كتبت ميسم رزق في صحيفة “الأخبار”:
تُمثّل الانتخابات النيابية القادمة تحدّياً كبيراً بالنسبة إلى تيار «المُستقبل»، في ظلّ تساؤلات جمّة حول حجم الكتلة التي سيُعاود الدخول من خلالها الى برلمان 2018.
قبلَ أزمة استقالتِه من الرياض، قيلَ الكثير عن نيّات مُخبّأة عندَ الرئيس سعد الحريري لتطيير هذا الاستحقاق أو تأجيله، نظراً إلى تراجُع مستوى الحضور الشعبي للتيار، قياساً بنتائج الانتخابات البلدية التي أُجريت في أيار 2016. وحينَ تم التوصّل إلى قانون انتخابي يعتمِد القاعدة النسبية، تبيّن بالأرقام والإحصاءات أن أكبر الخاسرين في هذا القانون هو «المُستقبل»، وأن خسارته لن تقلّ عن 12 نائباً.
دفعَ هذا الواقع بالتيار للبحث عن تحالفات تحدّ من خسارته المحتملة، قبل أن تأتي لحظة 4 تشرين الثاني من الرياض وتقلُب كل حسابات «المُستقبل» السياسية، التي ستنسحِب على المعركة الانتخابية. فقد أعاد التعاطف الشعبي مع الحريري بعضاً من الثقة بقدرتِه على خوض الانتخابات من مُنطلق قوّة. وبعد أن كانت القوى السياسية تنتظِر منه قراراً حاسماً بشأن التحالفات التي كان يدرسها بعناية وفقاً لحسابات الربح والخاسرة، خرج في 14 شباط الماضي خلال إحياء الذكرى الـ13 لاغتيال الرئيس رفيق الحريري مُعلناً «خوض الانتخابات بلوائح مُستقبلية ومرشّحين مُستقبليين عابرين للطوائف». هل قصدَ الحريري ما أعلنه، خصوصاً أن قيادياً مستقبلياً جزم بأن التيار يُمكنه الفوز بحوالى 25 نائباً في حال خاض الانتخابات وحيداً؟
حتى الآن، لا يبدو أن خيار التخلّي عن التحالفات وخوض الانتخابات بلوائح وشخصيات مستقبلية قد حُسم، لكنه يتقدّم على باقي الخيارات. ووِفق القيادي نفسه، أجرى التيار استطلاعات رأي شملت كل الدوائر، بيّنت أن «المُستقبل» وحده باستطاعته تأمين الحاصل الانتخابي في كل الدوائر التي توجد فيها كتلة سنية، باستثناء دائرة الجنوب الثالثة (حاصبيا ومرجعيون والنبطية وبنت جبيل). أعطَت هذه الحِسبة الانتخابية جُرعة اطمئنان للتيار، كونه لم يعُد بحاجة إلى رافعة سياسية من الأحزاب والتيارات الأخرى، وأصبح جواب المعنيين فيه عن قرار المُستقبل بشأن الانتخابات مُختصراً بعبارة «سندرُس كل السيناريوات، وعلى ضوئها سنحسم موضوع الترشيحات، والتحالفات إن وجُدت»! إذ بات لدى المُستقبليين اقناع بأن «التحالفات على القطعة ليست ربّيحة، لا في الانتخابات لأنها ستسحَب من رصيد المُستقبل النيابي، ولا في السياسة كونها تضرب مصداقية خطاب التيار».
في كُل الأحوال، لم يعُد مُمكناً التعاطي مع ما أعلنه الحريري في 14 شباط على أنه مجردّ شدّ عصب في مهرجان شعبي حاشِد، خصوصاً أن كلام أوساط المُستقبل تقاطع مع معلومات أخرى أفادت بأن الحريري أكد للنائب وليد جنبلاط أنه «سيخوض الانتخابات وحده من دون التحالف مع التيار الحرّ والقوات». وأن الحريري «عرضَ على جنبلاط التحالف في بعض المناطق المشتركة كبيروت الثانية والشوف ــ عاليه، لأن في ذلك مصلحة للطرفين». وبحسب المعلومات «تفاجأ جنبلاط خلال لقائِه رئيس الجمهورية ميشال عون بأن الأخير مطّلع على تفاصيل خيار الحريري الجديد، الذي أبدى جنبلاط تحفّظاً عليه».
انطلاقاً ممّا سبق، فإن علامات الاستفهام تحيط بالاجتماعات التي ضمّت الحريري ومدير مكتبه نادر الحريري مع أطراف مُحتمل التحالف معها، وكان آخرها منذ يومين مع جبران باسيل. لكن الإيجابيات الكثيرة التي يُمكن أن يُحقّقها الحريري من خلال عدم التحالف مع أحد، ويُمكن توظيفها بما يخدم مصلحته، سواء في الداخل أو الخارج، تعزّز أسهم هذا الخيار. والسؤال عن هذه الإيجابيات تختصِره مصادر مستقبلية وفق الآتي:
ــ أولاً، الاحتفاظ بالشعبية التي قفزت إلى أعلى المستويات في الآونة الأخيرة، لا سيما أن التيار الوطني الحرّ لم يكُن يوماً مقبولاً في بيئة تيار المستقبل، إذ لا تتوانى هذه البيئة عن اتهام التيار الحر بأنه يسعى لقضم حصّة المُستقبليين في الدولة.
ــ ثانياً، يستطيع إرضاء القوى الإقليمية، وتحديداً السعودية، بالقول إنه لم يتحالف لا مع حلفائِه القدماء، ولا مع العونيين حلفاء حزب الله.
ــ ثالثاً، سيوفّر هذا الخيار على الحريري الإحراج، لجهة توزيع الأصوات المُستقبلية في الدوائر التي يوجد فيها «حلفاء» له، كزغرتا مثلاً. وبالتالي، فإن عدم التزامه مع أي طرف، من شأنه أن يقفل الباب أمام أي اشتباك سياسي، إن كان مع المردة أو التيار أو القوات.
ــ رابعاً، يظهر هذا الخيار، وبالأرقام، أن تيار المُستقبل، ومن دون منّة من أحد، قادر على حصد ما بين 23 و25 نائباً في مختلف الدوائر، فيما لن يستطيع الفوز بأكثر من 18 نائباً لو قرّر التحالف مع التيار الحر أو القوات مثلاً.
توزيع مقاعد المستقبل… افتراضيا
تظهر استطلاعات رأي أجراها عدد من الخبراء الانتخابيين أن بمقدور سعد الحريري، في حال قرر خوض الانتخابات بلوائح للمستقبل فقط، أن يحصُد ما بين 22 مقعداً نيابياً كحدّ أدنى و25 نائباً كحدّ أقصى، موزّعين على الشكل الآتي:
بيروت الأولى: مقعد واحد
بيروت الثانية: ما بين 5 و6 مقاعد
الجنوب الأولى (صيدا ــ جزين): مقعدان
الجنوب الثالثة (النبطية وبنت جبيل ومرجعيون وحاصبيا): احتمال الحصول على مقعد واحد
جبل لبنان الرابعة (الشوف وعاليه): مقعدان
البقاع الأولى (زحلة): مقعدان
البقاع الثانية (البقاع الغربي – راشيا): مقعدان
البقاع الثالثة (بعلبك -الهرمل): مقعد
الشمال الأولى (عكار): 3 مقاعد
الشمال الثانية (طرابلس – المنية – الضنية): من 3 الى 4 مقاعد
الشمال الثالثة (البترون وبشري وزغرتا والكورة): مقعد