تشير المعلومات حول تقدّم العمل في اللجنة الوزارية المكلفة بحث مشروع موازنة 2018، الى نعقيدات وصعوبات لا يمكن تجاوزها، بما يوحي ان مهمة خفض العجز ستكون شبه مستحيلة، بالاضافة الى ظهور تجاذبات على خلفية اتهامات متبادلة باستهداف وزارات لحسابات سياسية.
ترأس رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري أمس في السراي اجتماعا للجنة الوزارية لدراسة مشروع قانون موازنة 2018 حضره نائب رئيس الحكومة وزير الصحة غسان حاصباني والوزراء علي حسن خليل، محمد فنيش، ميشال فرعون، أيمن شقير، رائد خوري، يوسف فينيانوس والأمين العام لمجلس الوزراء فؤاد فليفل.
بعد الاجتماع، أوضح الخليل أن «البحث اليوم تناول الأرقام بشكل عام، حيث حددنا بشكل دقيق حجم الزيادات على الإنفاق التي حصلت بين العامين 2017 و2018، بما فيها الزيادة بكلفة الدين».
وقال: «لقد وضعت الوزراء في جو مخاطر الإبقاء على نفس الأرقام والحاجة إلى مقاربة مختلفة تماما تجعل نسبة العجز قريبة مما كانت عليه في العام الماضي، وأن تبقى نسبة الدين والعجز إلى الناتج المحلي كما كانت عليه في العام الماضي أيضا، خاصة وأن الأرقام القائمة حاليا فيها زيادة بشكل كبير».
وردا على سؤال بشأن تخفيض موازنات الوزارات بنسبة 20%، قال: «هذا الأمر متفقون عليه، ولكنه لا يكفي وحده أبدا».
وسئل: أين هي الصعوبات حاليا؟
فأجاب: «الصعوبات موجودة في أكثر من مكان، وهي في الأمور البنيوية التقليدية الحاصلة. ولكن حتى الآن لم ندخل في موازنات الوزارات، تركنا هذا الأمر إلى الغد، واليوم تركز البحث حول الأرقام العامة».
حاصباني
اعتبر نائب رئيس الحكومة وزير الصحة غسان حاصباني ان مداولات اللجنة الوزارية الملكفة بحث مشروع موازنة 2018 تركّز على خفض الارقام ولو بنسب بسيطة، مؤكدا ان ترشيق الانفاق في الوزارات ممكن من خلال مراجعة موازنات هذه الوزارات في العام 2017، وبحث أسباب ارتفاع الانفاق وامكانية خفضه ليكون كما كان في العام الماضي.
وكشف لـ«الجمهورية» ان الارتفاع الكبير في الانفاق يعود الى كلفة سلسلة الرتب والرواتب، والتي تبين انها مرتفعة اكثر من التقديرات السابقة. وبالتالي، هناك مشكلة على هذا الصعيد.
ورأى حاصباني ان من الضروري التركيز على المصاريف الكبرى، وهذا يقودنا الى ضرورة الذهاب في اتجاه الخصخصة والشراكة مع القطاع الخاص. هذا التوجه يضخ اموالا اضافية في الخزينة وفي الاقتصاد، ويخفف عن الدولة العجز الذي تتسبب به بعض القطاعات.
وردا على سؤال عمّا اذا كانت الافكار التي يتم تداولها حاليا في اللجنة الوزارية يمكن ان تؤدي الى خفض مهم في مشروع الموازنة، قال حاصباني ان الخفض سيكون متواضعا، ولكنه سيشكل رسالة ايجابية الى نية الحكومة المضي في طريق المعالجات على المدى الاطول.
فرعون
الى ذلك، قالت اوساط مقربة من وزير الدولة لشؤون مجلس النواب ميشال فرعون ان هناك صعوبة في ان تنجح اللجنة الوزارية المكلفة بحث خفض ارقام الموازنة في مهمتها، على اعتبار ان التراكمات الانفاقية كبيرة، ولا يمكن اجراء خفض فعلي في مهلة زمنية قصيرة.
ويرى فرعون ان غياب الموازنة طوال السنوات الماضية أوجد أزمة انفاقية مزمنة، ومن الصعب تحقيق خفوضات اساسية من خلال خفض موازنات الوزارات، فالأمر يتطلب اكثر من ذلك.
وعلمت «الجمهورية» انه جرى استعراض بعض الافكار لزيادة الايرادات في الموازنة، من ضمنها رفع بعض التعرفات الجمركية، او رفع تدريجي لتعرفة الكهرباء، لكن كل هذه المقترحات لا تزال قيد البحث، ولم يتم التوافق على اي منها.
وفي الاجواء، ان عملية تجاذب تجري بين الوزراء، على اعتبار ان كل وزير يحاول التملّص من خفض موازنة وزارته. كما ان التجاذبات تتخذ الطابع السياسي، بحيث ان كل فريق سياسي يحاول حماية الحقائب المحسوبة عليه، بالاضافة الى شعور بعض الاطراف ان وزاراتهم مستهدفة اكثر من سواها.
خوري
وكان وزير الإقتصاد رائد خوري قد اشار إلى أن «أهم الإصلاحات لخفض العجز في موازنة 2018 تتعلق في قطاع الكهرباء ووقف التوظيف في الدولة وخفض المكافآت في القطاع العام وتحفيز الصادرات وإعفاء الضرائب عن القطاعات المنتجة»، مشيراً الى «اننا نتعاطف مع الموظفين ولكن قدرة الدولة اليوم لا تسمح بدفع حق الكلفة الغالية أو قد نضطر الى زيادة الضرائب».
فنيانوس
من جهته، اعتبر وزير الاشغال العامة يوسف فنيانوس انه يجب على الحكومة أن تأخذ قرارات صعبة إذا كانت تريد إقرار الموازنة. وراى ان «اساس مؤتمر باريس هو انفاق اكثر على البنى التحتية، فكيف نحسم عشرين بالمئة من موازنة الوزارة؟ ولكن اذا كان هناك من ضرورة للتخفيض فلا مانع، ولكن لا يحق لأحد ان يطلب مني اي شيء».