Site icon IMLebanon

58 ألف ليرة: هذا ما يحق للمدارس زيادته على الأقساط

كتب نعمه نعمه في صحيفة “الاخبار”:

في المعركة الدائرة حالياً حول الدرجات الست للمعلمين، سوّق أصحاب المدارس الخاصة لمتوسط زيادة يبلغ 750 ألف ليرة على قسط التلميذ الواحد بحجة تطبيق قانون سلسلة الرتب والرواتب. حاول هؤلاء احتساب الزيادة من خارج الموازنات المدرسية، في حين أنّ دراسة بسيطة لجداول المعلمين في نموذج موازنة حقيقية تظهر أن الزيادة لا تتجاوز 58 ألف ليرة على التلميذ من دون الدرجات الست الاستثنائية للمعلمين.

في الواقع، تتأثر الأقساط بشكل مباشر برواتب المعلمين. وتحدّد السلسلة الرواتب للأساتذة في ملاك المدارس الرسمية والخاصة بحسب الشهادة والأقدمية، وهو الحد الأدنى الذي يتقاضاه المعلم، في ما يعرف بالجدول الرقم 17 من قانون السلسلة. وقد دخلت الدرجات المتفرقة التي نالها المعلمون خلال الأعوام الماضية في سلسلة الرتب بحسب القانون، في حين أن غلاء المعيشة الذي صدر في شباط 2012 أدخل على الراتب كسلفة غلاء معيشة، وتقاضاه العديد من المعلمين وليس كلهم. اليوم، أقر قانون السلسلة الذي صحّح عملياً الراتب الأساس للمعلمين وألحق غلاء المعيشة ضمنه وأضاف الدرجات الإستثنائية عليه، وهي 6 درجات للمعينين قبل العام 2010 ودرجتين للمعينين بعده. (الجدول 1)

قبل قانون السلسلة، كان المعلم يتقاضى أساس الراتب مع غلاء المعيشة بما مجموعه مليون و618 ألف ليرة لبنانية. وبعد القانون، بات أساس الراتب من دون الدرجات الست مليوناً و875 ألف ليرة، أي بفارق 257 ألف ليرة. أما أساس الراتب مع الدرجات الست التي أقرها القانون فيصبح مليونين و305 آلاف ليرة، أي بفارق 678 ألف ليرة، عما كان المعلم يتقاضاه.

كيف تؤثر السلسلة؟

البنود الواردة في الموازنات التي تتأثر بالقانون محدودة. وهي، إلى جانب الراتب لمعلمي الملاك، أجر ساعات التعاقد للمتعاقدين (نسبة الزيادة هنا لا تتعدى 15% من قيمة الساعة الحالية)، اشتراكات الضمان الإجتماعي (7% من دخل معلمي الملاك)، واشتراكات المعلمين التي تغطيها الموازنة في صندوق التعويضات (6% من الرواتب).

لنقارن معاً موازنة مدرسية قبل إقرار قانون السلسلة وبعده من دون الدرجات الست (الجدول 2).

هذه الأرقام من ميزانية حقيقية لمدرسة تضم 777 تلميذاً، و129 معلماً و30 إدارياً. في قراءة للجدول الرقم 2 يمكننا من تسجيل الملاحظات الآتية:

ـــــ ارتفع أساس الراتب لمعلمي الملاك بحسب الجدول الإسمي للرواتب وفق قانون السلسلة من دون الدرجات الست نحو 274 مليون ليرة.

ــــ ارتفعت أجور وبدلات الساعات للمعلمين في التعاقد 15% حداً أقصى.

ــــ ارتفع بدل الساعات الإضافية لمعلمي الملاك 15% حداً اقصى.

ــــ بقيت المكافآت والمساعدات لأفراد الهيئة التعليمية كما هي كون الرواتب لم ترتفع كثيراً.

ــــ اشتراكات الصندوق لمعلمي الملاك بنسبة 6% من الدخل تغطيها الموازنة.

ــــ اشتراكات الضمان الصحي عن المعلمين نسبتها 7% من اساس الراتب.

بذلك، تصبح السلفة على أي زيادة مرتقبة للملاك (غلاء معيشة) صفراً كونها دخلت في أساس الراتب بقانون السلسلة. وتكون النتيجة النهائية للفارق الناتج عن تعديل الرواتب 45 مليون ليرة تقريبا موزعة على 777 تلميذاً لنحصل على زيادة للقسط بقيمة 58 ألف ليرة على كل تلميذ في المدارس التي التزمت دفع غلاء المعيشة منذ عام 2012 للمعلمين.

أما باحتساب الفارق مع الدرجات الست (الجدول 3)، فنلاحظ أنّ قيمة الزيادة على الأقساط ترتفع الى مليون و267 ألف ليرة على التلميذ الواحد لتغطية الرواتب والأجور، ولكن بمعزل عن الموازنة ككل. إذ أن احتساب ارتفاع الأقساط خلال السنوات الست الماضية يوصلنا إلى نتائج مغايرة، خصوصاً أنّ الأهل دفعوا هذه الزيادات خلال السنوات الماضية، ووصلت نسبة الزيادة الى 80% عما كانت عليه عام 2012. فالمدرسة التي بين أيدينا كان متوسط قسطها في 2011 ـــــ 2012 نحو 3.5 مليون ليرة، وبات في 2016/2017 يتجاوز 6 ملايين ليرة، أي بزيادة أكثر من 2.5 مليون ليرة (بمعدل 500 الف لكل سنة).

