كتبت سابين الحاج في صحيفة “الجمهورية”:
تحت عنوان: «وكالات المستقبل» تَناقَشَ المدراء التنفيذيون لثلاثٍ مِن الوكالات العالمية الرائدة في مجال الإعلان والاتصالات والتسويق، في إطار مؤتمر «عرب نت» الذي عُقِد في بيروت بدورته التاسعة. وقد طرَحوا مستقبلَ قطاع التواصل في ضوء التطوّر التكنولوجي.
تّفقَ كلٌّ مِن الرئيسة التنفيذية في وكالة «PHD» إلدا شقير، والرئيس التنفيذي في وكالة «Group M» فيليب جبّور، والمدير التنفيذي في وكالة «MCN» جورج جبّور على أنّ التطور التكنولوجي غيَّر وَجه عالم التواصل، داعينَ العاملين في المجال إلى التأقلم مع التغيير وإيجادِ الحلول للتحدّيات التي يطرحها.
إلدا شقير
على هامش ورشة العمل أكّدت شقير في حديث لـ«الجمهورية» أنّ «التكنولوجيا تُغيّر طريقة عيشِنا، كيف نتكلم، ونتعلّم، ونعمل، ونشتري، ونُقرّر، حتّى إنّها غيّرَت مرجعيتنا في الكثير من المواقف.
كما بدَّلت طريقة العمل في الكثير من القطاعات، حتّى إنّ شركات باتت تنشأ عبر الإنترنت وفي العالم الافتراضي، فلا تتطلب رؤوسَ أموال ضخمة كما في السابق». وأوضَحت: «التغيير لا يطال قطاع الاتصالات وحسب بل كلَّ أوجهِ الحياة بفِعل التطور التكنولوجي، وعلى كلّ شخص أن يتأقلم ويُغيّر بطريقةِ عملِه بما يتماشى مع مجاله».
ولفتَت إلى أنّ قطاع الإعلانات اليوم لا يسعى إلى استهداف جمهورِ الصحفِ والتلفزيون فقط، بل أيضاً روّاد المواقع الالكترونية المختلفة. أمّا بالنسبة لقطاع الاتصالات فشدَّدت على أنه سيتغيّر أيضاً ولن ينقرض، وأضافت: «سيبقى الناس يشاهدون التلفزيون، ويسمعون الراديو، ويقرأون المقالات والتحقيقات والأخبار ولكنْ بطريقة مختلفة، ومِن هنا أهمّية تأقلمِ كلّ وسيلة اتّصال مع التغيير لتبقى موجودة».
ورأت أنّ «التحدي يَكمن بجذبِ انتباه المستهلك، الذي تشتّتَ بفِعل عددِ وسائل التواصل الكثيرة»، مؤكّدةً أنْ «ليس الحلّ بصبّ المعلِنين اهتمامهم على وسيلة واحدة مِثل «فايسبوك» وقتلِ الوسائل الأخرى، بل بالقدرة على اجتذابِ نظرِ المستهلك في أيّ وسيلة، وفي أيّ لحظة لإعطائه المعلومة التي يريدها في الوقتِ الذي يريد، علماً أنّ لكلّ وسيلة خصوصيتَها». وتضيف: «لم يعد هناك وسيلة واحدة توصِل المعلومة».
جورج جبّور
من جهته، يؤكّد جورج جبّور في حديث لـ«الجمهورية» صعوبة الوصول إلى المستهلك اليوم، ويَشرح: «في الماضي كان الجميع كباراً وصغاراً يشاهدون محطة تلفزيونية واحدة لا وجود لسواها وذلك في غرفة واحدة.
وضعُ إعلانٍ في مسلسل على هذه المحطة يصل إلى جميع الناس. بينما اليوم ففي البيت الواحد وفي لحظة واحدة نجد من يراقب وسائلَ التواصل الاجتماعي ومَن يشاهد التلفزيون ومن يقرأ موقعاً إخبارياً… فكيف نطال الناسَ في التوزّع المتشعّب لوسائل التواصل؟».
أمّا عن التحدّيات المادية التي تواجه وسائلَ الإعلام، فيعود ذلك بحسب الرئيس التنفيذي لوكالة MCN إلى توزّعِ المعلنين على أكثر من وسيلة ومنها تلك الموجودة على الانترنت.
ويلفت إلى أنّ «الناس مثلاً لم يعودوا ينتظرون برنامجاً تلفزيونياً ليشاهدوه إذ بات بإمكانهم متابعته في أيّ وقت على الانترنت، وبالتالي لم يعد الإعلان يُعرَض على التلفزيون فقط، بل أيضاً على يوتيوب… ولم يعودوا ينتظرون الساعة الثامنة لقراءة الجريدة في الصباح ومعرفة الأخبار من خلالها، بل يمكنهم استقاء الأخبار في أيّ وقت، ما أثّرَ على المدخول الأساسي لوسائل الإعلام».
