كتبت جويل رياشي في صحيفة “الأنباء” الكويتية:
يطل شهر اذار حاملا في جعبته نشاطات وفعاليات عديدة ومتنوعة احتفالا بالفرانكوفونية والقيم التي تمثلها.
ولا يخفى على احد ان لبنان هو الاكثر فرانكوفونية بين جيرانه، وهذا ما اكده المدير الاقليمي للوكالة الجامعية الفرانكوفونية في الشرق الاوسط ايرفيه سابوران لـ«الأنباء» في حديث تمحور حول وضع الفرانكوفونية عموما ونشاطات الوكالة في الشرق الاوسط حيث هي موجودة منذ العام 1993 للترويج لفرانكوفونية جامعية قائمة على التضامن وملتزمة مرافقة الجامعات الاعضاء فيها بتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمجتمعات.
فيما يلي نص الحوار:
ماذا تمثل الفرانكوفونية في العالم اليوم خصوصا بالمقارنة مع الانغلوفونية؟
٭ اذا أردنا مقاربة الموضوع من حيث استخدام اللغة الفرنسية، لا يخفى على احد اننا نشهد حاليا على توسع هائل للغة الانجليزية التي اصبحت لغة التواصل الأولى عالميا، في حين تعاني اللغة الفرنسية نوعا من الركود باستثناء بعض مواضع القوة في افريقيا، ولكن التوقعات للمستقبل متفائلة، خصوصا اذا ما نظرنا الى التطور الديموغرافي في افريقيا، وتذهب هذه التوقعات حد الاعتقاد بتزايد مهم في نسبة المتكلمين باللغة الفرنسية في العشرين او الثلاثين سنة المقبلة.
ولكن الموضوع يجب الا يقارب بهذه الطريقة: الفرانكوفونية ليست فقط في تعزيز اللغة الفرنسية وعدد المتكلمين بها، هي اولا مساحة لترويج قيم كونية جامعة تدور حول الانسان، واعتقد انه في هذا المجال تحتل الفرانكوفونية مكانة غالبة، وهي مرجعية عالمية في هذا المجال، ويشمل ذلك الاشخاص الذين لا يتحدثون الفرنسية.. والفرانكوفونية هي ايضا خبرات ومهارات، وهذه الرسالة التي تحملها الوكالة الجامعية الفرانكوفونية منذ اكثر من سنتين: ان تقول للعالم وخصوصا الشباب انه بإمكانهم ان يجدوا أنفسهم من خلال التعلم والمهارات والخبرات في المساحة الفرانكوفونية تماما كما في المجتمعات الاخرى، واكبر مثال على ذلك الخبرات في المجال الرقمي التي قد تكون الفرانكوفونية متقدمة فيها اكثر من غيرها.
في الشرق الاوسط، اي مكانة للفرانكوفونية، وهل لبنان هو البلد الاكثر فرانكوفونية في المنطقة؟
٭ طبعا هو كذلك، ولهذا السبب اختارت الوكالة الجامعية الفرانكوفونية ان يكون مكتبها الاقليمي في بيروت. من ناحية اللغة، لبنان هو الاول. ولكن أبعد من ذلك، لبنان يحمل رسالة الفرانكوفونية اينما يحل اللبنانيون. هم دائما يبرزون اللغة الفرنسية في البلدان التي يقيمون فيها ويعتبرونها لغتهم.
وردا على الشق الاول من السؤال، لا شك ان منطقة الشرق الاوسط هي الاكثر حاجة للرسائل التي تحملها الفرانكوفونية والقيم التي نعمل على تعزيزها، من تعدد اللغات الى التنوع الثقافي الى القيم الانسانية.
ماذا تقدم شبكة الوكالة الجامعية الفرانكوفونية للجامعات المنضوية تحت لوائها؟
٭ في الجمعية العمومية التي عقدت السنة الماضية في مراكش، والتي تتقرر خلالها استراتيجية العمل للسنوات الاربع المقبلة، تم الاتفاق على ثلاثة محاور عمل هي في الحقيقة ثلاثة تحديات يواجهها قطاع التعليم العالي والبحث، وهي: تحدي الجودة، تحدي قابلية التوظيف، والتحدي الثالث هو مساعدة الجامعات في ان تصبح فاعلة في التطور الاقتصادي والاجتماعي في مجتمعاتها.
الوكالة من خلال مشاريعها، تساعد الجامعات على التموضع الافضل في هذا العالم المعقد والذي يتطور بسرعة هائلة. وأشدد هنا على كلمة «تساعد»، لأن وظيفتنا ان نساعد ونرافق لا ان ننتج مكان الجامعات.