نحتسب في هذه المقاربة ما تم تقاضيه من زيادات على مدى السنوات الخمس الماضية والفائض الذي راكمته المدارس على أساس التوقع انها ستطبق السلسلة. وإذا نظرنا إلى قيمة الزيادة التي حصلنا عليها أي مليون و267 ألف ليرة، نجد أن المبلغ الذي دفعه الأهالي في السنوات الماضية يتجاوز ذلك بكثير، ما يعني أنهم دفعوا سلفاً تكفي لتغطية أكثر من سلسلة.

أما ذريعة المدارس بأن هناك درجات طبيعية مستحقة للمعلمين مرة كل سنتين ولا بد من رفع القسط لتغطيتها، فإن ما لا بد أن يعرفه الأهالي هو أنّ الدرجات العادية لا تشكل زيادة حقيقية. إذ أن نصف المعلمين في الملاك ينالون زيادة معدلها 50 الف ليرة سنوياً، ما يجعل كلفة الدرجات تقارب 30 مليون ليرة سنوياً لا أكثر. وإذا قسّمنا هذه الكلفة على عدد التلامذة، فإنّ الزيادة على القسط لا تتعدى 50 ألف ليرة في أفضل حالاتها، أي ما يقارب 300 الف ليرة لكل السنوات الست الماضية!

بناءً عليه، فإن ما تقاضته المدرسة خلال السنوات الخمس الماضية حتى ما قبل إقرار السلسلة تغطي تكاليف رواتب المعلمين كلها، ولخمس سنوات مقبلة، من دون زيادة في الأقساط. ففي كل التعاميم التي ارسلتها المدارس الى الأهالي، كانت تبرر زيادة الأقساط كل سنة بأمرين: تغطية كلفة أي زيادة مرتقبة وتغطية الدرجات العادية. وإذا كنا قد احتسبنا الزيادة المرتقبة فإنّ الدرجات حسابها بسيط. إذ أن الدرجة يستحقها المعلم كل سنتين مرة وهي تتراوح بين 29 ألف ليرة و84 ألفاً (قبل قانون السلسلة). وبإحتسابها على المعلمين الـ 129 (في النموذج المعتمد)، فإنها تطال في السنة الواحدة نصف العدد أي 65 معلماً ومتوسطها نحو 50 الف ليرة للمعلم الواحد، أو ما مجموعه 39 مليون ليرة. وبتقسيم المبلغ على التلاميد الـ777، نحصل على زيادة سنوية قيمتها 50 ألف ليرة فقط على القسط سنوياً للدرجات العادية، اي ما يقارب 300 الف في 6 سنوات.

هل يحق للأهل المطالبة بمعرفة قيمة المبلغ التراكمية التي دفعوها في السنوات الماضية على أساس ترقب إقرار السلسلة؟ طبعاً، لا بل إن من حق الأهالي استعادتها مع احتساب الفائض الذي راكمته الادارات في المصارف. فالمبالغ التي دُفعت على مدى السنوات الست الماضية بطلب من الإدارة بُرّرت، كما أوضحنا، مبررة بسلف غلاء المعيشة أو الزيادات المرتقبة.

بعض الأهل يقولون إنّ الموازنات السابقة تمت المصادقة عليها من لجان الأهل، ولا يجوز قانوناً فتحها كون المهل القانونية انتهت. ولكن، بما أن المبالغ المقبوضة اتت على شكل سلف لزيادة مرتقبة ومتوقعة للمستقبل، كان يجب وضع الفائض التراكمي في حساب خاص لها وليس ذوبانه في الموازنة السنوية. وبالإستناد الى المادة 4 من قانون تنظيم الموازنات الرسمية الرقم 515/96: « إذا تبين أن الأقساط المدفوعة هي دون الأقساط التي

يرتبها هذا القانون يكون للمدرسـة استيفاء الفرق. أما إذا كانت تفوق هذه الأقساط فيُرد الفرق الى التلاميذ».

وبما ان الإتفاق كان بين المدرسة والأهل على استيفاء مبالغ تراكمية لزيادة مرتقبة، كان الحري بالمدرسة ابقاء الفائض في صندوق خاص أو اعادة هذا الفائض الى الأهل.

نشير إلى أن هذه الدراسة لم تقم بتحليل الموازنة في كل بنودها. ولكن من المفيد الإشارة الى أن الأهالي يدفعون بدل فائض ساعات لمعلمين افتراضيين تصل ساعاتهم المسجلة في جدول الدوامات الى 1300 ساعة زيادة عن قدرة الشُعب كلها مجتمعة، وهي 1225 ساعة. بمعنى آخر، هناك تخمة مضاعفة في عدد المعلمين وساعات التدريس، وهذا اسلوب تعتمده العديد من الإدارات لتضخيم الموازنات.