في الوقت الذي كان الجميع فيه منشغلا بالإدعاءات الإسرائيلية في شأن النفط والغاز، كان الاسرائيليون وعلى مختلف المستويات العسكرية والسياسية والديبلوماسية والاعلامية يواصلون الحديث عن الحرب المقبلة على لبنان وتحديدا ضد “حزب الله” وذلك على خلفية أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية زودت “حزب الله” بكم هائل من الصواريخ المتطورة. والأخطر كما يزعم الإسرائيليون أن الايرانيين يطورون قدرات “حزب الله” الصاروخية من خلال إنشاء مصانع للصواريخ في لبنان.
هذه الاتهامات الإسرائيلية لم تلق بالدرجة الأولى ردا من “حزب الله” باعتبار أن الحزب وفي حربه المستمرة مع إسرائيل يتكتم بشدة على قدراته العسكرية كعامل من عوامل إثارة الخوف والإستنفار الدائم لدى الإسرائيليين.
ولم تلق هذه الإتهامات أيضا ردا من الحكومة اللبنانية رغم انها تسكل تهديدا مباشرا للدولة اللبنانية ولكل اللبنانيين، فكان يتوجب على هذه الحكومة أن تبادر بمختلف الوسائل لسحب هذه الورقة من بازار التهديدات الإسرائيلية ولكنها لم تفعل.
لقد كان يتوجب على الحكومة اللبنانية ان تتحرى عن هذه الاتهامات الاسرائيلية، وفي حال ثبوت عدم صحتها تواجهها عندئذ بالنفي وبحملة دولية تصل الى محلس الأمن الدولي تشتكي فيها أن إسرائيل تروج لمعلومات كاذبة قد تستخدمها في عدوان جديد على لبنان.
إن من واجب الحكومة اللبنانية أن تسأل الجمهورية الإسلامية الإيرانية بالدرجة الأولى عن هذا الموضوع، لاسيما وان علاقات جيدة تربط بيروت بطهران، وان أعمالا كهذه قد يتذرع بها الإسرائيليون لخربطة أمن البلد وإثارة الشكوك حول استقراره ما يحول دون انتظام الحياة الطبيعية فيه والاستقرار الاقتصادي وعودة الاستثمارات، وهو أمر يعول عليه لبنان كثيرا في ظل الكلام عن مؤتمرات دولية لمساعدته على مواجهة أزمات متعددة.
إن إقامة مصانع للصواريخ على الأراضي اللبنانية كما يزعم الاسرائيليون، لا يجب أن يكون بالنسبة للحكومة اللبنانية عملا عاديا فتغض الطرف عنه، فهو في النهاية عمل يتجاوز كل أعراف التعاطي بين الدول ولا يجوز ان يحصل من دون معرفة وعلم السلطة المركزية، لاسيما وان الإتهامات في هذا الموضوع لا تأتي من إسرائيل فقط، بل تمتد الى دول عربية وفي مقدمها المملكة العربية السعودية التي تتهم الإيرانيين و”حزب الله” بتدريب وتطوير القدرات الصاروخية للحوثيين.
الحرب المقبلة التي يتحدث عنها الاسرائيليون، يتحدث عنها الايرانيون و”حزب الله” أيضاً، ولكن من منطلق تحرير فلسطين والصلاة في القدس، وهي في حال شنها الاسرائيليون او الايرانيون و”حزب الله” سيكون لبنان ساحة رئيسية فيها،ويأمل اللبنانيون بالدرجة الأولى ألا تحصل، وإن حصلت يأملون ان تكون الاخيرة فينهي الايرانيون و”حزب الله” وجود إسرائيل، عندها ربما ستعلم الحكومة ان لبنان شهد حربا.