كتبت ربى منذر في صحيفة “الجمهورية”:
لم تمنَع برودة الأجواء في لاهاي، مقرَّ المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، من إعادة إشعال ملفّ قلبَت تداعياتُه سياسة البلد رأساً على عقب. 13 عاماً مرّت، وما زالت قضية استشهاد الرئيس رفيق الحريري ورفاقه إحدى القضايا التي تشغل المجتمع الدولي.
نظّمت لاهاي عشيّة ذكرى استشهاد الحريري ندوةً للصحافيّين كُشفت خلالها بعضُ المفاجآت التي لم تنفع سياسة التكتّم المعتمدة في لجمها.
منظَّمٌ عملُ المحكمة الدولية وسِرّي بما لا يَقبل الشكّ، والقضية عند صدور القرار الظنّي المتعلق بها ستهزّ الرأيَ العام، وهو قد يتّهم أشخاصاً ينتمون إلى فريق سياسي معروف.
وفي سياق تغطيةِ الإجراءات القضائية الدولية، اعتبَرت رئيسة المحكمة الدولية الخاصة بلبنان القاضية إيفانا هيردلشكوفا «أنّ نقلَ النزاهةِ والشفافية أمران أساسيّان، وعلينا فهمُ بعضِنا البعض لكي تتمكّنوا من نقلِ عملِنا بكلّ سهولة، فأنتم تضطلعون بدوركم كجسر تواصُل بين عمل المحكمة والناس.
وما يُميّز محكمتَنا أنّها تنقل أعمالها باللغات الثلاث؛ الإنكليزية والعربية والفرنسية، وهي المحكمة الوحيدة والأولى التي تنظر في موضوع الإرهاب في وقتِ السلم. وتطبّق مزيجاً بين القانونَين العام والمدني، آخذةً أفضلَ ما توصّلت إليه المحاكم الجنائية الدولية، وهي المحكمة الثانية عبر التاريخ بعد محكمة نورمبرغ التي تُحاكم المتّهمين غيابياً، فإعلان وفاةِ المتّهم بدر الدين في أيار 2016 لا يؤثّر على عمل المحكمة، وغياب المتّهمين الآخرين أيضاً لا يؤثّر على سير عملها».
ثمّ تحدّثَ رئيس قلم المحكمة داريل مونديس، فأشار «إلى الدور الأساسي الذي يقوم به الصحافيون في نقلِ حقيقة عملِ وإجراءات المحكمة الدولية الخاصة بلبنان»، وقال: «نحن كعاملين في هذه المحكمة، نُقدّر عالياً نشاطكم، وكما أنتم متشوّقون لمعرفة أكبرِ قدرٍ مِن المعلومات حول سير التحقيقات، نحن نحاول أن نقدّم لكم أيَّ معلومات تفيد الرأيَ العام عن عملنا، ولا تؤثّر سلباً على سير عملها، لأنّ هناك أموراً يجب أن تبقى سرّية من أجل حسنِ سير العدالة».
وفي الختام، كانت حلقة نقاش عن التحدّيات التي تواجه وسائلَ الإعلام في تغطية الإجراءات القضائية الدولية.
أمّا الجلسة الثانية، فقد تخَلّلها الكثير من المقارنات بين مجرَيات عمل المحكمة الجنائية الدولية في موضوع يوغوسلافيا وبين ما يجري في سوريا، وعن أوجهِ التشابه بين الظرفين رغم اختلاف بعض المعطيات. وأكّد المحاضِرون أنّ الجرائم التي تجري في سوريا لا تحتاج إلى أدلّة، فقد شكّلت الأمم المتّحدة لجنة متخصّصة رَفعت تقارير عدة، وبالتالي فإنّ المشكلة الأساسيّة تكمن في حقيقة أنّ سوريا ليست عضواً في معاهدة روما، وبالتالي لا صلاحية للمحكمة الجنائية بالتحرّك، وتحتاج المحكمة قراراً من مجلس الأمن للتدخّل، وهو ما يعوقه غيابُ التوافق السياسي حيث أسقطت روسيا والصين أكثرَ مِن مشروع قرار في الفيتو.
وكشَفت المحكمة أنّ الأدلّة ضد الرئيس السوري بشّار الأسد موجودة وفي جعبة لجنة التحقيق المكلّفة، لكنّ المشكلة هي في غياب التوافق السياسي على صعيد مجلس الأمن حول إصدار محكمة خاصة بسوريا.