كتب وجدي العريضي في صحيفة “الشرق الأوسط”:
تراوح الاتصالات بين رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط والأحزاب المسيحية اللبنانية، مكانها وسط أخذ ورد ولقاءات ومشاورات لم تسفر حتى الساعة عن أي تقدم لحسم خيار التحالف الانتخابي في دائرة الشوف – عاليه في جبل لبنان، بينما توصل جنبلاط مع رئيس الحكومة سعد الحريري إلى اتفاق انتخابي في المناطق التي يرشح فيها الطرفان مرشحين عنهم.
وقال وزير بارز في اللقاء الديمقراطي لـ«الشرق الأوسط» إن الاتصالات بين جنبلاط و«التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» وحزب «الكتائب»، تدور في حلقة مفرغة دون حصول أي حسم لخيار التحالف الانتخابي، لا سيما في دائرة الشوف – عاليه، حيث التنوّع السياسي والطائفي. ويسعى جنبلاط لبلورة ائتلاف انتخابي تشارك فيه سائر المكونات السياسية مما يريح الجبل ويرسي التوافق، ويحصّن مصالحة الجبل، خصوصاً أن رئيس اللقاء الديمقراطي لديه مخاوف وقلق حيال ما يجري في المنطقة، وتحديداً بعد التصعيد الإسرائيلي الأخير، بينما يركز جنبلاط على الاستقرار الأمني والاقتصادي.
في هذا الوقت، تحدثت مصادر عن أن لقاء جنبلاط الأخير مع رئيس الحكومة سعد الحريري كان إيجابياً وحسم خيار التحالف الانتخابي بينهما، إضافة إلى زيارته لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون حيث «كانت ممتازة». ويُنقل عن رئيس اللقاء الديمقراطي ارتياحه لتناغم وتجانس العلاقات بين الرؤساء الثلاثة.
وفي سياق متصل، علمت «الشرق الأوسط» أن اللقاء الذي جمع تيمور جنبلاط برئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل في بكفيا جاء «في إطار الصداقة العائلية التي تربط جنبلاط بالجميل مع كوكبة من الأصدقاء المشتركين». وتحدثت المعلومات عن أن اللقاء كان عائلياً وجرى خلاله عرض للأوضاع العامة، وتحديداً الانتخابات، ولكن حتى الآن ليس في الأفق أي تحالف انتخابي بين الطرفين. وتستند المصادر في ذلك إلى أنه «لم يحصل أي اجتماع بين النائب جنبلاط ورئيس (الكتائب) ووالده الرئيس أمين الجميل، حيث التركيز الجنبلاطي يصب باتجاه معراب لحسم الخيارات الانتخابية بين الفريقين مع إصرار جنبلاط على عدم تجاهل أي طرف ومكوّن مسيحي».
ولا تزال دائرة الشوف تخضع لأخذ وردّ في ظل رفض «القوات اللبنانية» لترشيح المحامي ناجي البستاني من قبل النائب جنبلاط، في حين يريد «التيار الوطني الحر» الذي يترأسه وزير الخارجية جبران باسيل «حصة متوازنة» في عاليه والشوف. ورشحت معلومات عن ترشح الدكتور فريد البستاني عن المقعد الماروني، وهو قريب من كل الأطراف ويتواصل مع الجميع، ما يعني أن الأمور في هذه الدائرة ما زال يكتنفها الكثير من الغموض، قبل أن تتضح الصورة خلال وقت قريب جداً، إما توافقاً أو ظهور أكثر من لائحة في الدائرة المذكورة.
أما على خط الاتصالات بين المختارة (مقر إقامة جنبلاط) ومعراب، مقر إقامة رئيس «القوات اللبنانية» سمير جعجع، فإن المؤشرات تنحو باتجاه لقاء جديد بين موفدي رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط النائبين نعمة طعمة وأكرم شهيب مع الدكتور سمير جعجع لحسم الأمور انتخابياً، مع الإشارة إلى أن «القوات اللبنانية» رشحت في عاليه المهندس أنيس نصار صديق جعجع والنائب جنبلاط، وبالتالي بات التحالف الانتخابي غير مستبعد بين الفريقين.
وقال عضو اللقاء الديمقراطي النائب نعمة طعمة لـ«الشرق الأوسط»، إن الأبواب لم توصد بوجه أي طرف سياسي، مشيراً إلى أن «حرص النائب جنبلاط على التواصل مع جميع المكونات السياسية في الجبل مستمر وثمة مشاورات يومية تتم مع كل القوى السياسية والحزبية، لأن الغاية المنشودة التي يصر عليها هي التوافق السياسي لإراحة الناس»، مشدداً على أن «مصالحة الجبل من الأولويات بالنسبة إلينا، ولا سيما في هذه المرحلة المفصلية التي يجتازها لبنان والمنطقة». وأكد أن هذا الاستحقاق ديمقراطي ودستوري، ويجب أن نتعاطى معه من هذه المنطلقات بعيداً عن أي توترات سياسية وأمنية، أو أي إشكالات معينة ترتدّ سلباً على الناس الذين هم بغنى عن هذه الأمور في ظل ظروف اقتصادية صعبة.
وأكد طعمة أن زيارة معراب واردة في أي توقيت، والأمر عينه لأي لقاءات أخرى مع أي طرف أو مكون سياسي «لأن توجهاتنا تكمن في عدم استبعاد أي جهة كانت»، مشدداً على «أننا من الأساس لا نسعى إلى إلغاء أحد، بل هاجسنا الحفاظ على هذا التنوّع السياسي في الجبل والتعايش بين كافة أطياف هذه المنطقة، وصولاً إلى اعتبار مصالحة الجبل خطاً أحمر لا رجوع عنها أياً كانت التوجهات السياسية والانتخابية لهذه الجهة أو تلك».