Site icon IMLebanon

باخ يعزف الشِعر العربي بصوت ميراي معلوف ورفعت طربيه

ستتجلّى قوة التعبير المُتنوّعة بتماهٍ إلى حدّ الاندماج، والانبثاق كائن جمالي من شِعرٍ وموسيقى وأداء، لا من كذبةٍ أو طين. على خشبة مسرح فندق البستان وفي أمسية واحدة ستنسكِب هذا المساء روائع في أعين الحاضرين وأرواحهم وآذانهم. الشِعرُ العربي الحديث صوتُ معاناتنا الإنسانية مترافقاً مع موسيقى العبقري الألماني وأداء اثنين من كبار المسرح اللبناني، معاً لساعة و11 دقيقة. مُتعة نادرة، عدم قطفها خطيئة.

قصائد لجبران خليل جبران، سعيد عقل، بدر شاكر السياب، أنسي الحاج، محمود درويش، عمرو الوراق، أمين الريحاني، عبد الوهاب البياتي، يوسف الخال، أدونيس، طلال حيدر، شكسبير (السونيت)، كمال خير بك، خليل حاوي ونزار قباني، سيقرأها رفعت طربيه وميراي معلوف بأداءٍ مسرحي اعتدنا على تميّزه، على وقع موسيقى يوهان سيباستيان باخ بأنامل عازف التشيللو الروسي رومان ستورجينكو.

دفع موسيقي شعري أدائي

يُشارك رفعت طربيه وميراي معلوف للسنة الثالثة في «مهرجان البستان»، وبعد «شكسبير إن حكى» مع المسرحي الراحل جلال خوري، يُقدّم طربيه ومعلوف في «مهرجان البستان 2018-دورة باخ» أمسية موسيقية شعرية، تحت عنوان «باخ يعزف الشعر العربي»، الليلة، عند الساعة الثامنة والنصف في فندق البستان – بيت مري- المتن.

ويقول المسرحي والممثل رفعت طربيه: «حاولنا المزاوجة بين باخ والمسرح والشِعر العربي الحديث».

ويشير في حديثٍ لـ«الجمهورية» إلى «أننا سعينا لأن يُرافِق أهمَ الإبداع الألماني في الفن أهمُ الإبداع العربي في الشعر، وأن نجمع الإيقاع الشعري للقصيدة مع إيقاع موسيقى باخ، لذلك اتّجهنا إلى القصيدة الشعرية الحديثة التي يُمكننا التحكّم بإيقاعاتها».

الأمسية من إعداد وإخراج وأداء ميراي معلوف ورفعت طربيه، والعازف الروسي «المُتمكّن» حسب طربيه سيُنفِّذ ما اختاراه من موسيقى.

وعن اختيار القصائد، يشير طربيه إلى أنّه «تربطه وميراي علاقة قديمة بهؤلاء الشعراء، كما تجمعنا بعدد منهم معرفة شخصية وصداقة، فنعرف شعرهم بشكلٍ جيد، ما سهّل مهمّتنا».

وإذ يلفت إلى أنّ ملاءمة قصائد سعيد عقل مع موسيقى باخ لم تكن بالأمر السهل، يقول إنه لا يُمكن في هكذا أمسية عدم اختيار قصائد لأحد أبرز الشعراء اللبنانيين المعاصرين.

وعلى وقع موسيقى باخ وبصوتٍ وأداءٍ يتماهيان جمالاً وقوةً سيُقرأ تعريف سعيد عقل للشعر: «والكونُ، قُلْهُ رنينَ الشّعر، قُلْهُ صَدًى لكَفّ رَبّكَ إذ طَنَّت على الزَّمن ما العُمرُ؟»

دهشة الشِعر وهيبة باخ

جميع القصائد المُختارة باللغة اللفصحى، باستثناء قصيدتَي الشاعر طلال حيدر، فإحداهما باللغة المحكية والثانية باللهجة البدوية (تِتلفتين شْمال). ويلفت طربيه إلى أنّ الشعراء المُختارين يتميّزون بدفعٍ داخلي قوي يخدم اللغة المسرحية وموسيقى باخ.

فحسب طربيه، مناخ موسيقى باخ ليس رومنسياً بل تفكيرياً، فيترافق الفن مع الفكر عند المؤلف الموسيقي الألماني، وهذه قوة هذا الموسيقي العظيم. فموسيقى باخ تخدم القصائد التي تحكي عن المعاناة الإنسانية.

أمّا الموسيقى المُختارة لهذه الأمسية فهي رقصات من المتتاليات الست التي وضعها باخ لآلة التشيللو، التي يعتبرها طربيه الآلة الأقرب إلى القلب.

تستمرّ الأمسية لساعة و11 دقيقة، مُقسّمة بين طربيه ومعلوف وعازف التشيللو، من دون تقطيع القصائد إلى أصوات، وذلك كي يأخذ كلّ من القارئ والعازف «مجده» ومساحته في عمليّة الأداء، حسب طربيه. فسيقرأ كل من الممثلَين القصيدة بأكملها «للمحافظة على دهشة الشِعر وعلى هيبة باخ».

«يهمّنا في هذه الأمسية أن نوصل باخ إلى جمهور الشِعر وأن نوصل الشِعر إلى جمهور باخ. وسنجعل الناس تحلّق فكرياً وروحياً بينما أقدامُنا ثابتة على خشبة المسرح. وسيُسرّ الحاضرون بالعمل الذي سنُقدّمه الليلة»، يقول طربيه.

ويختم حديثه، مشيراً إلى أنه وبعد تقديم هذا العمل الموسيقي-الشِعري-المسرحي ضمن «مهرجان البستان» سيسعى لتقديمه، إن في لبنان أو دُول عربية بمرافقة أوركسترا فلهارمونية كاملة لا فقط التشيللو.