاد المؤسّسات التربوية اجتماعه «الروتيني» وفق ما وصفه مصدر تربوي مسؤول لـ«الجمهورية»، عند العاشرة صباح اليوم، مؤكداً استعداد الاتحاد الجلوس مع حمادة. وقال المصدر: «لا شك في أنه سيتم التطرّق إلى الدعوة التي وجّهها حمادة للاجتماع مع اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة للبحث في ما يمكن طرحه».
أمّا عن موعد اجتماع حمادة والاتحاد، فحتى ساعات متأخرة ليلاً، كان لا يزال رهن الاتصالات وتنسيق المواعيد بين أعضاء الاتحاد وحمادة.