أكد رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد خلال ندوة في قصر الاونيسكو أعلن خلالها عن الدراسة بعنوان “نتائج الاحوال المعيشية للاسر المقيمة في لبنان المؤشرات العامة والمناطقية” أنه “من اللافت أن يطل هذا المركز البحثي ليدعونا في لحظة اشتباك معقد في المنطقة، وفي لحظة انشغال داخلي شبه كلي بالاستحقاق الانتخابي المقبل في لبنان، الى ورشة علمية لتقييم خلاصة مسح للاحوال المعيشية للاسر على امتداد المحافظات في البلاد. إن دل هذا على شيء فإنما على إيمان المركز بديمومة هذا الوطن رغم كل التحديات والصعاب، وعلى عزم على تطوير الدولة ومهماتها، وعلى ثقة وأمل بأهمية الشراكة بين مختلف قطاعات المجتمع لبناء الاستقرار الاجتماعي الذي لا ينفك عن الاستقرار السيادي الوطني السياسي في الداخل”.
ولفت رعد الى أن “هذه الدراسة الاحصائية التي بين أيديكم اليوم، تقدم اشمل واحدث الارقام والمعطيات حول الاوضاع المعيشية للاسر المقيمة في لبنان، انطلاقا من عينه ليست بسيطة شملت أكثر من ستة آلاف أسرة موزعة بين مختلف المحافظات اللبنانية، توقفت الدراسة عند خصائصها الديموغرافية وخلصت بنهاية المسح الى تقرير نتائج علمية ونسب احصائية مئوية، وشملت الوضع الاجتماعي للافراد، الوضع التعليمي والوضع الصحي للمقيمين، المسكن وخدمات المسكن والاجهزة والسلع المعمرة ووسائل النقل والوضع الاقتصادي للمقيمين والوضع الاقتصادي ومؤشرات المعيشة وخصائص ارباب الاسر، مسجلة تحت كل عنوان من هذه العناوين جملة مؤشرات مهمة وفوارق نسبية بين المحافظات من جهة والعاصمة والمناطق القريبة منها من جهة أخرى”.
وأشار الى أن “قاعدة بيانات متعددة عن الاوضاع المعيشية للاسر في لبنان يمكن استخلاصها وفق هذه الدراسة الاحصائية الشاملة، ولا شك في أنها ستكون موضع عناية واعتماد العديد من السياسات الاجتماعية الرصينة، اذا ما أراد المسؤولون في الدولة العمل بمقتضاها، خصوصا أن السياسات الاجتماعية المعاصرة بات مطلوبا منها، بإلحاح، النهوض برؤية اصلاحية جديد تغادر الدعم الانتقائي الى الرعاية الاجتماعية الشاملة”.
وأكد أنه “في منتصف آذار 2012 لحظ مؤتمر رعاه المركز الاستشاري نفسه ان خطوات الاصلاح الاجتماعي في لبنان يجب ان تبدأ بالقضايا التي تتقاطع عندها المسارات الاجتماعية والاقتصادية والمالية، مثل اصلاح النظام الضريبي، وتوسيع قاعدة القروض الانتاجية المدعومة، وزيادة حصة الاجور من الناتج وتطوير شبكات الامان وزيادة نطاقها. من شأن هذه القضايا دعم الفئات المهددة وتعزيز النمو ودعم المالية العامة في الوقت نفسه، وإذا كان لا بد من مراعاة اوضاع الخزينة العامة وحاجات النمو عند رسم سياساتنا الاجتماعية والاقتصادية، فإن على خيارات النمو وبرامج التصحيح المالي ألا تلحق ضررا بالاوضاع المعيشية للمواطنين”.
وأشار رعد الى أن “تخفيف التباين الاجتماعي مثلا لا يتعارض مع النمو، بل هو عامل من عوامل تحقيقه، وزيادة عدد المشمولين بالحماية المنظمة لا يفرط بالاستقرار المالي، بل يساعد على تقليل الهدر واصلاح النظام الضريبي ليصير أكثر انصافا للمستهلكين والمستثمرين والمنتجين، لا يعيق الانتاجية بل يحسنها. ان فاعلية البرامج الاجتماعية لا تقاس بحجمها أو بنسب موازناتها من الناتج أو من النفقات العامة، بل بقدرتها على تحقيق الاهداف الاساسية، وأي خطوة تنقلنا من منطق العطاء الريعي الى منطق التكافل والرعاية تساعد على مكافحة الفساد والزبائنية السياسية، وتزيد فاعلية الانفاق العام في تحقيق الاهداف المرسومة له”.
واعتبر أن “الدراسة الاحصائية محور نقاش هذه الورشة تسهم اسهاما اصلاحيا مهما اذا ما توافرت الارادة السياسية لوضع سياسات اجتماعية اصلاحية فعالة، وهنا تكمن أهميتها. ونأمل من الحكومة وهي تناقش اليوم بنود الموازنة العامة للعام 2018 ان تنحو هذا النحو حتى لا تأتي الموازنة نسخة مكررة من الموازنات السابقة، فنطيح مجددا الاوضاع المعيشية تحت ذريعة الحاجة الى اغراء المستثمرين او تحت ضغط خدمة الدين العام عبر ارهاق المواطنين من ذوي الدخل المحدود بذريعة الحاجة الى تقليص عجز الموازنة”.
ورأى رعد أنه “قد يكون للازمة في سوريا خلال الاعوام الفائتة تأثيرها السلبي بحسب ما يراه البعض، الا ان السياسات الناجحة هي التي تسلك المسار الانمائي الصحيح وتحتوي ولو نسبة مستطاعة من تداعيات الازمات الوافدة، بدل استخدامها تبريرا للمضي في السياسات الخاطئة.
فالازمة في سوريا اليوم دخلت مرحلة النهاية، فيما التحديات الاسرائيلية لا تزال قائمة ومتواصلة، فهل ستجد الحكومات المقبلة مبررات جديدة لاستمرار قطاع الكهرباء على ما هو من حال ترد واستنزاف، فيما الحلول العملية متاحة دوما رغم وجود ازمات ومع عدم وجودها؟”.
ورأى رعد انه “لقد آن الاوان لانتهاج سياسات واقعية منصفة تعيد الى المواطن فعلا ثقته بالدولة. لقد مضت سنتان تقريبا على حكومة استعادة الثقة، والمحصلة مراوحة واستنساخ ممجوج لسياسات زبائنية عقيمة، انسل ربما في غفلة من اصحابها قانون انتخاب جديد سيعيد خلط بعض الاوراق دون توهم. وسنرى ماذا ستسمي الحكومة الجديدة نفسها، وأي سياسات ستعتمد”.