كشفت صحيفة «الجمهورية» ان مساعد وزير الخارجية الاميركي ديفيد ساترفيلد كان صريحاً خلال المحادثات مع رئيس مجلس النواب نبيه بري والنائب وليد جنبلاط ووزير الخارجية جبران باسيل وابلغ اليهم انّ الولايات المتحدة الاميركية «لا تريد إحراج لبنان وانها تدرك جيداً وضعه الداخلي ومحيطه، ولكن عليه ان يعطي رسالة ليس اليها وإنما للعالم مفادها انه ملتزم حقيقة «النأي بالنفس».
وقال ساترفيلد انّ بلاده «دخلت الآن في مرحلة جديدة في المنطقة تقوم على فرز قوى الخير من قوى الشر، وهي تتمنّى ان يكون لبنان في هذا الاطار قوة مساعدة في عمليات السلام المطروحة في المنطقة بالتزام عدم تدخل «حزب الله» في الحرب، وأن يسهّل مشروع بناء الدولة في لبنان ووقف كل العمليات التي تسيء الى الدول الخارجية».
واكد عزم واشنطن على «السير في مشروع العقوبات ضد «حزب الله» حتى النهاية»، مشدداً على «انّ هذه العقوبات غير موجهة ضد الشعب اللبناني ولا ضد الدولة اللبنانية، لكنها ضد الحزب الموجود خارج الدولة اللبنانية وفي اكثر من دولة في المنطقة، ويقف في الجهة التي تخاصم اميركا في منطقة الشرق الاوسط، وإذا كانت واشنطن تأخذ وضع لبنان في الاعتبار، لكنّ ذلك ليس على حساب الاستراتيجية الاميركية الجديدة».
ودعا الحكومة اللبنانية الى «تحمّل مسؤولياتها في هذه المرحلة، وان تعطي دوراً اكبر للمؤسسة العسكرية في أمن لبنان الاستراتيجي وفي صون الحدود وفي تطبيق القرارين 1559 و1701».
وفي ملف النفط، أبدى ساترفيلد «سرور» بلاده «لأن يصبح لبنان دولة نفطية، فهذا امر يساعده على امتصاص ديونه الخارجية وتأمين فرص للاجيال المقبلة وتأمين استقرار اقتصادي ومالي».
لكنه دعا الى «درس اكثر للتعاطي مع ملف النفط لأنه ليس ملفاً عادياً، بل هو استراتيجي ويدخل في اطار الامن والسلام في المنطقة». ووعد بأن تُجري بلاده اتصالات مع اسرائيل «لكي لا تؤذي لبنان في هذه المرحلة»، مشيراً الى «انّ فريقاً اميركياً يدرس مدى صحة مزاعم اسرائيل بأنّ البلوك 9 ليس لبنانياً».
وتحدث ساترفيلد عن «انطلاق عملية السلام العربي ـ الاسرائيلي في المرحلة المقبلة في حال نجحت التسويات في المنطقة»، وطلب «ان يكون لبنان عنصراً فعالاً إنطلاقاً من مبادرة الملك عبد الله للسلام في قمة بيروت عام 2002». كذلك اكد استمرار بلاده في «دعم الجيش اللبناني وضرورة ان يكون العامل الوحيد في الاستقرار». وأبدى «انزعاج الادارة الاميركية من الاحداث الاخيرة»، معتبراً «انها مؤشر على هشاشة الاستقرار اللبناني وضعف الدولة امام قوى الامر الواقع».
وكشفت صحيفة “اللواء” ان مهمة الموفد الأميركي تتركز على التوصّل لحل المشكلات العالقة حاليا مع إسرائيل على الحدود اللبنانية برا وبحرا، وهو اسمع وزير الخارجية جبران باسيل الذي التقاه ايضا قبل ان يلتقي رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط، استعدادا لوساطة أميركية لدى إسرائيل بما يتعلق بموضوع الجدار والبلوك 9.
وأكدت المصادر ان الجانب الأميركي لم يطلب من الجانب اللبناني عدم البدء بالعمل بالاستكشاف في البلوك المذكور، لافتا النظر إلى استعداد تل أبيب لقبول أي وساطة مع لبنان حول حدود مياهه الاقتصادية، بحسب ما أعلن وزير الطاقة الإسرائيلي.
وشدّد الجانب اللبناني على ان مسألة الحدود البحرية مرتبطة بالحدود البرية التاريخية بين لبنان وفلسطين المحتلة، مما يبقى البلوك 9 داخل المياه الإقليمية اللبنانية، وانه من هذه الزاوية يتم التشديد على ضرورة إزالة النقاط الـ13التي يتحفظ عليها لبنان على الخط الأزرق، مؤكدا على ان الموقف اللبناني موحد تجاه التهديدات والاعتداءات الإسرائيلية اكان بالنسبة للجدار أو بالنسبة للنفط والغاز، بحسب ما أشار الرئيس بري لنواب الأربعاء.
وكشفت صحيفة “الحياة” أن ساترفيلد سأل عن الأجواء التي سادت اللقاء بين الرؤساء الثلاثة، وقيل له إنها إيجابية وأدت إلى وضع البلد أمام مرحلة سياسية جديدة يفترض أن تنعكس على تفعيل عمل الحكومة وتعاونها مع البرلمان لإقرار موازنة العام الحالي.
واستفسر ساترفيلد عن قانون الانتخاب والتحضيرات الجارية لإجراء الانتخابات النيابية في موعدها في 6 أيار المقبل، من دون أن يتطرق إلى أمور تفصيلية في هذا الخصوص.
وأبدى ساترفيلد استعداد واشنطن للعب دور للوصول إلى تسوية بين لبنان وإسرائيل حول النقاط الحدودية المتنازع عليها على الخط الأزرق، في إشارة إلى احتجاج الحكومة اللبنانية على بناء إسرائيل جداراً فاصلاً من الأسمنت يشكل في بعض الأماكن اعتداء على السيادة اللبنانية لأنه يقام على نقطتين في بلدتي الناقورة وعديسة هما من ضمن 13 نقطة كان تحفظ عنها لبنان، معتبراً أنها تشمل خط الانسحاب الحقيقي وتعود السيادة عليها إلى لبنان.
ولفت ساترفيلد، كما اوضحت «الحياة»، إلى ضرورة ضبط النفس وتفعيل دور «يونيفيل» في الجنوب بالتعاون مع الجيش اللبناني لتطبيق القرار 1701، وعدم إعطاء إسرائيل أي ذريعة يمكن أن تدفعها إلى توتير الأجواء، لكنه في المقابل لم يأت في معظم لقاءاته على تهديد إسرائيل بوضع يدها على البلوك9 الذي يعود إلى لبنان في مياهه الإقليمية.
وشدد أيضاً على دعم واشنطن الجيش اللبناني والقوى الأمنية الأخرى. ورأى -وفق بعض الذين التقاهم- أن هناك ضرورة للحفاظ على الاستقرار، مؤكداً أن بلاده تدعم البرنامج الاستثماري للحكومة اللبنانية الذي ستطرحه في مؤتمر «سيدر» في باريس.
وتطرق ساترفيلد إلى العقوبات الأميركية على «حزب الله»، مشدداً على أن لا مفر منها، «لكن علينا التعاون مع المعنيين في الدولة اللبنانية لئلا يتأذى منها لبنان».
واليوم، يضع ساترفيلد اكليلا من الزهر على ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري وسط بيروت.