ما المعايير المعتمدة لكي تصبح جامعة عضوة في وكالتكم، هل تذهبون انتم الى الجامعات ام هي التي تأتي اليكم؟
٭ غالبا ما تأتي هي الينا، وتجدر الاشارة الى ان هناك ثلاثة انواع من الاعضاء: الاعضاء الفخريون (اي الجامعات الفرانكوفونية تماما كالجامعة اللبنانية او جامعة القديس يوسف)، الاعضاء المنتسبون (اي الجامعات الفرانكوفونية جزئيا كجامعة البلمند مثلا) والاعضاء المراقبون (بقية الاعضاء).
العضو المراقب استحدث اخيرا وهو وسيلة لتقريب المسافات بيننا وبين الجامعات غير الفرانكوفونية الراغبة في تحقيق مشروع ذي بعد فرانكوفوني، مع العلم ان الاعضاء ليسوا فقط جامعات بل هناك ايضا مراكز بحث كالمجلس الوطني للبحوث العلمية مثلا.
ماذا عن الجامعات «الدكاكين» التي فرخت في لبنان في السنوات الماضية؟
٭ ليست عضوة في الوكالة، بكل ببساطة. هناك في لبنان نحو 47 جامعة، وفقط 15 منها منضوية في الوكالة. قد يصل العدد الى العشرين ولكن ليس بطريقة عشوائية.
ماذا عن دول الخليج العربي؟
٭ تشكل تحديا مهما بالنسبة للوكالة الجامعية الفرانكوفونية لأننا نعرف ان لديها امكانيات. هناك في الخليج العربي جامعات، بغالبيتها شابة وطموحة، ترغب في ان يكون لها حضور دولي.
لدينا حتى اليوم عضوان في الخليج: جامعة السوربون في ابوظبي وجامعة نورة السعودية التي انتسبت حديثا.
وفي الكويت نحن على تواصل مع ثلاث جامعات هي: جامعة الكويت، وجامعة الخليج للعلوم والتكنولوجيا، والجامعة المفتوحة (للتعليم من بعد) وهي كلها مؤسسات تعليمية مثيرة للاهتمام وترغب في التقرب من وكالتنا، ونحن ايضا لدينا ملء الرغبة في ضمها.
وكذلك نحن على اتصال بجامعات بحرينية. باختصار هناك نوع من النهضة الخليجية نحو الفرانكوفونية، واستحداث العضو المراقب سيسهل الامر.
كيف تحتفلون بشهر الفرانكوفونية؟
٭ قد يكون لبنان البلد الوحيد الذي يحتفل بالفرانكوفونية على مدى شهر كامل (طوال شهر مارس)، وهذه عادة سنوية جميلة تسمح للفرانكوفونية ان تسلط الضوء على قيمها وتجاربها ومهاراتها.
وأود الاشارة هنا الى ان الفرانكوفونية ليست فقط علاقة لبنان وفرنسا بل هي العلاقة مع كل الدول الفرانكوفونية (سويسرا، كندا، بلجيكا، تونس، المغرب، ساحل العاج..). قد نكون مقصرين في تبيان ذلك ولكن الاحتفال بشهر الفرانكوفونية هو الاحتفال بالتنوع ايضا.
اما فيما يتعلق بنشاطاتنا لهذه السنة بالتعاون مع الجامعات فهي عديدة وليست محصورة فقط ببيروت، وأبرزها: البطولة الدولية للمناظرة الفرانكوفونية في جامعة القديس يوسف التي ستشهد مباراة في المناظرة والفصاحة بمشاركة طلاب فرانكوفونيين حضروا خصيصا من آسيا وأوروبا وأفريقيا والشرق الأوسط للتنافس تحت ألوان بلادهم، مساهمين في الوقت نفسه في إشعاع لغة موليير انطلاقا من بيروت.
وفي اطار ندوة دولية في جامعة الروح القدس الكسليك: «العيش المشترك وحياد الدولة: تحدي التطرف، الانغلاق على الهوية والاضطرابات العالمية»، سأقدم محاضرة بعنوان «العيش المشترك: القيم والتحديات الملازمة لفسحتنا الفرانكوفونية».
وهناك أيضا النسخة الثانية للمسابقة الجامعية حول الوساطة، وندوة دولية حول «تعدد اللغات في التعليم» ينظمها المعهد العالي للدكتوراه في الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية التابع للجامعة اللبنانية والاتحاد الدولي لأساتذة اللغة الفرنسية، وندوة دولية حول «المعجمية في خدمة المترجم، الوضع الحالي والآفاق المستقبلية» في جامعة الجنان في طرابلس.
وكذلك ينظم مكتب الوكالة الجامعية للفرانكوفونية في الشرق الأوسط و«وكالة العمل لنشر اللغة الفرنسية الخاصة بالأعمال» والمعهد الفرنسي في لبنان ومعهد باسل فليحان المالي النسخة اللبنانية لمباراة «كلمة الفرانكوفونية الذهبية».
هذه المباراة ترمي إلى نشر استعمال اللغة الفرنسية في قطاع الأعمال، الى نشاطات عديدة اخرى موجودة تفاصيلها على موقعنا الالكتروني وصفحاتنا على مواقع التواصل الاجتماعي.