IMLebanon

مذكّرة تربوية إلى الرؤساء والوزراء اليوم… تَجمُّع للمتقاعدين الجمعة

كتبت ناتالي اقليموس في صحيفة “الجمهورية”:

تشهد معالجة الملف التربوي نومَ أهلِ الكهف، وكأنّ المناشدات، الإضرابات، الاعتصامات، اللقاءات، الاستقبالات… التي قام بها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، والبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، ووزير التربية والتعليم العالي مروان حمادة، ونقابة المعلّمين، واتّحادات لجان الأهل، واتّحاد المؤسسات التربوية الخاصة، «راحت ضيعان». إذ لم تُعيَّن جلسة حكوميّة تربوية حتى اليوم، ولم يُحَلّ الخلاف على الدرجات الست، ولم تُفكّ أزمة صرفِ التعويضات للمتقاعدين، ولم يُحدّد سقفُ الزيادات للأقساط. حيال التصدّع التربوي، علمت «الجمهورية» أنّه قبل نهاية الأسبوع الجاري ستُسجَّل خطوتان تحذيريّتان، الأولى على مستوى اتّحاد المؤسسات التربوية الخاصة، والثانية على مستوى الأساتذة المتقاعدين.

علمت «الجمهورية» أنّ اتّحاد المؤسّسات التربوية الخاصة أعدَّ مذكّرةً مفصّلة، تتضمَّن توضيحَ موقف وجملة مطالب لأصحاب المدارس الخاصة التي يضمُّها الاتّحاد، مِن ضِمنها عقدُ جلسة حكوميّة تربوية، وسيبدأ بتوزيعها الاتحاد بدءاً من اليوم على رئاسة الجمهورية ورئيسَي مجلس النواب والحكومة، كذلك على الوزراء فرداً فرداً.

وفي هذا السياق، يقول مصدر مسؤول لـ«الجمهورية»: «المذكّرة هي رسالة موجّهة لحضِّ المعنيّين على تحمّلِ مسؤولياتهم قبل فواتِ الأوان، ومناشدتِهم لإيلاء القضية التربوية أهمّية، ضِمن العدالة وضِمن تأمينِ الحقوق لكلّ المكوّنات التربوية، وفي الرسالة أيضاً مناشدةٌ للدولة لكي تتحمّلَ الأعباء التي فرَضتها». ويضيف المصدر: «الرسالة واضحة، طويلةٌ بعض الشيء، مرفَقة بملفٍّ يُفنّد ثغرات القانون 46 وعجزَ المؤسساتِ على تحمّلِ الأعباء».

عقدة المتقاعدين.. «عيب عليكم»

بعد 34 عاماً من التعليم، تُمضي رهف بقيّة عمرِها طريحة الفراش تُصارع المرض. هي واحدة من الأساتذة الذين لسوء حظّهم أُقِرّت السلسلة على عتبة تقاعُدِهم ونشوبِ الكباش حول الدرجات الستّ وطريقة صرفِ التعويضات.

 

وتروي رهف لـ«الجمهورية»: «قصدتُ صندوق التعويضات بعدما أنهَيتُ سنين خدمتي، وأعطوني وصلاً طالبين منّي مراجعتَهم بعد 3 أشهر، في هذه المدة بدأ يتفشّى في جسمي تدريجاً مرضٌ عضال، وبعد مدة اتّصلتُ بالمعنيّين في الصندوق مستفسرةً عن معاشي التقاعدي، فقالوا لي «ما إلِك شي بعد».

تُتابع والغصّة تخنق صوتَها: «أشهُر بكاملِها انقضَت ولم أنَل رُبع حقوقي، كمَن رَمته الدولة على الطريق». وتضيف: «مِن المفترض أن تُحسَب لنا الدرجات السِت، إلّا أنّ أصحاب المؤسّسات يتمنّعون عن الاعتراف بها لنا كمتقاعدين لأنّ ذلك يَعني إلتزامَهم منحَها للمعلّمين»… و»الله عيب عليُن نِتعامل هيك!».

أكثر من 600 متقاعد

حالُ رهف كغيرها من مئات المعلمين المتقاعدين الذين ينتظرون حلَّ الكباش التربوي الحاصل ليَهنَأوا بحقوقهم بعدما أفنوا عمرَهم في التعليم. في هذا الإطار علمَت «الجمهورية»، أنّ نقابة المعلّمين تتّصل بالمتقاعدين فرداً فرداً، وتحديداً المتضرّرين الذين انتهت سنين خدمتهم بعد إقرار سلسلة الرتب والرواتب ولم يحصلوا على «ولا ليرة» منذ 21 آب الماضي، نتيجة شدِّ الحبال الحاصل بين أصحاب المؤسّسات والأساتذة والقائمين على صندوق التعويضات. أمّا الغاية من هذه الاتصالات، فهي دعوتُهم إلى عقدِ اجتماع في «الأونسكو» بعد ظهرِ يوم الجمعة المقبل، ومناقشة قضية صندوق التعويضات، بعدما طفحَ كيلُ الأساتذة من المرارة والحِرمان والمعاناة التي تعتصرهم.

