كتبت صحيفة “الأنباء” الكويتية:
في آخر خطاب ألقاه أمين عام “حزب الله” السيد حسن نصرالله قبل أيام، كان لافتا أنه ركز على دائرة بعلبك – الهرمل من دون غيرها من الدوائر ذات الأكثرية الشيعية، الى درجة أعطى انطباعا أن هذه الدائرة مستهدفة وأن المعركة فيها تكاد تكون دولية – إقليمية على خلفية «مؤامراتية».
ومما قاله السيد نصرالله: «كل عنوان المعركة الانتخابية المقبلة عند الأميركان وعند بعض القوى السياسية وعند آخرين أن العين هي بالتحديد على حزب الله في هذه الانتخابات، ولأن دائرة بعلبك – الهرمل تعني لحزب الله ما تعني وحزب الله يعني لها ما يعني، يريدون أن يعطوا جهدا خاصا لهذه الدائرة.
في مكان ما لا يحتاج الأمر إلى اختراع بطولات وهمية، يوجد بعض الناس يقولون نحن سنخرق ببعلبك الهرمل.
ولكن في القانون النسبي أي لائحة تحصل على الحاصل الانتخابي ستأخذ نائبا وهذا الأمر طبيعي وهذا ليس خرقا ومن الآن أنا أقولها.
دائرة بعلبك الهرمل هي من بين الدوائر القليلة التي ستكون محط الأنظار».
حسم حزب الله خياراته وتحالفاته مع المرشحين الآخرين في دائرة بعلبك – الهرمل، بإعلان نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم أسماء الحلفاء بعدما كانت استقرت بورصة الترشيحات على التحالف مع اللواء جميل السيد بدلا من النائب عاصم قانصوه، إضافة الى تحالفه الثابت مع حركة «أمل» التي أعلنت ترشيحها الوزير غازي زعيتر، وأبقى الحزب على النائب الحالي الوليد سكرية عن أحد المقاعد السنية، فيما رشح عضو بلدية بعلبك يونس الرفاعي عن المقعد السني الثاني ممثلا لـ «جمعية المشاريع الإسلامية».
كذلك أعلن قاسم تحالف الحزب مع مرشح الحزب السوري القومي الاجتماعي الوزير السابق ألبير منصور بدلا من النائب مروان فارس، ولم يسم حزب الله أي من المرشحين عن المقعد الماروني في انتظار استكمال مشاوراته مع التيار الوطني الحر.
وترددت معلومات بأن المشاورات تدور حول بقاء النائب الحالي إميل رحمة.
وفي وقت يتم الحديث عن إمكان ترشيح النائب السابق نادر سكر ود.طارق حبشي، يسعى باتريك فخري إلى أن يكون الأوفر حظا ويقدم نفسه مرشحا للتيار الوطني الحر، غير أن الرافعة المسيحية التي يحظى بها فخري ضئيلة جدا نسبة إلى المرشحين الآخرين.
وتحتضن دائرة البقاع الشمالي حضورا وازنا لكتلة سنية معارضة، ولاسيما في عرسال وبعض قرى بعلبك وكتلة مسيحية مؤيدة للقوات اللبنانية (دير الأحمر ومنطقتها)، فضلا عن حراك ملحوظ منذ فترة لشخصيات شيعية، بعضها ليس بعيدا عن بيئة المقاومة، وإذا مضت في المعركة قد تؤثر سلبا على رصيد لائحة التحالف الثنائي.
لا ينفي ذلك وجود شخصيات مستقلة لم تحسم أمر ترشحها، حتى الآن، كالرئيس حسين الحسيني ويحيى شمص.
إن تقصد نصرالله الحديث عن دائرة بعلبك – الهرمل يعود إلى أن منافسي الحزب من قوى حزبية وسياسية وعائلية ورموز من المجتمع المدني، يسعون إلى تجميع صفوفهم في لائحة واحدة، على غرار ما فعلوه في الانتخابات البلدية في بعلبك، واستطاعوا نيل أكثر من 45% من الأصوات، ما يعني أنهم إذا تمكنوا من حصد أقل من تلك النسبة بقليل، يستطيعون خرق لائحة الثنائي الشيعي بمقعدين أو أكثر.
وهناك عامل آخر قد يلعب دوره، هو التململ الذي لقيه اختيار الحزب بعض مرشحيه متجاوزا تمثيل العائلات التقليدية، إضافة إلى الاحتجاج الذي تسبب به اختياره مرشحين من خارج مناطقهم، مثل المرشح الشيعي في دائرة كسروان ـ جبيل، وهذا قد يدفع إلى تعدد اللوائح وبالتالي تشتيت الأصوات، لاسيما التفضيلية منها.
هذا بينما يثق مرشحو الحزب بقدرته على إدارة توزيع الأصوات التفضيلية.
ويذهب بعض الأوساط إلى تشبيه اضطرار الحزب إلى تبني ترشيح بعض الأسماء، بأنهم «ثقالات» عليه وعلى غيره.
وقد يسهل ذلك لفئة من المقترعين أن يعرضوا عن تأييد لوائح درجت العادة أن يصوتوا لها لأسباب تتعلق بالانتماء المذهبي والسياسي.
يمكن الاستنتاج أن خطاب السيد نصرالله كان موجها لبيئة الحزب، سعيا لامتصاص حالة التململ المتصاعدة، وعلم أن الرئيس نبيه بري خصص أخيرا اجتماعا لقيادات حركة «أمل» في البقاع للتأكيد على ضرورة التحشيد لمصلحة مرشح الحركة الوزير غازي زعيتر في مواجهة أي خرق محتمل في هذه الدائرة.
ولذلك، فإن نصرالله سيكثر من إطلالاته التلفزيونية وخطاباته لاستدراك ما يمكن أن يخفض من نسبة المقترعين للوائحه، ولتعويض التململ بشد عصب الجمهور الشيعي إلى جانبه.