كتبت صحيفة “الراي” الكويتية: ارتسمتْ مع المشهدية التي رافقتْ إحياء الذكرى 13 لاغتيال رئيس الحكومة رفيق الحريري أمس في «البيال» والكلمة التي ألقاها نجله رئيس الوزراء سعد الحريري «خريطة طريق» تيار «المستقبل» بإزاء المرحلة المقبلة على المستوى السياسي، الداخلي والخارجي، وفي ملاقاة استحقاق الانتخابات النيابية المقرَّرة في 6 ايار المقبل والتي تشكل اختباراً مفصلياً في الحياة السياسية اللبنانية.
وحملتْ الذكرى التي تم إحياؤها تحت شعار «للمستقبل عنوان.. حماية لبنان»، وتخللتها محطات فنية من وحي المناسبة، أبعاداً بالغة الأهمية بعد التطورات البارزة التي شهدتْها الأشهر الماضية ولا سيما استقالة الحريري من الرياض وثم العودة عنها في بيروت وما رافق ذلك من التباساتٍ وتداعيات على صعيد علاقة رئيس الوزراء بحلفائه وأبرزهم حزب «القوات اللبنانية»، وصولاً إلى التفاهم الحكومي على «ملحق» للتسوية السياسية التي كانت أنهتْ الفراغ الرئاسي وارتكز على «النأي بالنفس» عن أزمات المنطقة والتدخّل في شؤون الدول العربية في محاولة لاحتواء «الغضبة» الخليجية من الأدوار العسكرية والأمنية لـ «حزب الله» في أكثر من ساحة.
وبدا واضحاً ان الذكرى 13 لاغتيال الحريري أعطت ما يشبه صفارة الانطلاق الأخضر لـ «التحمية الشعبية» التي يحتاج إليها زعيم «تيار المستقبل» على أبواب الانتخابات النيابية، وهو ما تجلى في حجم الحشد الشعبي الذي تقاطر إلى «البيال» في ما بدا «عرْض قوة» شعبياً، فيما كانت الأنظار تتوقف عند مفارقات ذات دلالات أبرزها حضور السفير السعودي في بيروت وليد اليعقوب، في تأكيد ضمني على متانة علاقة الرياض بالحريري، في حين غاب رئيس حزب «القوات» الدكتور سمير جعجع رغم حضور وفد موسع مثّله.
وقال الحريري في كلمته التي شكّلت «الدليل السياسي» لتياره الى الانتخابات المقبلة والتي استهلّها بتحية الى القدس «من روح الرئيس الشهيد وكل الذين يجتمعون على تكريم شهداء الحرية والاستقلال… شهداء 14 آذار»: «سيكتب التاريخ، أنكم جيش الاعتدال الذي حمى لبنان من السقوط في مستنقع الفتن والتطرف، وأن حماية الوطن عندكم، أنبل من أي مشاركة في حروب الآخرين»، مضيفاً: «أنا سعد رفيق الحريري، أرفض رفضاً قاطعاً، قيادة هذا الجمهور الوفي النبيل الى الهاوية، أو الى أي صراع أهلي… وأنني لن أبيع الأشقاء العرب، بضاعةً سياسيةً لبنانيةً مغشوشة، ومواقف للاستهلاك في السوق الإعلامي والطائفي. نحن لسنا تجار مواقف وشعارات… ولن أسلِّمَ بخروج لبنان عن محيطه العربي، ولا بدخوله في محرقة الحروب العربية».
وإذ أكد «أن قرار النأي بالنفس هو عنوان أساس من عناوين التحدي وتثبيت لبنان في موقعه الطبيعي، دولةً تقيم أفضل العلاقات مع الدول العربية وترفض أي إساءة لها»، قال: «القرار لم يُتخذ ليكون حبراً على ورق، من يوّقع على قرارٍ تتخذه الدولة، عليه احترام هذا القرار». وانتقد أصدقاء «ضلّوا سبيل الصداقة الى دروب البحث عن أدوارٍ في الداخل والخارج، وتسطير المواقف والتقارير ضد سعد الحريري وتيار المستقبل. وهؤلاء يعلمون جيداً إن المواجهة السياسية الانتخابية الحقيقية، هي بين المستقبل وحزب الله، ويعلمون أيضاً إن كل ما يقومون به، لن يمكّنهم من الحصول على ذرة واحدة من رصيد حزب الله وحلفائه بالانتخابات. لكنهم يراهنون على أن يتصيدوا فتات الموائد في تيار المستقبل، ليجعلوا من هذا الفتات وجبة انتخابية يستفيد منها مرشحو الحزب وحلفاؤه».
واعلن «ان تيار المستقبل، غير قابل للكسر، وهو ركنٌ أساس من أركان الصيغة اللبنانية والتوازن الوطني، ويستحيل أن يشكل جسراً تعبر فوقه أوهام الإطاحة بالصيغة واتفاق الطائف وعروبة لبنان».
وتطرق الى الانتخابات المقبلة وعناوين البرنامج الانتخابي لـ «المستقبل»، فقال: «نستعد لخوض الانتخابات في كل لبنان. وخلال أيام سنعلن أسماء المرشحين. وبرنامجنا هو إعادة الاعتبار لزمن رفيق الحريري، محرَّرين من ضغوط الوصاية ومن المتسلقين على أكتاف الدولة والقانون»، محدداً «ثوابت لا يمكن للبلد ان يستقر ويتقدم من دونها، ولا يمكن أن نتخلى عنها وهي: اتفاق الطائف ومقتضيات الوفاق الوطني خط أحمر، التزام الحوار بمقاربة الخلافات السياسية، حماية لبنان من ارتدادات الحروب في المنطقة، رفض التدخل في شؤون البلدان العربية، اعتبار الأحكام التي ستصدرعن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان ملزمة للسلطات اللبنانية بملاحقة المتهَمين وتوقيفهم، تأكيد حصرية السلاح بيد الدولة ومؤسساتها الشرعية، تفعيل قدرات الجيش والقوى الأمنية لتمكينها من بسط السلطة والدفاع عن السيادة ومكافحة الإرهاب، التزام القرارات الدولية الخاصة بلبنان لاسيما 1701 وتأكيد موجبات التضامن الوطني لمواجهة الأطماع الإسرائيلية بمياهنا الإقليمية، إنهاء ملف عودة النازحين السوريين إلى بلادهم ورفض كل أشكال التوطين».
وإذ لم يحسم تحالفات «المستقبل»، قال: «نعم، نحن ليس لدينا مال للانتخابات! هل هذا جيد؟ ونحن تيارٌ يرفض أي تحالف مع حزب الله. جيد؟ وسننزل إلى الانتخابات بلوائح للمستقبل وبمرشحين من كل الطوائف».