كتبت بولا أسطيح في صحيفة “الشرق الأوسط”:
تتخذ المعركة الانتخابية في دائرة البقاع الغربي – راشيا حيزاً كبيراً من النقاشات التي لا تزال مفتوحة بين مختلف القوى السياسية، لحسم تحالفاتها التي تسعى معظمها لتكون موحدة على مستوى كل لبنان، وغير خاضعة للعامل المناطقي.
وتشبه عملية تشكيل اللوائح المستمرة في المنطقة الواقعة شرق لبنان إلى حد كبير لعبة «البازل»، نظراً للتعقيدات المحيطة بها، فرغم اتضاح المشهد بكليته، إلا أن افتقاد بعض الأجزاء الصغيرة منه لا يزال يعيق عملية الحسم النهائي.
وتشير آخر المعطيات الواردة من دائرة البقاع الثانية (البقاع الغربي – راشيا) إلى توجه لتشكيل لائحتين: الأولى مدعومة من قوى «8 آذار» والثانية من قوى «14 آذار»، ما سيعيد إحياء هذا الاصطفاف الذي تداعى إلى حد كبير في معظم الدوائر الأخرى مع قرار تيار «المستقبل» و«التيار الوطني الحر» خوض المعركة الانتخابية في صف واحد، تنفيذاً لأحد بنود ما يُعرف بـ«التسوية الرئاسية» التي أدّت إلى وصول العماد ميشال عون إلى سدة الرئاسة وسعد الحريري إلى رئاسة الحكومة.
وبات محسوماً أن رئيس حزب «الاتحاد اللبناني» الوزير السابق عبد الرحيم مراد سيرأس لائحة قوى «8 آذار» في المنطقة التي تضمه إلى النائب السابق فيصل الداود ومرشح شيعي تسميه حركة «أمل»، إضافة إلى مرشحين آخرين سيواجهون لائحة لا يزال تيار «المستقبل» والحزب «التقدمي الاشتراكي» ينكبان على تحديد ملامحها. وفي هذا السياق، قال مراد لـ«الشرق الأوسط» إنه باشر تشكيل لائحته على أن ينتهي من إعدادها في غضون أسبوعين، لافتاً إلى أنه ينتظر أن يسمي الثنائي الشيعي مرشحاً من قبله ليشغل المقعد الشيعي الوحيد في اللائحة. وأوضح أنّه وفي مقابل استعداداته للمعركة، بدأت استعدادات الفرقاء الآخرين، وأبرزهم «المستقبل» و«التقدمي الاشتراكي»، مع ترجيح أن يكون «الوطني الحر» و«المستقبل» إلى جانبهما في تحالف رباعي. وأضاف مراد: «حتى ولو قرر الرئيس عون خوض المعركة بوجهنا، فنحن نؤكد أنه لن يكون هناك زعل بل احترام تام».
ورغم ترجيح مراد خوض «الوطني الحر» المعركة بوجهه، إلا أن مصادر عونية قيادية أكدت أن قيادة «التيار» لم تحسم موقفها بعد، وتحدثت لـ«الشرق الأوسط» عن «وضع دقيق جداً في المنطقة وعوامل متعددة تؤخر حسم القرار هناك». وأضافت: «كل الاحتمالات لا تزال مفتوحة، ونحن ننتظر ما ستؤول إليه النقاشات الجارية بين (المستقبل) و(التقدمي الاشتراكي) كما نتائج مشاوراتنا مع حزب (القوات) الذي سبق له أن سمّى مرشحاً مارونياً، علماً بأن حضورنا كتيار في المنطقة أكبر بكثير من الحضور القواتي».
وتشير المعطيات إلى توجه «الوطني الحر» لتبني ترشيح نائب رئيس المجلس النيابي السابق إيلي الفرزلي، من دون أن يتخلى «التيار» حتى الساعة عن مطالبته بالحصول على مقعد إضافي قد يكون المقعد الماروني.
من جهتها، تحسم مصادر مقربة من «حزب الله» قرارها دعم لائحة عبد الرحيم مراد في البقاع الغربي، لافتةً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن المرشح الشيعي في المنطقة ستسميه حركة «أمل»، فيما سيسمي «حزب الله» المرشح عن المقعد نفسه في دائرة زحلة على أن يكون حزبياً.
وكما التيار العوني الذي يرفض الحديث عن حسم تحالفاته، ما عدا تحالفه مع «المستقبل» على مستوى لبنان، كذلك «التقدمي الاشتراكي» الذي تؤكد مصادره أنّه لم يعد بعيداً عن إعلان التحالف مع التيار الذي يرأسه رئيس الحكومة سعد الحريري، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى «علاقة تاريخية ومتجذرة تجمعنا به تجعلنا قريبين جداً من التحالف معه». وتضيف المصادر: «أما باقي التحالفات فهي قيد البحث والنقاش، خصوصاً بعدما خلطت التطورات كل الأوراق السياسية، وجعلت من الصعوبة سريان تحالف ما على كل المناطق اللبنانية».
وتبلغ حصة دائرة البقاع الغربي – راشيا من المقاعد النيابية، 6 موزعة على الشكل التالي: 2 للسنة، و1 للشيعة، و1 للدروز، و1 للموارنة وواحد للأرثوذكس. أما عدد الناخبين، فيبلغ نحو 141 ألفاً، بينهم 63 ألف سني، و20 ألف شيعي، و20 ألف درزي، و10 آلاف ماروني، و10 آلاف روم كاثوليك و10 آلاف روم أرثوذكس. وبحسب محمد شمس الدين، الباحث في «الدولية للمعلومات»، فإن نسبة الاقتراع في الانتخابات الأخيرة عام 2009 بلغت 53 في المائة ما يجعل الحاصل الانتخابي التقريبي 13 ألف صوت. ويشير شمس الدين في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه وفي حال رست الأمور على لائحتين: الأولى تضم «الاشتراكي والمستقبل»، والثانية ثلاثي «عون – أمل – حزب الله»، فإن النسبية ستؤدي إلى فوز كل لائحة بـ3 مقاعد تقريباً، خصوصاً أن الانتخابات الماضية التي جرت على أساس النظام الأكثري أدت إلى فوز لائحة «14 آذار» بـ53 في المائة من الأصوات مقابل 43 في المائة للائحة «8 آذار».