في هذا السياق، يوضح مصدرٌ نقابي لـ«الجمهورية»: «يتخطّى عددُ الأساتذة الذين ينتظرون أن تُحَلّ عقدة الدرجات الـ 600 أستاذ، وسنُحاول التوصّلَ إلى نتيجة من خلال إعادةِ مناقشة حلٍّ كان مرفوضاً، وهو أن نقوم بربطِ نزاع لناحية الدرجات السِت، نتّفق على مهلة محدّدة لتطبيقها».

ويُضيف: «يَمنح القانون صندوق التعويضات مهلة 3 أشهر لصرفِ التعويضات للمتقاعدين، ولكنْ مضى 7 أشهر ولم يحصل أيّ أستاذ على أيّ جواب ولا أيّ تعويض، فلا بدّ من أن نشتكي على المعنيين، الذين لم يُطبّقوا أيضاً القانون 46».

ولا يُخفي المصدر تخوُّفَ الأساتذة من قضمِ حقوقهم: «في حال رضيَ المتقاعدون مكرَهين أخذَ تعويضِهم ريثما يتمّ حلُّ الخلاف على الدرجات السِت، يتخوّفون من أن تتجاهلَ الدولة لاحقاً ما تبَقّى لهم من حقوق، لذا تحتاج المسألة إلى اتّفاق مكتوب بين الأساتذة ومجلس إدارة الصندوق وممثلي المؤسسات التربوية لحفظ الاعتراف بحقوق المتقاعدين».

9 آذار… لن يحتفلَ المعلّمون

ويلفتُ المصدر إلى «أنّ الاحتفالات التكريمية ستَغيب في عيد المعلّم هذه السنة، وفقَ ما جرت العادة»، قائلاً: «الأجواء غير مشجِّعة وكأنّنا في حدادٍ على حقوق المعلمين، للأسف لا أجواء احتفالية في الافق لأنّ المتقاعدين لم يحصلوا على حقوقهم بعد، ولم يتقاضوا، فلن نحتفل». ويضيف: «المؤسف أنّ الجلسة التربوية لم تُحدّد بعد، حتى إنّنا غيرُ متفائلين بنتيجتها إذا انعقدت، لأنّ ما سيُطرح داخلها مرفوض تحديداً لجهة تعديل القانون».

وفي ما خصَّ اقترابُ انقضاء مهلة تقديم المدارس موازناتها إلى وزارة التربية بعدما تمّ تمديد المهلة حتى نهاية شباط، يوضح المصدر: «نُمارس ما يكفي من ضغط على الإدارات، ونتابع المسألة مع الوزارة لكي لا يتمّ تمييعُ الموضوع، وأن تُقبَل الموازنات في أيّ شكل»، مشيراً إلى «أنّ التعليمات هي نفسُها للأساتذة ألّا يوقّعوا أيَّ بيان لا يتضمّن الدرجات الست».

وفي سياق متّصل، علمت «الجمهورية»، أنّ لجانَ الأساتذة والروابط التعليميّة في الخاص والمهني والتقني بدأوا في إعداد الدعوات لجميع الأساتذة، بمن فيهم المتعاقدون والمتقاعدين والمدراء في المدارس والمعاهد للاعتصام في يوم عيد المعلم دفاعاً عن حقوقهم.

… والصندوق يوضح

في المقابل، يُوضح مصدرٌ في صندوق التعويضات لـ«الجمهورية»: «الصندوق ملتزم تقديمَ التعويض وفقَ ما كان يُعطى سابقاً قبل 21 آب، بشكل طبيعي وعادي، ويتمّ التوقيع على الشيكات كافة. ولكن من يستحقّون التعويض بموجب السلسلة، فإنّ تعويضاتهم لم تُصرَف بعد لتعذّرِ احتساب الدرجات الست.

ومنذ البداية اقترح ممثلو المؤسسات بأن يكون هناك ربطُ نزاع حول الدرجات الست، فيتمّ العملُ وفق الجدول 17، ولكنّ المشكلة أنّ ممثّلي نقابة المعلمين رفضوا الموضوع، على اعتبار أنّهم يريدون الحقوق كاملة».

ويؤكّد المصدر: «نحن مع البدء بتطبيق جدول رقم 17 إلى أن يُبَتَّ الخلاف حول الدرجات الست»، منتقِداً «مقاطعة ممثلي نقابة المعلمين اجتماعات الصندوق لفترة، وتعذّر التوصّل إلى حلٍّ معهم لاحقاً». ويضيف المصدر: «فلتتحمَّل نقابة المعلمين مسؤولية رفضِها، ونحن نأبى استغلالَ أيِّ قضيةٍ إنسانية لإلزامِنا دفعَ ما تعجَزُ المدارسُ والأهالي عن تسديده».