كتبت ليا القزي في صحيفة “الأخبار”:
بقرارٍ من قيادة حزب الله، تحوّل الشيخ حسين زعيتر من مسؤول جبل لبنان والشمال في الحزب، الذي يعيش «خلف الأضواء»، إلى المُرشح عن قضاء جبيل الذي هوجِم لأنّه من الهرمل.
السيرة الذاتية التي أعدّها حزب الله عن الشيخ حسين زعيتر تبدأ بالتعريف بأنّه «يتحدّر من أصول جبيلية من بلدة أفقا، حيث عائلته ما زالت تسكن المنطقة حتى الآن». نشر هذه المعلومة ليس اعتباطياً، بل مقصودٌ لقطع الطريق على من «يُعاير» مُرشح حزب الله في قضاء جبيل بأنّه «غْرِيب».
ابن القصر (الهرمل)، التي وُلد فيها عام 1962، عاش في «ترحالٍ» دائم. سنة 1967، كان انتقال العائلة إلى طرابلس. بعد ثلاث سنوات، حزموا حقائبهم وانطلقوا صوب المتن الشمالي. لم يكن «رفيق» الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، يُدرك أنّه سيعود إلى هذين القضاءين عام 2004، مسؤولاً للحزب في أقضية جبل لبنان والشمال. بقيت عائلة زعيتر في المتن، حتى عام 1975، قبل أن يقفل الشيخ حسين عائداً إلى القصر إثر اندلاع الحرب الأهلية. هو أحد رجال الرعيل المؤسس للمقاومة الإسلامية. بدأ عمله مع حزب الله في البقاع، جنباً إلى جنب السيد حسن نصرالله (قبل أن يكون الأخير أميناً عاماً للحزب). «مُرتبط روحياً بشخصية (الأمين العام السابق لحزب الله الشهيد) السيد عباس الموسوي». دراساته فرضت عليه الانتقال، عام 1985، إلى إيران حيث نال إجازة في العلوم السياسية والإلهيات من الجامعة الإسلامية في قُم. ظلّ يزور الجمهورية الإسلامية، بشكل مُتقطع، ولا سيّما في تسعينيات القرن الماضي، عندما انخرط تماماً في التنظيم الحزبي. كانت «الهرمل البداية»، ليُشكَّل بعدها إلى بعلبك، ثمّ يُصبح مسؤولاً عن الوحدة الاجتماعية المركزية لحزب الله، وصولاً إلى تسلّم المنطقة الحزبية الخامسة (جبل لبنان والشمال). دور زعيتر في «الحزب» تنظيمي وليس عسكرياً. يزور «مُعسكرات المجاهدين»، في إطار عمله «التبليغي».
«شخصية مرحة، رغم الجدّية التي يُظهرها»، هكذا يصفه عارفوه. يُقابل «الإطراء» بابتسامة خجولة، ويُبدي مرونة في الحوار، رغم أنّه يُحاول أن «يوارب» أحياناً لـ«الهروب» من الجواب المُباشر عبر تقديم شرحٍ طويل. زعيتر هو ابن عائلة فقيرة، «راتبه أقلّ من 1300 دولار شهرياً». لا يملك منزلاً في البقاع، أما «بيته في ضاحية بيروت الجنوبية، فمُستأجر». الشيخ باللباس المدني، كان يواظب على ممارسة رياضة المشي على البحر في عين المريسة. إلا أنّ الظروف الأمنية، بعد حرب تموز، منعته من هذه الفُسحة. هوايات عديدة تخلّى عنها زعيتر أيضاً، كلعبة كرة القدم، لكنه لا يزال يُتابعها، ويُشجع فريق ريال مدريد. القسم الأكبر من وقته مُخصّص لحزب الله، والتحضيرات للانتخابات النيابية، فرضت أن «يُصبح الدوام 24/24». مركز زعيتر، الأساسي، في مكتب قيادة المنطقة الخامسة في الضاحية الجنوبية لبيروت، ولكنّه يزور دورياً مكتب «الحزب» في كفرسالة ــ عمشيت. ومنذ إعلان الترشيحات رسمياً، يُمكن رصده في جبيل يومياً.
يقول أحد «حلفاء» زعيتر السياسيين إنّ الشيخ «مُلمّ بتفاصيل جبيل بشكل دقيق. يعرف العائلات، وتكوين البلديات وخلافاتها، ومُطلع على حاجات الأهالي». في الانتخابات البلدية الأخيرة، ساهم في رسم المشهد في البلدات ذات الأغلبية الشيعية. حزب الله في سيرته التعريفية عن زعيتر، يصفه بأنّه «من البناة الأساسيين للعلاقة مع التيار الوطني الحرّ التي كان أهمها في الانتخابات النيابية في الـ2009، حيث نال تقدير القيادة على المساهمات الكبيرة التي قدمها للتيار في هذا المجال». المقصود هو تدريب كوادر «التيار» وماكينته على الانتخابات النيابية.
قبل أيام من إعلان المُرشحين، لم يكن زعيتر يعرف أنّه المُرشح. لماذا هو؟ حزب الله اختار «مسؤول المنطقة الخامسة، وليس اسم الشيخ حسين زعيتر»، فالمقاومة «معنية بهذه المنطقة، وبمتابعة أحوال البيئة الاجتماعية اللصيقة بها»، وهي فرصة لمتابعة «شؤون البلدات ذات الأغلبية الشيعية المُهملة، بشكل مُتعمّد».