وفي إطار الإعلام المكتوب يشدّد على أنّ «الصحافة لا يمكن أن تموت، فالورق قد يتأثّر بأزمة ولكنّ الصحافي لا يتأثر، إذ ينتقل ليكتبَ عبر الوسائل الرقمية».
واعتبَر جورج جبّور أنّ «التحدّي الأكبر اليوم يَكمن في كيفية التأقلم مع دخول الانترنت كوسيلة تواصلٍ حديثة إلى عالمنا ، ما يحتاج وقتاً».
ويرى أنّ «الصحفَ التي أقفِلت وصَلت إلى هذه المرحلة لأنّها لم تُجِد التأقلم مع التغيير، وليس لأنّ التحديات الحديثة قتَلتها فِعلاً». ويضيف: إذا لم تُطوّر الصحافة الورقية نفسَها تختفي، تبعاً للمَثل الإنكليزي القائل: Adapt or die.
ويضيف: «الصحيفة لم تعُد وسيلة لأعرفَ الخبر منها، لأنّ الخبر بات يصل بطرقٍ متعدّدة قبل موعد صدور الصحيفة، وإذا قرّرتُ أن أشتري صحيفة فيجب أن تحملَ سبباً يَدفعني لذلك، وأبرزُ الأسباب قد يكون تضَمُّنُها معلوماتٍ مهمّة وخاصة، بالإضافة إلى عملها على تطوير شكلِها».
وعن الموقع الالكتروني لأيّ صحيفة، يشير إلى «أهمّية أن لا يكتفي بنقلِ الأخبار التي طبِعت على الورق، بل يجب أن يقدّم سهولة في الوصول إلى الخبر ويحاكي جمهورَ المواقع الإلكترونية الذي يختلف عن جمهور الجريدة بالعمر والتفكير… فيقدّم شكلاً ومضموناً مختلفاً عن الجريدة».
فيليب جبور
ويضمّ الرئيس التنفيذي لوكالة «Group M» فيليب جبّور صوتَه إلى زملائه، فيرى أنّ «التطوّر التكنولوجي لا يمكن أن يؤثّر سلباً وبشكلٍ كبير على وسائل الإعلام كلّما استثمرَت في تطوير نفسِها لتُجاري التطوّر».
ويلفت في حديثه لـ«الجمهورية» إلى أنّ «الصُحف والمجلّات جارَت العصرَ بخلقِ مواقع وتطبيقات لها على الانترنت بالإضافة إلى طباعة الورق». ويضيف: «لم تمُت الجريدة والمجلة لأنّهما دخلتا منظومة جديدة وحاكتا اتجاهات المستهلكين، وبات من يشتري الورقَ يَفعل ذلك لسبب معيّن». ويوضح «الوسائل التي تتأثّر بشكل كبير هي التي لا تفعل شيئاً لمجاراة تغيّراتِ العصر، وتتأمّل بأنّ الأمور ستعود إلى الوراء».
وبالنسبة للإعلانات، أكّد فيليب جبّور أنّ وسائل عرضِها تغيّرَت وباتت تظهَر على الانترنت، إلّا أنّ مفعولها وتأثيرَها لا يتغيّر أكانَ عبر فايسبوك أو التلفزيون أو الصُحف طالما إنّها تسعى لمخاطبة الجمهور بمضمون جذّاب. ورأى أنّ تأثير الإعلانات يَكبر عندما تكثرُ الوسائل والوسائط التي تنقلها ولكنْ بنَواحٍ جديدة تُحاكي التطوّر التكنولوجي.
ففي الماضي كان الإعلان عبر يافطةٍ تُنشَر على الطريق أو على التلفزيون خلال برنامج أو في الجريدة أمّا اليوم فتقدّم المواقع الرقمية إمكانية التفاعلِ بين مبتكِر الإعلان والشركة المعلنة للمنتج والجمهور. وأكّد أنّ «الاعلان الناجح هو الذي يؤثّر بالمستهلك، ويصله دون أن يزعجَه ليقدّم له حلولاً لم يكن ينتظرها».
لمحة عن المؤتمر
يُذكر أنّ هذا المؤتمر ضمَّ أكثرَ مِن ورشة عمل تطرّقَ معظمُها إلى الوسائل الحديثة في قطاع التواصل، مِن إنترنت و«ديجيتال» و«أونلاين» على صعيد لبنان والعالم، والتحدّيات التي تطرحُها وكيفية التطوّر لمواكبتها.
كما سلّط الضوء على الفرَص المتاحة في قطاع الإعلام الرقمي. وجَمع المؤتمر عدداً كبيراً من الاختصاصيين العاملين في مجال التواصل في لبنان والمنطقة لسماعِ مشكلاتهم وبحثِ التطورات الطارئة على طبيعة عملِهم، بفِعل التطور التكنولوجي في العالم، فتبادلوا الأفكارَ والخبرات والمعلومات، محاوِلين إيجادَ الحلول للتحدّيات.