كتبت بولا أسطيح في صحيفة “الشرق الأوسط”:
بدأت ملامح الكثير من اللوائح الانتخابية في لبنان تتضح بعد توصل «التيار الوطني الحر» المؤيد للرئيس ميشال عون، وتيار «المستقبل» الذي يرأسه رئيس الحكومة سعد الحريري، إلى تفاهم نهائي قبل يومين على خوض الانتخابات النيابية المقبلة معاً في معظم الدوائر. فبعدما حُسمت أسماء مرشحي الثنائي المسيحي – السني في محافظة عكار الشمالية، أُفيد، أمس، باكتمال اللائحة التي سيخوضان بها معركة زحلة ولائحة البقاع الغربي – راشيا.
إلا أن اللافت هو بقاء «القوات اللبنانية» التي كانت تشارك في المفاوضات الثلاثية إلى جانب «الوطني الحر» و«المستقبل»، خارج إطار لوائح الثنائي في معظم الدوائر الانتخابية. وهو ما أكدته مصادر قيادية في «الوطني الحر» لـ«الشرق الأوسط»، لافتة إلى أنه حسم أمر خوض الانتخابات مع «المستقبل» من دون «القوات» في عكار وزحلة والبقاع الغربي ودائرة الشمال الثالثة (البترون- بشري- الكورة- زغرتا) إضافة إلى دائرة صيدا – جزين الجنوبية، لافتة إلى أن موضوع بيروت والشوف – عاليه لم يُحسم بعد تماماً.
في المقابل، لا يزال حزب «القوات» يؤكد أن كل ما يُحكى عن تحالفات نهائية «أمر غير دقيق»، مشدداً على أن «الأمور مفتوحة ولم تنته بعد». وفي هذا الإطار، أكدت مصادر قواتية لـ«الشرق الأوسط»، أن «الأبواب لا تزال مفتوحة والنقاشات قائمة مع (الوطني الحر) و(المستقبل)، ونحن ندفع باتجاه الحسم السريع كي نبني على الشيء مقتضاه. فإذا لم نخض المعركة معهما فلدينا الكثير من الخيارات الأخرى المؤجلة حتى الساعة». ورجحت المصادر أن «تتضح الصورة نهائياً بخصوص التحالف مع الثنائي المذكور أو عدمه خلال الأيام الـ4 المقبلة كحد أقصى، وإن كان قد حُسم موضوع عدم التحالف في دوائر محددة» لم تحددها المصادر، التي أضافت: «ما يحصل أن كل طرف يقيّم الأمور لتبيان أين مصلحته السياسية والانتخابية ضمن كل دائرة، والأمور لا تزال قيد الدرس».
وبدأت «القوات» في الدوائر التي حُسم فيها موضوع خوضها الانتخابات خارج إطار لوائح الثنائي «الوطني الحر» – «المستقبل» بالبحث في الخيارات البديلة المتاحة، وهو ما لمّح إليه بصراحة مستشار رئيس حزب «القوات» العميد المتقاعد وهبي قاطيشا، المرشح أيضاً لخوض الانتخابات في محافظة عكار، والذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «لقد سمعنا أن (الوطني الحر) و(المستقبل) قررا خوض الانتخابات جنباً إلى جنب في عكار، ونحن سنخوض المعركة إلى جانب من يشبهنا بنظرته إلى الدولة لا الدويلة، ومن يؤيدنا بسعينا لأفضل العلاقات مع العالم العربي، ومن يدعمنا بثورتنا بوجه الفساد والسماسرة»، لافتاً إلى احتمال خوض المعركة في عكار إلى جانب اللواء أشرف ريفي، والنائب خالد الضاهر، مؤكداً أنه لا فيتو لدى «القوات» على أحد.
وردّ قاطيشا فشل التفاهم الانتخابي مع «المستقبل» و«الوطني الحر»، أقله في عكار، إلى «كوننا متشددين حين يتعلق الأمر بمبادئنا ولا نساوم، ونرفض تغطية الدويلة»، موضحاً أن المفاوضات كانت تطال المبادئ والمقاعد على حد سواء. وأضاف: «لا يظنن أحد أنه قادر على استبعاد ومحاصرة (القوات)، فوفق القانون النسبي، لا أحد قادراً على الاسئثار بالتمثيل، ونقول لهم إننا نعدّ لهم المفاجآت في عكار».
كانت علاقة «القوات» بتيار «المستقبل» قد ساءت بعد تقديم رئيس الحكومة سعد الحريري استقالته وتوجيهه أصابع الاتهام إلى الحزب الذي يرأسه سمير جعجع بالتحرك بما لا يخدم مصلحته ومصلحة «المستقبل». كذلك انعكس ذلك على علاقة «القوات» مع «الوطني الحر» التي بدأت تسوء تباعاً نتيجة خلافات على كثير من الملفات الحكومية وأبرزها ملفا الكهرباء وتلفزيون لبنان، وهي ملفات لا تزال «نزاعية» بين الطرفين.