كتب منشارلي سافدج في الـ”نيويورك تايمز”:
قرّرت إدارة ترامب أنّها لن تحتاج إلى صلاحية قانونية جديدة من الكونغرس، حتى تسمح ببقاء القوات الأميركية المسلّحة المنتشرة في سوريا والعراق إلى أجل غير مسمّى، حتى في الأراضي التي تمّ تطهيرُها من مقاتلي الدّولة الإسلامية، وذلك بحسب مسؤولين في البنتاغون ووزارة الخارجية الأميركية.
وأوضح المسؤولون، في رسالتين، مخطّط إدارة ترامب الذي ينصّ على إجراء عملية عسكرية مفتوحة في سوريا تتخطّى المعركة مع الدولة الإسلامية. وألمح وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون إلى المخطّط في خطاب ألقاه الشهر الماضي، قال فيه إنّ «القوات ستبقى في سوريا لكبح إيران ومنع الحكومة السورية من استعادة السيطرة على المناطق التي يسيطر عليها المتمرّدون».
وعلى رغم أنّ تيلرسون ذكر أيضاً الحاجة إلى تنظيف بقايا تنظيم الدولة الإسلامية ومنع بروز فراغ يسمح بإعادة ظهور التنظيم، فإنّ مسؤولين إداريين آخرين يشدّدون على التركيز أكثر على المتطرّفين. وقالوا في الرسالتين إنّ التهديد المحتمل والمستمر من الدولة الإسلامية كان يشكّل تبريراً قانونيّاً لإدارة ترامب من أجل إبقاء القوات الأميركية منتشرة في سوريا لأجَل غير مسمّى.
وكتب نائب وكيل وزارة الدفاع للشؤون السياسية، ديفيد تراكتنبرغ: «تماماً مثلما سحبنا سابقاً القوات الاميركية قبل الأوان، فإنّ التنظيم سيحاول استغلالَ أيّ تخفيف في الضغط من أجل إعادة إنشاء القدرات وإعادة فرض السيطرة المحلّية».
تنتشر حوالى 2000 وحدة عسكرية أميركية في سوريا، حيث تمّ تحرير تقريباً كلّ الأراضي التي كانت تسيطر عليها الدولة الإسلامية. واعتبر تيلرسون أنّ التنظيم قد هُزم «إلى حدٍّ كبير، ولكنّه لم يُهزم بالكامل»، وحذّر من أنّ المتمردين ما زالوا يشكّلون تهديداً.
وكتب تراكتنبرغ الرسالة إلى السيناتور تيم كين، الذي طلب من إدارة ترامب شرح فهمها لصلاحيّتها في البقاء في سوريا. وأرسلت له وزارة الخارجية رسالة مماثلة تقول فيها أيضاً إنّ القانون الدولي يقدّم أسساً لبقاء القوات الأميركية في سوريا – على رغم عدم موافقة الحكومة السورية – بهدف حماية العراق والولايات المتّحدة من الإرهابيين.
وجاء في الرسالتين أنّه يمكن للقوات الأميركية أن تضرب النظام السوري أو القوات الإيرانية التي تُعتبر تهديداً للأميركيين أو الجماعات المتمرّدة السورية التي تساعد الولايات المتحدة في محاربة تنظيم داعش.
وكتبت مساعدة وزير الخارجية للشؤون التشريعية، ماري ووترز: «لا تسعى الولايات المتحدة إلى محاربة الحكومة السورية أو الإيرانية أو الجماعات المدعومة من إيران فى العراق أو سوريا»، مضيفة: «بيد أنّ الولايات المتّحدة لن تتردّد في اللجوء إلى القوة الضرورية والمناسبة للدفاع عن الولايات المتحدة أو قوات الإئتلاف أو القوات الشريكة المعنيّة في العمليات للقضاء على داعش وإضعاف تنظيم القاعدة».
وكانت القوات الأميركية قد شنّت ضربات ضدّ القوات الموالية للرئيس السوري بشار الأسد مرّات عدّة عام 2017 بحجّة الدّفاع عن الجماعات المتمرّدة المدعومة من الولايات المتحدة.
وقال تيم كين في بيان إنّ السلطة التنفيذية تطاولت كثيراً في تفسيرها لصلاحيّتها الحربية. ودعا إدارة ترامب إلى الحصول على تفويض جديد لأيّة مهمة مستمرّة وطويلة الأمد في سوريا والعراق – وخصوصاً لـ«ضرب القوات الموالية للأسد في مناطق خالية من داعش لحماية شركائنا السوريين الذين يسعون إلى إطاحة الأسد».
كما انتقد الأسس التي اعتمدتها الإدارة من أجل أن تأمرَ بشنّ ضربات على قاعدة جوّية تابعة للنظام السوري في نيسان الماضي لمعاقبته على استخدام الأسلحة الكيماوية. في ذلك الوقت، ادّعى الرئيس دونالد ترامب أنّ له سلطة رئيس الأركان لإصدار أمر شنّ الضربات بدلاً من أن يستند إلى أيّ نظرية مبنية على تفويض من الكونغرس.
واتّهم السناتور ترامب بـ«التّصرف كملك من خلال بدء حرب بمفرده».
وقد طرحت إدارة أوباما للمرّة الأولى عام 2014 نظرية السلطة التنفيذية القانونية الأساسية التي سمح بموجبها الكونغرس محاربة تنظيم الدولة الإسلامية في كلّ من العراق وسوريا، وذلك عندما انسحبت الدولة الإسلامية من سوريا وبدأت تغزو أجزاء من العراق بسرعة. وبدأت الولايات المتّحدة قصف قوات الدولة الإسلامية لكبح تقدّمها.
وفي ظلّ إدارتي كلّ من أوباما وترامب، اعتبرت السلطة التنفيذية أنّ الحرب ضدّ الدولة الإسلامية مغطاة بموجب قانون صادر عام 2001 يسمح باستخدام القوة العسكرية ضد ّمرتكبي هجمات 11 أيلول وقانون صادر عام 2002 يسمح بغزو العراق.
وهذه النظرية هي موضع نزاع. وبعدما انبثق تنظيم الدولة الإسلامية من فرع من فروع تنظيم القاعدة، انفصلت المجموعتان بحلول عام 2014 وأصبحتا خصمين متحاربين. وقبل ظهور تنظيم الدولة الإسلامية، كانت إدارة أوباما قد اعتبرت أنّ الحرب في العراق انتهت، وسحبت القوات الأميركية من هناك بأعداد كبيرة.