كتبت كارولين عاكوم في صحيفة “الشرق الأوسط”:
نشط المسؤولون اللبنانيون على أكثر من خط لمواجهة التعديات الإسرائيلية، البرية منها والبحرية، وتوحيد الموقف قبل زيارة وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون التي كان قد سبقها ومهّد لها مساعده لشؤون الشرق الأوسط ديفيد ساترفيلد، في محاولة منه لمنع أي مواجهة بين بيروت وتل أبيب بسبب الخلاف على ترسيم الحدود بينهما.
وكان “الجدار الفاصل” الذي بدأت إسرائيل في تشييده الأسبوع الماضي في رأس الناقورة عند الحدود الجنوبية و”البلوك النفطي رقم 9″ الذي تدّعي امتلاكه، محور بحث الاجتماع الذي جمع أمس رؤساء الجمهورية ميشال عون والحكومة سعد الحريري ومجلس النواب نبيه بري في قصر بعبدا. وكان سبقه صباحاً في الناقورة اجتماع ثلاثي “لبناني – أممي – إسرائيلي” في حضور قائد “يونيفيل” الجنرال مايكل بيري، مندوب لبنان الجديد العميد خضر حمّود، إضافة إلى المندوب الإسرائيلي، للبحث في الموضوع نفسه.
وفي نهاية اجتماع بعبدا، قال الحريري: “سنبقى على تشاور مع رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب كي يكون موقفنا موحداً ووطنياً فيما يخص أي تعديات على لبنان”، مؤكداً: “هذا قرار اتخذناه في المجلس الأعلى للدفاع ومجلس الوزراء، واتجاهنا أن يكون موقفنا موحداً إزاء أي تعديات إسرائيلية على لبنان”.
وقالت مصادر مطّلعة على “اللقاء الرئاسي” إن “القرار اللبناني هو التمسّك بحدوده البرية والبحرية مع الانفتاح على الوساطة الأميركية التي ترتكز على الحدود البحرية (حقول النفط والغاز) بالتحديد، التي كان قد بدأها ساترفيلد ويستكملها تيلرسون”. وأوضحت لـ”الشرق الأوسط” أن “الاقتراح الأميركي هو شبيه بما يعرف بـ(خط هوف) الذي كان قدّمه السفير فريدريك هوف في عهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما ويقضي بخسارة لبنان 310 كيلومترات مربعة من أصل 860 كيلومتراً من المنطقة الاقتصادية التي تدّعي إسرائيل امتلاكها، الأمر الذي يرفضه لبنان الذي وقّع عقود تلزيم النفط، من دون أن يعني ذلك إقفال الباب على التفاوض أو على الوساطة الأميركية، وهو ما سيبلغه المسؤولون اللبنانيون إلى المسؤول الأميركي خلال زيارته إلى لبنان المتوقعة يوم الخميس المقبل، وسيبنى القرار اللبناني النهائي على ما يحمله تيلرسون”.
وكان لبنان وقّع الأسبوع الماضي عقود استكشاف الغاز والنفط في “البلوكين” 4 في الشمال و9 في الجنوب مع تحالف الشركات الأجنبية، الذي يضمّ “توتال” الفرنسية و”إيني” الإيطالية و”نوفاتك” الروسية.
أما فيما يتعلق بالجدار الفاصل، فأكدت المصادر أن “الموقف اللبناني محسوم بشأنه وغير قابل للجدل برفض التنازل عن شبر من أرضه في مواجهة التعنّت الإسرائيلي للمضي قدماً في بنائه، وهذا ما أبلغه لبنان إلى إسرائيل عبر الأمم المتحدة في اجتماع الناقورة أمس”.
وفي بيان لها، أوضحت رئاسة الجمهورية أن الرئيس عون، عرض خلال اجتماعه مع رئيسي مجلس النواب نبيه بري ومجلس الوزراء سعد الحريري، الأوضاع العامة في البلاد والتطورات التي استجدت خلال الـ48 الساعة الماضية، والتهديدات الإسرائيلية المستمرة ضد لبنان، لا سيما لجهة المضي في بناء الجدار الإسمنتي قبالة الحدود الجنوبية والادعاء بملكية الرقعة 9 من المنطقة الاقتصادية الخالصة.
وكان رئيس مجلس النواب نبيه بري قد شدّد على تمسّك لبنان بخط الهدنة لعام 1949، مؤكداً أنّ “الخط الأزرق الذي فرضه القرار 1701 ليس هو حدود لبنان الجنوبية، وما يسري حدودياً على البر ينبغي أن يسري في البحر”.
وأضاف بيان الرئاسة: “خلال الاجتماع، الذي حضر جانباً منه المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم واستدعي إليه منسق الحكومة اللبنانية لدى القوات الدولية العميد مالك شمص، تمت متابعة البحث الذي جرى في اجتماع اللجنة الثلاثية العسكرية في مقر القيادة الدولية في الناقورة، الذي تناول الموقف الإسرائيلي من الاعتراض اللبناني على إقامة الجدار الإسمنتي قبل إزالة التحفظ اللبناني على النقاط الـ13 على (الخط الأزرق) وتأكيد الحدود الدولية للبنان”.
وفي هذا الإطار، ذكرت “وكالة الأنباء المركزية” أن مندوب لبنان حمل معه إلى اجتماع الناقورة وثائق وصوراً وثّقتها عناصر من مخابرات الجيش عن بدء العمل بالجدار، إضافة إلى الخروقات الإسرائيلية التي حصلت في اليومين الأخيرين نتيجة الغارات الإسرائيلية على سوريا وشظايا الصواريخ التي أصابت بعض القرى اللبنانية.
يذكر أن “المجلس الأعلى للدفاع” كان قرّر في اجتماعه الأخير الذي ترأسه رئيس الجمهورية، الاستمرار في التحرك على مختلف المستويات الإقليمية والدولية للمحافظة على حقوق لبنان في المنطقة الاقتصادية الخالصة بمساحة تبلغ 860 كلم2، لا سيما فيما خص الرقعة رقم 9 في المياه البحرية الخاضعة للولاية القضائية اللبنانية. وأعطى توجيهاته للتصدي لهذا التعدي من قبل إسرائيل “لمنعها من بناء ما يسمى الجدار الفاصل على الأراضي اللبنانية”، معتبراً تشييده قبالة الحدود الجنوبية وضمن الأراضي اللبنانية، “اعتداء منها على لبنان سيكون بمثابة خرق واضح للقرار 1701”. كما شدّد المجلس على “رفض التصريحات والادعاءات الإسرائيلية المتعلقة بالثروة النفطية والغازية في المياه البحرية الخاضعة للولاية القضائية اللبنانية.